هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء وقانونيون مصريون أن النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، يدرس مقترحات عدة لتعديل الدستور، بما يسمح باستمراره على رأس السلطة، سواء من خلال تعديل مدد وفترات الرئاسة، أو الإبقاء عليها مع استحداث مواد جديدة تمنحه وضعا استثنائيا.
وكشفت العديد من التقارير الصحفية وجود مقترحات لتكرار التجربة الإيرانية، باستحداث مادة استثنائية لتشكيل مجلس أعلى لصيانة الدستور، يتولى السيسي رئاسته، وتنتهي المادة بوفاته، وتمنحه صلاحيات واسعة، أبرزها تبعية القوات المسلحة له، وحق التدخل في إدارة شؤون الدولة، إذا حدث خلل في تطبيق دستور 2014.
وفي إطار المنصب الجديد، سيتم إجراء تعديلات عدة تقلص من صلاحيات البرلمان، في ما يتعلق بمنح الثقة للحكومة، وإعادة مجلس الشورى الذي سيخضع اختيار معظم أعضائه للمجلس المقترح، ومنحه صلاحيات لإحداث توازن في الهيكل التشريعي، وفق ما تناقلته مواقع عدة.
وتشير معلومات تناولتها وسائل إعلام مصرية، إلى أن فريقا مشتركا من المخابرات العامة ورئاسة الجمهورية وعددا من فقهاء القانون في مصر ودول أخرى، يقومون بدراسة واسعة لعدد من النظم السياسية التي تسمح باستمرار السيسي، مع عدم الإخلال بمدد وفترات الرئاسة، لعدم إثارة الرأي العام.
وأوردت أن التجربة الإيرانية هي الأقرب للتطبيق، على أن يسبقها حملة بوسائل الإعلام تطالب برد الجميل للسيسي باعتباره المنقذ للبلاد.
وفي رده على دعوات تعديل الدستور، أكد عضو لجنة الخمسين التي صاغت دستور 2014 عمرو صلاح، رفضه لهذه التحركات، مؤكدا أن مواد مدد وفترات الرئاسة، أو المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، محصنة دستوريا، ولا يجوز تعديلها، إلا بالمزيد من الضمانات.
وأشار صلاح عبر صفحته في "فيسبوك"، إلى أن التعديلات المزعومة سترسخ لنظام استبدادي، وتلحق الضرر بمستقبل مصر، وتقضي على فرص أي تحول ديمقراطي أو تداول آمن وسلمي للسلطة، متمنيا ألا يخرج الحديث عن التعديلات عن مجرد الكلام وليس الفعل.
من جانبه، لا يستبعد الباحث المتخصص بعلم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي، وجود فكرة لإنشاء مجلس أعلى لصيانة الدستور على الطريقة الإيرانية، مؤكدا أن نظام السيسي يتعامل على أرض الواقع بأنه مستمر لما بعد 2022، ولكنه يبحث عن آلية تمكنه من ذلك.
وبالتالي، "فالحديث عن وجود مجلس بهذا الشكل يدخل ضمن عدة تصورات تقوم الأجهزة المخابراتية بتسريبها لجس النبض السياسي والجماهيري حولها"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: برلمان السيسي يسعى لتعديل دستوري يتيح له الحكم لـ"الأبد"
وأضاف المرصفاوي لـ"عربي21"، أن السيسي منذ إقرار دستور 2014، وهو يحافظ على اختراقه وانتهاكه، وانتقاده، ولا يعنيه في هذا الإطار أي حديث ينتقد ذلك، وكل ما يسعى إليه هو ضمان عدم الغضب الدولي، بما يعيد للأذهان مرة أخرى فكرة أنه جاء بانقلاب عسكري، ولذلك فهو يريد الاستمرار في السلطة، ولكن بشكل لا يمثل اختراقا للدستور.
وفي ما يتعلق بتطبيق التجربة الإيرانية تحديدا، أكد الباحث السياسي، أن هناك تصورات عدة، ولكنها جميعها تصب في إطار واحد، وهو ضمان سيطرة السيسي على شؤون الحكم والمؤسسة العسكرية، تحت أي مسمى.
وتابع: "لذلك، كان هناك تصور لتطبيق التجربة الروسية، بأن يكون هناك محلل كما يفعل الرئيس الروسي مع رئيس وزرائه، وفي حال انتهت فترة الرئاسة يتم تعديل الصلاحيات لصالح رئيس مجلس الوزراء، وبعودته للرئاسة تعود له الصلاحيات مرة أخرى".
وأكد المرصفاوي أن هذه التجربة أقلقت السيسي الذي يتشكك في كل من يحيط به، ما دفعه للتخلص مبكرا من وزير الدفاع صدقي صبحي ورئيس الأركان محمود حجازي مبكرا، وحبس سامي عنان، وتهديد أحمد شفيق، وغلق كل النوافذ أمام الإخوان، بما يسمح في النهاية بغياب أي منافس يهدده.
من جهته، قال الخبير الدستوري المستشار حمدي المجدلاوي، لـ"عربي21"، إن السيسي يتخذ من الدستور ديكورا يقف وراءه، بالتالي، فإن الحديث عن التعديل يعد أمرا طبيعيا في إطار سعيه لترسيخ وجوده، خاصة أنه من الشخصيات التي لا تحب أن يضاف لقب سابق قبل اسمها.
وأضاف بشأن السيسي أنه "يعتبر نفسه صاحب الفضل في القضاء على الإخوان المسلمين، ومن حقه أن يظل في منصبه إلى ما لانهاية".
وعن تقبل الشعب المصري لمثل هذه التعديلات، أكد المجدلاوي أن الشعب مغلوب على أمره، ولا يعنيه دستور أو قانون، وإنما يعنيه لقمة العيش، مستدلا على ذلك بعدم تحرك الشعب بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وإلغاء دستور الثورة، الذي خرجت الجماهير طوابير من أجل إقراره.
وأشار المجدلاوي إلى أن النظم العسكرية تعتمد على مجموعة من "ترزية القوانين" -الذين يفصلون القوانين لحساب السلطة فقط- الذين يتقنون البحث في النظم الدستورية من أجل دسترة الوجود العسكري، وهو ما حدث مع الحالة الناصرية في الماضي، ويحدث الآن مع الحالة السيساوية، وفق قوله.
وأوضح أنه على رأس هؤلاء "الترزية"، رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب بهاء أبو شقة، الذي يلعب دورا في اختيار النظام الأنسب لدسترة وجود السيسي على رأس السلطة في مصر.