هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لمراسلتها للشؤون الدفاعية لارا سيليغمان، تقول فيه إنه بعد ستة أشهر من وضع إدارة ترامب قوانين جديدة تسهل تصدير الطائرات الأمريكية العسكرية المسيرة، فإنه لم يتم تسجيل مبيعات جديدة، ويبدو أن صناع الطائرات محبطون من غياب أي نتائج ملموسة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الخبراء يتفقون على أن الإدارة لديها رغبة حقيقية في تسهيل العقبات، كجزء من مبادرة أوسع لتعزيز إمكانية المنافسة للمنتجات الأمريكية في سوق دولية يزداد فيها النفوذ الصيني، لافتا إلى أن التحدي، بحسب المراقبين والمصادر الصناعية، يكمن في فرض سياسة جديدة خلال بيروقراطية كاهلها مثقل، وتقاوم في الوقت ذاته التغيير.
وتنقل الكاتبة عن المدير التنفيذي لمجلس تصدير المنتجات الدفاعية والجوية في غرفة التجارة الأمريكية بن شوارتز، قوله: "أنا أعلم أن القيادة العليا لوزارة الدفاع تريد أن ترى تغييرا، لكننا لم نر شيئا (من التغيير) إلى الآن من ناحية الصادرات للطائرات المسيرة".
وتجد المجلة أن الصعوبة التي واجهتها إدارة ترامب في تطبيق السياسة الجديد تعكس مثالا آخر على مؤسسة حكومية تتعمد إبطاء مسيرة الرئيس، مشيرة إلى قول المصادر الصناعية إن وزارة الدفاع، وبالذات سلاح الطيران، قاومت بعناد هذا التغيير، وقال أحد المصادر الصناعية: "قرر سلاح الجو أنه ولأسباب تتعلق بالأمن القومي فإن بعض هياكل الطائرات يمكن نقلها فقط بموجب قوانين بيع الأسلحة لدول أجنبية".
ويلفت التقرير إلى أن مبيعات الطائرات العسكرية المسيرة تزيد بشكل كبير على مستوى العالم، إلا أن سياسة التصدير الأمريكية لم تواكب الطلب، مشيرا إلى أن دراسة لشركة "راند" عام 2017، توصلت إلى أن القيود التي فرضتها الإدارات الأمريكية السابقة على تصدير الطائرات المسيرة المسلحة وغير المسلحة لدول أجنبية أضعفت من مقدرة المصانع الأمريكية، وسلمت السوق للصين.
وتذكر سيليغمان أن إدارة أوباما حاولت أيضا التخفيف من القيود على عملية التصدير، لكن إدارة ترامب ذهبت أبعد من ذلك عندما اعتمدت سياسة جديدة في نيسان/ أبريل، لافتة إلى أن القوانين الجديدة تسمح لأول مرة ببيع الطائرات المسيرة المسلحة تجاريا، ما يعني أنه يمكن للمشتري أن يشتري مباشرة من المصنع، متجنبا الشراء من خلال وزارة الدفاع، بالإضافة إلى أن القوانين الجديدة تعيد تصنيف الطائرات المسيرة التي تساعد على الاستهداف باستخدام تكنولوجيا الليزر، على أنها غير مسلحة، ما يجعل تصديرها أكثر سهولة.
وتنوه المجلة إلى أن نائب وزير القوات الجوية للعلاقات الدولية هيدي غرانت أشار إلى أنه بالرغم من تغيير الإدارة لقواعد تصدير الطائرات المسيرة، إلا أن "هناك أنظمة ستحتاج إلى الحماية"، مشيرة إلى أن غرانت لام الصناعة لتأخير تصدير الطائرات المسيرة إلى الحلفاء؛ بسبب عدم بناء قابلية التصدير -أي وضع حماية لبعض التقنيات الحساسة الخاصة- في الأنظمة.
ويورد التقرير نقلا عن غرانت، قوله: "ما يحصل هو أن الأجهزة مصممة لأمريكا، وعندما يكون هناك طلب من الزبائن فإنهم يبدأون في إعادة التشكيل للتصدير.. هذا يعيدنا سنتين إلى الخلف، ويسمح للمنافسين بأن يسبقونا".
وتستدرك الكاتبة بأن أكبر حجر عثرة أمام التغيير، بحسب مصدر صناعي آخر، هو أن تسهيل عملية تصدير الطائرات المسيرة ليس من أولويات البنتاغون، ولم يعمل أحد على التفاصيل، وقال المصدر: "لا أعتقد أن وزارة الدفاع منظمة وتمتلك القدرة على القيام بالمهمة.. الكل وصلته الرسالة، لكن ليست لديهم الأدوات اللازمة.. فلا يمكن لماتيس أن يتصل ببولتون سوى عدد محدود من المرات كل يوم".
