هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار يحمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويأتي في مقدمة من يقومون على مشروع القرار الجمهوريين ليندسي غراهام وماركو روبيو، ومن الجانب الديمقراطي إيد ماركي وديان فاينستاين.
ويحمّل مشروع القرار ابن سلمان المسؤولية المباشرة عن مقتل خاشقجي، ويشير إلى أن الأعضاء المذكورين في مجلس الشيوخ لديهم "ثقة شبه مؤكدة" بتورط ولي العهد في الجريمة.
مجلس برلمان جديد
وتشهد واشنطن تضاربا وتباينا في الآراء، بشأن قضية خاشقجي، فتارة تخرج تسريبات إعلامية تؤكد أن الاستخبارات الأمريكية لديها قناعة بأن ابن سلمان المسؤول عن قتل خاشقجي، وتارة أخرى ينفي الرئيس الأمريكي ترامب صحة الاعتقاد بأن ولي العهد السعودي وراء الجريمة.
ويثير الأمر تساؤلات حول هل يمكن أن يتم التصويت لصالح مشروع القرار؟
اقرأ أيضا: مشروع قرار بـ"الشيوخ الأمريكي" يحمّل ابن سلمان قتل خاشقجي
من جانبه، رأى المختص بالشأن الأمريكي، جو معكرون، أنه "من المبكر الحديث عن فرص نجاح مشروع القرار أو فشله، خاصة أن الكونغرس في مرحلة انتقالية، إضافة إلى عدم وجود نقاش بعد مع البيت الأبيض حول تفاصيله".
واستدرك في حديثه لـ"عربي21" بالقول: "لكن من الواضح بأن الضغط التشريعي مستمر على إدارة ترامب، لتعديل سياسته حيال السعودية، غداة مقتل جمال خاشقجي".
وأضاف أنه "ستزداد الضغوط على ترامب أيضا في بداية العام المقبل، حيث ستصبح الأغلبية في مجلس النواب من الديموقراطيين، لكن في المقابل، سيحتفظ الرئيس بأغلبية مجلس الشيوخ، وسيكون له حلفاء في مراكز بارزة، خاصة بعد تقاعد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر".
وأوضح معكرون أن "الكونغرس الجديد لن يفشل أي فيتو من ترامب ضد مشروع القرار، حتى في حال أصبح هناك أغلبية في مجلس النواب"، مضيفا أن الكونغرس لن يحقق على الأرجح أكثرية الثلثين لإفشال الفيتو.
ولكنه رجح أن الكونغرس الجديد بأغلبية ديمقراطية في مجلس النواب، سيشهد جلسات استماع للتحقق من طبيعة العلاقة بين صهر ترامب ومستشاره غاريد كوشنير من جهة، وبين ولي عهد السعودية محمد بن سلمان من جهة أخرى".
وقال إن الكونغرس سيلعب في هذا السياق دور محوريا في مراقبة سياسة إدارة ترامب حيال السعودية.
قرار غير ملزم
من جهته، قال المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي إسماعيل خلف الله، إنه لا بد من التأكيد على أن هذا القرار هو غير ملزم في حال إقراره.
ولكنه قال في حديثه لـ"عربي21" إن أهمية هذا القرار تكمن بأنه جاء بعد الجلسة المغلقة التي عقدتها مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل الثلاثاء الماضي، مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، لتقديم إحاطة بخصوص قضية خاشقجي، مع التأكيد بأن تقرير وكالة الاستخبارات قد حمّل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية الجريمة".
وأشار خلف الله، إلى أن "كل قرار يستلزم موافقة مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وينبغي تقديمه لرئيس الولايات المتحدة، وقبل أن يصبح نافذا يجب أن ينال موافقته، وإذا لم يوافق عليه في هذه الحالة، يجب أن يصوت عليه ثلثا مجلس الشيوخ والنواب، وبالتالي من الصعب جدا إقراره".
"منع من السفر"
وحول ما إذا سيكون هناك عقوبات على السعودية في حال تم إقرار مشروع القرار في مجلس الشيوخ، أشار معكرون إلى أن مشروع القرار في صيغته الحالية لا يشير إلى عقوبات محددة بل يضع مسؤولية اغتيال خاشقجي على ابن سلمان، ويدعو الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات تنهي الحرب في اليمن، والأزمة الخليجية، وتدفع لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في السعودية".
وختم حديثه بالقول: "في حال وصلنا إلى مرحلة العقوبات على ابن سلمان نفسه، وهذا أمر مستبعد حتى الآن، فإن الاجراءات المعتمدة عادة هي منعه من السفر إلى الولايات المتحدة والحجز على امواله في المصارف الأمريكية، ومنع أي مواطن أمريكي من التعامل التجاري معه".
الرد السعودي
وحول الرد السعودي على مشروع القرار، أكد المحلل السياسي جيري ماهر لـ"عربي21"، فإنه سيكون "برفض هذه الاتهامات والابتزاز".
وأشار لتصريح الناطقة باسم السفارة السعودية في واشنطن، التي قالت فيه إن ولي العهد السعودي لم يتحدث مع أي مسؤول بالسعودية أو في غيرها بخصوص قضية خاشقجي، ولم يجر أي اتصالات مع منفذي هذه الجريمة، أو من تواصل معهم.
ولفت إلى أن السعودية ستتجاهل الأمر، مضيفا: "المملكة عندها خيارات كثيرة إذا حاول أي أحد أن يبتزها أو يضغط عليها، ولكن أؤكد بأنه لن يحصل أي شيء، وكل هذا التهويل الإعلامي والتهديدات لن تصل إلى أي طريق يخدم من يعمل عليها".
وأوضح أنه "في النهاية فإن هناك مصالح للدول تحكم علاقاتها، والرياض تعرف بأن حجم هذا الابتزاز محصور بفترة زمنية معينة، وسينتهي قبل أن يحقق من يعمل على هذا المشروع من أعضاء الكونغرس هدفهم".
وختم حديثه بالقول: "لا تستطيع واشنطن فرض عقوبات على الرياض، لأن فرضها يعني بأن أمريكا تعاقب نفسها، لأن الاقتصاد في العالم يعتمد على السعودية، وأي محاولات للضغط عليها ستضر بالاقتصاد الأمريكي وغيرها من الدول التي لن تقبل بمثل هذه الإجراءات".
اقرأ أيضا: الرياض: ابن سلمان لم يتواصل مع أي مسؤول لإيذاء خاشقجي
يشار إلى أن السيناتور الديمقراطي ديك ديربن، طالب بطرد السفير السعودي لدى واشنطن، الأمير خالد بن سلمان، بسبب ما قال إنه "تورط مباشر لولي العهد محمد بن سلمان، في قتل الصحفي جمال خاشقجي".
وتتزايد الضغوطات على السعودية، جراء قضية مقتل الصحفي خاشقجي، دون تقديم رواية "أكثر مصداقية" لمقتله وأسبابه، وتقديم جميع المتورطين بالاغتيال، وفق تصريحات أوروبية وأمريكية.
وما يثير الغضب الدولي أن قضية خاشقجي تعد "انتهاكا صارخا" للمادة 55 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ، التي تنص على أنه "لا يجوز استخدام المباني القنصلية بأي طريقة تتعارض مع ممارسة الوظائف القنصلية"، وفق تصريحات مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني.