هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية لا يشكل خطرا على أي طرف، بل على العكس، من شأنه أن يساعد على إرساء الاستقرار في المنطقة. وإذا تصرف الغرب باعتدال وحذر، فيمكن أن يساهم في إعادة الاستقرار إلى سوريا التي تعيش على وقع الحرب منذ ثماني سنوات. في المقابل، تعد قضية انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان أكثر تعقيدا، لكنها تتطلب أيضا تعاونا من طرف أوروبا.
وأوردت أن إعلان دونالد ترامب عن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من سوريا، فضلا عن الانسحاب الجزئي من أفغانستان، قد أثار حالة من عدم اليقين في صفوف حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين وفي إسرائيل أيضا. وتتمركز في المنطقة العشرات من القواعد العسكرية الأمريكية، مثل الخليج الفارسي وتركيا، وينطبق الأمر ذاته على القواعد الروسية.
ومن غير المعقول أن توسع موسكو وجودها العسكري خارج سوريا، لكنها قد تحاول بيع الأسلحة إلى دول مثل تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي. ومع ذلك، لا يشكل هذا الأمر تهديدا حقيقيا بالنسبة للغرب، بصرف النظر عن ملايين الدولارات التي تدرها هذه الصفقات على الخزانة الروسية غير المستقرة، بدلا من أوروبا والولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: هل يؤثر الانسحاب الأمريكي من سوريا على الدول الأوروبية؟
وأوضحت أن ردود أفعال بعض العواصم الأوروبية خلال الساعات الأخيرة بشأن قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، مبالغ فيه ولا يستجيب للواقع، وستكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر. وعلى الرغم من إعلان ترامب عن هذا القرار، إلا أن واشنطن لن تغادر الأراضي السورية بأي شكل من الأشكال. وتعد إسرائيل من بين أكثر الأطراف التي بالغت في رد فعلها، حيث تقول بعض وسائل الإعلام العبرية إن الولايات المتحدة أدارت ظهرها لإسرائيل بإعلانها الانسحاب من شمال شرق سوريا.
وأضافت الصحيفة أن وجود القوات الأمريكية في كردستان السورية كان مؤقتا منذ البداية، إذ لم يكن الرئيس باراك أوباما ولا حتى خلفه يفكران أبدا في الحفاظ على وجود أمريكي دائم في هذه المحافظة. وتكمن أبرز الأسباب التي بررت تدخل موسكو في سوريا بالتحديد، في أن تنظيم الدولة ضم إلى صفوفه جهاديين من مناطق مختلفة من روسيا والاتحاد السوفيتي سابقا، والذين عادوا إلى بلدانهم الأصلية وكانوا على استعداد لتعزيز العمليات الجهادية ضد موسكو. ولا يزال هذا الخطر قائما إلى حد الآن، لكنه قلّ مقارنة بالفترة التي بلغ فيها تنظيم الدولة ذروته.
ومنذ سنة 2011، خلق الصراع السوري عددا لا يحصى من المشاكل في الشرق الأوسط وأوروبا، وكانت إحداها مشكلة جنوب كردستان، التي لم توليها أنقرة اهتماما إلا بعد فوات الأوان. ومن المهم جدا أن تعود هذه المنطقة، حيث تتواجد القوات الأمريكية والأوروبية، إلى سوريا في أسرع وقت ممكن لتوسيع نطاق الاستقرار وتهدئة مخاوف تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن أكراد سوريا يسيطرون اليوم على جزء مهم من الأراضي السورية، لكن من الضروري أن يعود هؤلاء إلى التكيف مع سوريا. ولا شك في أن منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا لا تشكل خطرا إرهابيا، كما يعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولكن من الطبيعي أن يكون قلقا بشأن العلاقات التي تربط الأكراد بحزب العمال الكردستاني في تركيا.
اقرأ أيضا: صحيفة: لماذا تعارض فرنسا أمريكا وتفضل البقاء في سوريا؟
وأضافت أن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية الذي أعلن عنه ترامب، يجب أن يتم استغلاله في هذا الاتجاه من أجل ضمان الاستقرار. ويجب التأكد من أن أكراد سوريا لم يحاربوا سوى في المرحلة الثانية من الصراع السوري ولم يقاتلوا ضد حكومة دمشق، لفتح باب المصالحة بشكل كامل. وفي الوقت نفسه، سيكون سلوك أوروبا حاسما في ضمان الاستقرار السوري. ومن جهته، قال ترامب إن الوقت قد حان "لإعادة الإعمار"، بعد الدمار الذي خلفته الحرب. وفي هذه الحالة، يتعين على أوروبا المشاركة بشكل حاسم في هذه العملية.
وأوضحت أن وضعية أفغانستان مختلفة تماما، إذ يمكن للانسحاب الجزئي للأمريكيين أن يعزز موقف الجهاديين. فقد كانت أفغانستان بالفعل بؤرة للإرهابيين قبل وبعد تدخل القوات الأمريكية، إثر أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا العمل سويا وتوحيد الجهود من أجل احتواء القوى التي تعزز الإرهاب في بقية أنحاء العالم. ويجب على هذين الطرفين إيجاد الطرق المناسبة للتعامل مع الإرهاب الذي قد تكون أفغانستان نقطة انطلاقه.