وتفيد المجلة بأن وزارة الخارجية تحاول تطبيق السياسة الجديدة، والمصادقة على رخص تسويق تسمح للشركات بترويج بضائعها لدى الزبائن المحتملين، بحسب المصدر الصناعي، مستدركا بأنه لا توجد إلى الآن مصادقات على مثل هذه الرخص.
وبحسب التقرير، فإن متحدثا باسم وزارة الخارجية عارض المزاعم بأن تغيير السياسة لم يؤد إلى نتائج ملموسة، وقال إن الإدارة تحقق "تقدما قويا" في تطبيق القواعد الجديدة، وأشار المتحدث إلى عدد من التطورات المهمة، بما في ذلك موافقة اليابان على المضي قدما في صفقة بـ500 مليون دولار لشراء طائرات "نورثدروب غرومانز غلوبال هوك" المسيرة لإثبات أن السياسة الجديدة بدأت تعمل.
وأضاف المتحدث: "في الوقت الذي بدأت فيه بلدان أخرى في توظيف الطائرات العسكرية المسيرة بشكل أكثر انتظاما.. أصبح لزاما على أمريكا أن تتأكد من أن مبيعات تلك الأنظمة وتصديرها واستخدامها عملية مسؤولة ومتناسقة مع الأمن القومي الأمريكي ومصالح السياسات الخارجية"، مشيرا إلى صفقة مع هولندا بقيمة 339 مليون دولار، وقال إن الوزارة أخبرت الكونغرس بنية بيع طائرات مسيرة لألمانيا بقيمة 2.5 مليار دولار، ولأستراليا بقيمة 218 مليون دولار.
وتستدرك سيليغمان بأن إخبار الكونغرس بالمبيعات المزمعة كان قبل فرض سياسة إدارة ترامب الجديدة، التي لم يتم بعدها بيع أي طائرات مسيرة، مشيرة إلى أنه في محاولة لزيادة المبيعات، فإن إدارة ترامب تحاول تغيير "نظام ضبط تكنولوجيا الصواريخ"، الذي هو عبارة عن جهاز يضم 35 عضوا، تم إنشاؤه عام 1987؛ لمنع انتشار صواريخ الكروز والصواريخ البالستية التي تستطيع حمل أسلحة دمار شامل.
وتبين المجلة أنه في الوقت الذي تم فيه إنشاء نظام الضبط هذا، فإن الطائرات المسيرة كانت تحمل صفات كثيرة شبيهة بالصواريخ التي تذهب في اتجاه واحد ولا تعود، وكان استخدامها إما كأهداف تجريبية، أو في عمليات التجسس ذات المدى القصير، كما أوضح أستاذ العلوم السياسية مايكل هورويتز. ولذلك أضيفت هذه الطائرات إلى مسؤولية هذا الجهاز، الذي يعد أي طائرة تستطيع قطع أكثر من 300 كم، وحمل أكثر من 500 كغم، غير مناسبة للتصدير، لافتة إلى أن قوانين هذا الجهاز لا تغطي الطائرات الحربية التي تحتاج إلى طيار.
وينقل التقرير عن هورويتز، قوله إن الطائرات المسيرة تطورت الآن إلى درجة يمكن اعتبارها شبيهة بالطائرات التي يشغلها طيارون -مصممة للطيران والقيام بالمهمة والعودة إلى قاعدتها- أكثر منها صواريخ، ولذلك يجب تنظيم تصديرها على هذا الأساس.
وتفيد الكاتبة بأن رئيس مجلس تصدير المعدات الدفاعية والجوية في الغرفة التجارية الأمريكية كيث ويبستر، شكك في صحة الاحتجاج بأن تصدير الطائرات المسيرة سيؤدي إلى انتشار أسلحة الدمار الشامل، وقال إن السماح للصين بأن تسيطر على هذه السوق هو الخطر الحقيقي.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن ما يقلق الخبراء هو أن حلفاء أمريكا التقليديين بدأوا في اللجوء إلى الصين لشراء الطائرات المسيرة، فقد منعت إدارة أوباما تصدير الطائرات المسيرة المسلحة إلى كل من الأردن والإمارات والعراق، فقامت هذه الدول والسعودية بشراء طائرات مسيرة صينية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)