هل تسعى حماس لإحراز قبول دولي من باب حقوق الإنسان؟

أبدت حركة حماس اهتماما واضحا في متابعة ملف حقوق الإنسان، حيث أصدرت الحركة للمرة الأولى في العاشر من الشهر من الجاري الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان بيانا دعت فيه دول العالم إلى مساندة الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه من دولة الاحتلال الإسرائيلي.

والتقى رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في اليوم التالي برئيس الهيئة الفلسطينية لحقوق الإنسان وحقوقيين تابعين لعدد من منظمات المجتمع المدني، أكد فيه التزام حماس في تحسين الأوضاع الحقوقية للمواطنين وفقا للقانون.

بالتزامن مع ذلك عقدت الحركة في الـ12 من الشهر الجاري لقاء مغلقا دعت إليه بعض الصحفيين والكتاب للحديث عن رؤية الحركة في ملف حقوق الإنسان والقضايا المرتبطة به، في حين أصدرت وزارة الأوقاف في غزة تعميما لخطباء المساجد بالحديث حول عنوان مقارنة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع الشريعة الإسلامية.

وعلى مستوى آخر كرمت حماس خلال الأسابيع الماضية عددا من الصحفيين قاموا بإجراء تحقيقات استقصائية، كشفوا من خلالها عن عمليات فساد ورشى تتم في أجهزة حكومية تديرها حماس في غزة، وأكدت الحركة أنها ستقف بجانبهم وتدعمهم في هذه المهمة.

اقرأ أيضا: هايلي تهاجم مفوضة حقوق الانسان الجديدة.. وحماس تعلّق

وسمحت حماس للطائفة المسيحية في غزة بإضاءة شجرة عيد الميلاد إيذانا ببدء موسم الاحتفال بالأعياد المسيحية.

متابعة دورية

من جانبه قال رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي النائب عن حركة حماس، يحيى موسى، إن "المجلس التشريعي يتابع بصورة دورية الأوضاع الحقوقية للمواطنين في غزة، ويقف بشكل دائم على التحديات التي تواجههم، ويتلقى المجلس التشريعي بصورة دورية تقارير منظمات حقوق الإنسان في غزة، ويمكن القول بأن الخروقات والتجاوزات التي كانت في بداية عمل المجلس التشريعي في العام 2006، قد انخفضت نسبتها بصورة كبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية".

وأضاف موسى لـ"عربي21": "لدينا في غزة جهاز قضائي مستقل يتمتع بكافة الصلاحيات الموكلة إليه وفق القانون، وتتم محاسبة المقصرين ومرتكبي المخالفات بصورة قانونية، كما أن وزارة الداخلية لديها قسم خاص بالشكاوى المقدمة ضد منتسبي الأجهزة الأمنية، ويدعم المجلس التشريعي الصحفيين في الكشف عن أي قضايا بشبهات فساد في المؤسسات الحكومية والأهلية حتى لو طالت شخصيات حكومية أو قيادية في الحركة".

تزامن اهتمام حماس بملف حقوق الإنسان في ظل مساعيها الرامية لبناء علاقات مع دول أوروبية، خصوصا بعد تصنيف المحكمة الأوروبية لها كتنظيم إرهابي، وتسعى الحركة إلى مخاطبة العالم ومن ضمنه الإسرائيليون بلغة تتسم بالدبلوماسية وتبتعد عن مصطلحات العداء والكراهية من خلال مقابلات صحفية أجرتها قيادات بارزة في الحركة مع وسائل إعلام أجنبية.

خطوات غير كافية

من جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، رائد نعيرات، إلى أن "قبول الأسرة الدولية بحركة حماس كتنظيم سياسي فلسطيني يحترم مبادئ حقوق الإنسان، لن يكون سببا كافيا في إقناع دول العالم بتغيير الصورة النمطية المأخوذة عن حماس، وهذا يعود إلى مجموعة من الأسباب من بينها إصرار الحركة على خيار الكفاح المسلح كمدخل لإنهاء الصراع ورفضها لمبدأ التفاوض مع إسرائيل".

اقرأ أيضا: واشنطن تفشل في تمرير قرارها بإدانة حماس في الأمم المتحدة

وتابع نعيرات لـ"عربي21": "بالإضافة إلى ما سبق فإن حماس قد صرحت في أكثر من مناسبة بأنها ترفض الاعتراف بالمعاهدات والمواثيق التي وقعتها منظمة التحرير مع الجانب الإسرائيلي والتي أدت إلى نشوء سلطة حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة".

ونوه نعيرات إلى أن "ازدواجية الحكم والمقاومة لدى حماس والخلط بينهما أثر بشكل كبير في فهم رؤية الحركة، وتحديدا ما يتعلق بإصدار أحكام الإعدام بحق المتخابرين مع الاحتلال وهذه مصلحة أمنية بالنسبة بها ولكنها في المقابل تضر بصورة الحركة كون العقوبات من هذا النوع لا تجد قبولا لدى الأسرة الدولية".

لم تشفع الجهود التي تبذلها حماس في متابعة ملف حقوق الإنسان، من  توجيه اتهام لها من قبل منظمة هيومان رايتس ووتش في 23 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بممارسة تعذيب ممنهج وتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية نفذتها الأجهزة الأمنية التابعة لها، حتى وصفتها بأنها أحداث ترتقي لجرائم ضد الإنسانية.

تعزيز حضورها

ولكن الناشط الحقوقي، صلاح عبد العاطي، قال: "استطاعت حماس خلال هذا العام أن تقطع شوطا كبيرا في تغيير سلوكها من تنظيم سياسي يقتصر دوره على حماية مصالحه وأهدافه، إلى تنظيم يحترم ويقدر باقي الفصائل الأخرى ومكونات الشعب الفلسطيني، وهذا ما ساهم في تعزيز حضورها في الساحة الداخلية والدولية بنسبة كبيرة مقارنة بالسنوات الأولى لحكمها لغزة".

وأضاف عبد العاطي لـ"عربي21": "هذه الجهود والإجراءات التي بذلتها حماس في متابعة ملف حقوق الإنسان حققت لها رصيد إيجابيا لدى منظمات المجتمع المدني، ونسعى في هذه المنظمات إلى اقناعها بتعزيز مفاهيم القبول بالشراكة السياسية، ومفاهيم القانون الدولي والإنساني، لتعزيز حضورها في الساحة الدولية".