هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن أكبر الأخطاء التي بدرت من المملكة العربية السعودية على الصعيد الجيوسياسي، وتمثلت أكبر هذه الأخطاء في دخولها في حرب معلنة على اليمن سنة 2015 دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي من الممكن أن تحدث.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن الحرب تشكل عادة خطرا على البلد التي تنشب فيه، وكلما شهدت
الحرب مشاركة أكبر عدد من الأطراف، يصعب التنبؤ بنتائجها، كما هو الحال مع التدخل
الحالي للتحالف السعودي في اليمن. ولم يبدُ عدم الاكتراث لمخاطر الحرب أكثر وضوحا مما
حدث في الحرب التي شنتها المملكة العربية السعودية ضد عناصر في اليمن خلال سنة
2015.
وكانت المملكة العربية السعودية قد قامت بتدخلات
عديدة على التراب اليمني، على غرار الحرب السعودية اليمنية سنة 1934، والتي أفضت
إلى ضم السعودية لبعض الأراضي اليمنية لترابها، فضلا عن حرب شمال اليمن الأهلية
التي اندلعت بين سنتي 1962 و1970 التي تطلبت تدخل مباشرا وغير مباشر من عدة دول
على غرار المملكة العربية السعودية، مصر، الاتحاد السوفيتي وبريطانيا.
وأضاف الموقع أن الرياض أعربت عن سعادتها بالتدخل في
المشاكل اليمنية التي تلت إقالة رئيسها السابق، علي عبد الله صالح، في 27
شباط/فبراير سنة2012، وقد تعمق هذا التدخل بصفة كبيرة منذ وفاة الملك السعودي
السابق، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، في 23 كانون الثاني/يناير سنة 2015، وعموما،
خلف الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي كان وزيرا للدفاع وكان يشكو منذ
توليه الحكم من مشكلات تتعلق بالصحة العقلية بسبب تقدمه في السن، الملك عبد الله.
ولم يساهم هذا الأمر في عدم تولي ابنه الأصغر،
الأمير محمد بن سلمان، لمنصب وزير الدفاع فقط، بل لإدارته شؤون المملكة باسم
والده، على الرغم من أنه كان يفتقر إلى الخبرة الكافية التي تخوله للقيام بذلك.
اقرأ أيضا: WP: هذا ما كشفه اغتيال خاشقجي للعالم عن ابن سلمان
وأورد الموقع أن إعادة هيكلة المملكة لقيادتها
وتشكيل مجلس الوزراء في 29 من نيسان/ أبريل من سنة 2015 قدم أدلة مهمة بشأن المشهد
الاستراتيجي للمنطقة في السنوات القليلة القادمة، علما وأن هذه الخطوة لم تكن
إيجابية بالنسبة للمملكة، وبدلا من السعي لتمثيل جميع أطراف المجتمع السعودي، ومن
بينهم الشيعة في شرق وجنوب المملكة، أعاد الملك تأكيد نظام القيادة الهرمي، الذي
تفرض فيه القرارات من أعلى الهرم، ويعود هذا القرار في جزء كبير منه إلى حرب
الرياض غير المباشرة ضد طهران والشيعة.
وكان الهدف الاستراتيجي الواضح لابن سلمان يكمن في
التصدي للتوسع الشيعي في المنطقة، وأدى هذا الأمر إلى إنشاء المملكة العربية
السعودية للتحالف العربي بهدف مواجهة الزيديين في اليمن على أساس أنهم مجرد قوات
تخضع لسيطرة إيران، وقد أدى ذلك في الواقع إلى لجوء الزيديين بشكل متزايد إلى
الإيرانيين للحصول على الدعم العسكري.
وأوضح الموقع أن مواصلة بن سلمان للحرب في اليمن دون
هدف تعزى إلى غروره لا غير، ولم تحقق هذه الحرب الباهظة، التي تكلف خزينة الرياض
مبالغ مالية ضخمة، سوى فشل ذريع، في وقت التي يشهد فيه الاقتصاد السعودي تراجعا
ملحوظا.
وأشار الموقع إلى أن الأعداء الحقيقيين بالنسبة لولي
العهد السعودي، يمثلون أي شخص يتحدى مصداقيته وشرعيته، وأدى هذا التوجه إلى اغتيال
الصحفي السعودي، جمال خاشقجي في مبنى القنصلية التركية في 2 من تشرين الأول/
أكتوبر الماضي، ولكن، ما يثير السخرية بخصوص هذا الموضوع هو حقيقة أن اغتيال
خاشقجي أثار غضب الرأي العام والقادة العالميين ضد ولي العهد السعودي أكثر من موت
ما يقرب من 200 ألف يمني، ولجوء الملايين من اليمنيين إلى بلدان مجاورة أو أخرى
بعيدة بسبب ممارسات التحالف السعودي.
اقرأ أيضا: هكذا أقرّت السعودية بدور قطر في مجلس التعاون الخليجي
في الأثناء، انطلقت مشاورات السلام بشأن اليمن في
السويد في 6 من كانون الأول/ ديسمبر 2018، نتيجة لدعوة من وزير الدفاع الأمريكي،
جيمس ماتيس، أواخر الشهر الماضي، بهدف وقف إطلاق النار، ولكن، يبقى الدافع الحقيقي
لهذه المحادثات هو التراجع المتزايد لسطوة بن سلمان والرياض.
وفي هذا السياق، تسببت الحرب اليمنية في تضييق
الخناق على الاقتصاد السعودي المتدهور، كما لم تتمكن القوات السعودية من تحقيق أي
إنجازات في تدخلها في اليمن، علاوة على ذلك، كشفت قمة العشرين عن عزلة بن سلمان
الدولية المتنامية بسبب قضية اغتيال خاشقجي، لذلك، تشير هذه المعطيات إلى أن الوقت
قد حان لتعيد الرياض النظر في مشاركتها في الحرب اليمنية، ومن المرجح أن يتبع
الحلفاء الرئيسيون للمملكة، أي الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ما تقوم به
الرياض، كما سيتيح التواجد الإيراني في اليمن فرصة كبيرة لطهران في المنطقة، ناجمة
عن عدم كفاءة السعودية في تدخلها العسكري.
ونوه الموقع إلى أن الأحداث الحالية تطرح العديد من
التساؤلات حول مستقبل اليمن، فهل ستحاول المملكة الحفاظ على جزء كبير من البلد تحت
قيادة عبد ربه منصور هادي، الذي لا يحظى بدعم شعبي كبير، أم أننا ستشهد ظهور دولة
جديدة في الشمال اليمني تخضع لحكم الحوثيين؟.
وفي الختام، أفاد الموقع بأن الولايات المتحدة
الأمريكية لا تستطيع أن تتحمل تراجع نفوذ المملكة العربية السعودية، نظرا لأن هذا
الأمر سيؤدي لخسارة واشنطن لمعظم نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن ذلك، لن
تعوض علاقات واشنطن مع كل من قطر والبحرين وعمان، خسارتها للسعودية.