هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميديكال إكسبرس" مقالا حول دراسة مثيرة تتعلق بتقدير العمر المتوقع للإنسان.
وذكر أنه ومنذ زمن لاحظ الأطباء أن هناك فرقا بين العمر البيولوجي والعمر الزمني، بحيث يمكن لشخص بعمر 55 عاما أن تظهر عليه علامات الشيخوخة، وتكون لديه أمراض مرتبطة بالشيخوخة، بينما يكون شخص آخر بعمر الثمانين ويكون قويا وبصحة جيدة.
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بينما تلعب الحمية والنشاط الجسدي دورا، إلا أن هناك عوامل مختلفة تجعل بعض الناس يشيخون على نحو أسرع من آخرين، وتلك العوامل ليست مفهومة بشكل جيد.
وقام فريق من معهد "سالك" بتحليل الخلايا الجلدية من الشباب والشيوخ، ونشروا بحثهم في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018، حيث بحثوا عن "بصمات جزيئية" يمكن أن تستخدم لتوقع العمر. ولتطوير فهم أفضل للعملية البيولوجية والشيخوخة، والتي يمكن استخدامها في التعامل مع الظروف الصحية الشائعة خلال فترة الشيخوخية، مثل أمراض القلب والخرف.
وقال المؤلف المشارك للتقرير ساكت نافلاخا، الأستاذ المساعد في مختبر علم الأحياء التكاملي: "صممت هذه التجربة لتحديد ما إذا كان هناك بصمات جزيئية للشيخوخة على مدى حياة الإنسان.. ونريد أن نطور خوارزميات تستطيع توقع الشيخوخة الصحية والشيخوخة غير الصحية، ونحاول أن نكتشف الفروق".
وقال البروفيسور مارتين هيتزر، المؤلف المشارك الآخر: "توفر هذه الدراسة أساسا للتعامل الكمي مع الأسئلة الغير مجاب عنها فيما يتعلق بالشيخوخة البشرية.. مثل معدل الشيخوخة خلال أوقات الضغط".
وركز الباحثون على نوع الخلايا الجلدية التي تسمى الخلايا الجلدية الليفية، والتي تولد الأنسجة الضامة وتساعد الجلد على التعافي بعد الإصابة. واختاروا هذا النوع من الخلايا لسببين: الأول هو سهولة الحصول على هذه الخلايا دون الاضطرار لعمليات أخذ خزعات، والثاني هو أن دراسات سابقة أشارت إلى احتمال احتواء هذا النوع من الخلايا على بصمة الشيخوخة. وهذا لأنه وعلى خلاف معظم أنواع الخلايا الأخرى التي تتبدل خلال أسابيع أو أشهر، فإن مجموعة فرعية من هذه الخلايا تبقى معنا طيلة حياتنا.
وقام الباحثون بتحليل الخلايا الجلدية الليفية المأخوذة من 133 شخصا بصحة جيدة يتراوحون في العمر ما بين عام و94 عاما. وللحصول على عينة تمثيلية قام الفريق بدراسة 13 شخصا من كل عقد عمري. وقام المختبر بزراعة تلك الخلايا لتتكاثر، ثم استخدموا أسلوبا يسمى سلسلة الحمض النووي الريبي (RNA sequencing) للبحث عن مؤشرات حيوية في الخلايا، والتي تتغير كلما تقدم عمر الشخص. وعملية السلسلة هذه تستخدم تكنولوجيا سلسلة لتحديد أي جينات يتم تشغيلها في خلايا معينة. وباستخدام خوارزميات تعلم الآلة لفرز معطيات عملية السلسلة، ووجد الفريق أن بعض المؤشرات الحيوية تشير إلى الشيخوخة. وكان بإمكانهم توقع عمر الشخص بدقة لا يتجاوز الخطأ فيها ما معدله ثماني سنوات.
وقال المؤلف الأول جاسون فليتشر: "بدلا من دخول هذا البحث بفكرة عما كنا نريد أن نكتشف، قررنا أن ننظر إلى التغييرات في التعبير عن جينات تشفير البروتينات، والسماح للخوارزميات بفرزها. واستخدمنا ما يسمى أسلوب تعليم الآلة موحد الأداء".
وكان التحليل من فريق "سالك" مختلفا عن المقاربات السابقة التي استخدمتها مختبرات أخرى لدراسة الشيخوخة البيولوجية. وركزت معظم الدراسات السابقة على التغيرات في مواقع قليلة لمثلية الحمض النووي الريبوزي، بدلا من النظر إلى تغير التعبير على مدى الجينوم. كما أن مجموعة المعطيات كانت أكبر بكثير من أي دراسة من هذا النوع تمت سابقا لأنها تضمنت عددا كبيرا من الناس يمثلون عددا من العقود. وقام الباحثون بنشر المعطيات كي يستفيد منها الباحثون الآخرون.
وللتحقق من الخوارزميات استخدم الفريق أيضا خلايا جلدية ليفية من 10 مصابين بمرض "الشياخ" وهو مرض جيني يسرّع في الشيخوخة [بحيث يمكن أن تظهر علامات الشيخوخة على الأطفال]. وبناء على التحليلات فإن البصمات الجزيئية من هؤلاء المرضى الذين كانت أعمارهم من سنتين إلى ثماني سنوات، تعرف النموذج عليهم على أنهم أكبر من عمرهم بحوالي عقد.
وقال فليتشر: "الحقيقة هي أن نظامنا يمكن أن يتوقع هذا النوع من الشيخوخة، ويظهر أن النموذج بدأ بالتعرف على أسس العمر البيولوجي الحقيقية".
ومع أن هذه الدراسة كشفت المؤشرات الحيوية المتعلقة بالعمر، فإن الباحثين يؤكدون على أنه تبعا لوجود مؤشرات تتوقع الشيخوخة فهي لا تعني أنها هي نفسها مسببة للشيخوخة. وإذا تم تأكيد هذه الاستنتاجات، فقد يستطيع الأطباء استخدام هذا النوع من التحليل لتحديد متى يبدأون فحص مرضاهم للأمراض المتعلقة بالسن، وينصحونهم بخصوص نمط الحياة الصحي.
ويجب إجراء المزيد من الأبحاث قبل الشروع بإنتاج علاجات تمنع الشيخوخة. وأحد الخطوات التالية للأبحاث هي البحث عن تلك البصمات في أنواع خلايا أخرى.
وقال نافلاخا: "الشيخوخة سبب في أمراض كثيرة منها الزهايمر وغيرها من المشاكل العصبية.. وإذا كان بإمكاننا إظهار أن التغيرات في الخلايا الجلدية الليفية المرتبطة بالشيخوخة موجودة في أنواع أخرى من الخلايا، فقد نكون قادرين في المحصلة أن نستخدم هذه البصمات لتطوير علاجات مستهدفة".