نجح النظام
المصري في
الحد من إقبال المواطنين على أداء
العمرة في العامين الأخيرين بنسبة كبيرة؛ نتيجة
للإجراءات التي اتخذها؛ بحجة أن هذه الرحلات تؤدي إلى خروج العملة الصعبة من البلاد، وترهق الاقتصاد المحلي.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت
مجموعة من القرارات العام قبل الماضي، من بينها فرض رسوم تعادل 2000 ريال سعودي على
كل من سبق له أداء العمرة خلال ثلاث سنوات ماضية، و3000 ريال سعودي للمعتمر الذي
يؤدي العمرة أكثر من مرة في الموسم الواحد، كما تم تحديد عدد تأشيرات العمرة في كل
عام بـ500 ألف تأشيرة بحد أقصى، بالإضافة إلى قصر موسم السفر للعمرة على ثلاثة
أشهر فقط من العام، هي رجب وشعبان ورمضان.
واشتكت العديد من شركات
السياحة المصرية من تكبدها خسائر كبيرة جراء هذه القرارات التي أدت إلى ضعف
الإقبال على رحلات العمرة، مؤكدة أن أعداد المعتمرين انخفض إلى نحو 25% فقط من
الأعوام السابقة؛ بسبب ارتفاع أسعار الرحلات بشكل كبير، في ظل الظروف الاقتصادية
الصعبة التي تمر بها البلاد.
إقبال ضعيف
ووصف عضو غرفة شركات
السياحة، ياسر سلطان، الإقبال على موسم العمرة الحالي بأنه "ضعيف جدًا"،
مؤكدا أن الإجراءات الحكومية نجحت في تقليل الإقبال على العمرات بشكل كبير خلال
العامين الأخيرين.
وأضاف سلطان في تصريحات
صحفية أن العام الماضي شهد سفر 370 ألف معتمر فقط، في حين أدى المناسك العام قبل الماضي
600 ألف معتمر، فيما كان عدد المعتمرين عام 2015 مليونا و200 ألف معتمر، موضحا أن أكثر من 75% من
المعتمرين حرموا من أداء العمرة العام؛ بسبب رسوم تكرار العمرة المقدرة بـ10 آلاف
جنيه للسلطات المصرية ومثلها للسلطات السعودية، وهو ما يعتبر أمرا مستحيلا للمواطن
العادي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد.
وأشار إلى أن أكثر من 90%
من رحلات العمرة هي منخفضة التكلفة، وأن نسبة الرحلات الفاخرة لا تتعدى 10%، مضيفا
أن نسبة المكررين للعمرة تقدر بحوالي 30% من إجمالي المعتمرين.
وفي محاولة للتقليل من
خسائر شركات السياحة التي ارتفعت أصواتها بالشكوى طوال العامين الماضيين، عدلت
الحكومة من قراراتها، وفتحت موسم العمرة على مدار العام، لكن هذا لم يغير من الوضع
شيئا؛ بسبب ارتفاع أسعار العمرة، بحسب سلطان.
تكلفة باهظة
أحمد عبد الله، موظف أدى
العمرة عام 2013، قال إنه كان ينوي القيام بالعمرة العام الماضي والعام الحالي، لكن
الرسوم التي فرضتها الحكومة منعته من ذلك، مشيرا إلى أن أقل تكلفة لرحلة العمرة
الآن وصلت إلى 32 ألف جنيه، بخلاف المصروفات الشخصية في الأراضي المقدسة، ما يعني
أن التكلفة الإجمالية بلغت أربعة أضعاف قيمة العمرة عام 2015.
وقال عبد الله لـ"
عربي21"،
إن هذه القرارات تحمل تمييزا بين المواطنين، قائلا: لماذا لم تفرض هذه الرسوم
الإضافية أيضا على الأثرياء الذين يسافرون للسياحة خارج البلاد؟ وأشار إلى أنه
ينتظر حكم القضاء في مدى دستورية القرار، ويتمنى إلغاءه حتى يتمكن من زيارة
الحرمين الشريفين مجددا.
وأضاف أنه حاول شراء
تأشيرة تجارية من إحدى شركات السياحة العام الماضي، لكنه تراجع عن الفكرة بعدما
اكتشف أن الفارق في التكلفة لن يكون كبيرا.
من جانبه، أوضح إبراهيم
بدر، مالك شركة سياحة، لـ"عربي21"، أن الصعوبات التي تواجه المعتمرين
المصريين لم تتوقف عند حد رسوم تكرار العمرة، بل زادت عليها ارتفاع أسعار تذاكر
الطيران والرسوم والخدمات والتأشيرات، خاصة بعد تعويم الجنيه، بالإضافة إلى الرسوم
التي فرضتها الحكومة السعودية بقيمة 2000 ريال أيضا لكل من سبقت له العمرة في
العام السابق للموسم.
سلاح ذو حدين
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير الاقتصادي محمد عبد العزيز إن القرارات الحكومية نجحت في تقليل أعداد
المعتمرين بنسبة كبيرة، لكنها في المقابل تسببت في أضرار عديدة لشركات السياحة
المصرية، فضلا عن حرمان آلاف المصريين من التعبد وممارسة حقهم الدستوري في التنقل
والسفر.
وأضاف عبد العزيز، في
تصريحات لـ"
عربي21"، أن الغالبية العظمى من المعتمرين المصريين هم من
أبناء الطبقة الوسطى الذين يدخرون أموال العمرة طوال العام ليقوموا بهذه الرحلة
الروحانية، في حين أن الأثرياء الذين يسافرون إلى دول أوروبا وآسيا وغيرها ينفقون
أضعاف ما ينفقه المعتمرون ويستخدمون خطوط طيران أجنبية.
وأشار إلى أن بعض
المواطنين الذين سبق لهم تكرار العمرة يتحايلون على هذه القرارات عبر شراء تأشيرات
زيارة تجارية للسعودية، والتي تقل تكلفتها عن أسعار رحلات العمرة، موضحا أنه تم
بيع نحو 50 ألف تأشيرة تجارية للمصريين العام الماضي.
وأكد أن قرار قصر موسم
العمرة سابقا على ثلاثة أشهر فقط كان غير صائب، لأنه أدى إلى ارتفاع تكلفة الطيران
والإقامة بالفنادق؛ نظرا لتكدس المعتمرين في فترة زمنية قصيرة بدلا من توزيعهم على
العام كله.