هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمدير السابق لجامعة ليدز والمحامي ديفيد هيغ، يقول فيه إن الإمارات العربية المتحدة لا عدالة فيها "فقد تعلمت هذا من السجن في دبي".
ويشير هيغ في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن زوجة الأكاديمي ماثيو هيجز، دانييلا تيجادا، ليست وحيدة في انتقادها الحكومة البريطانية على عدم فعل الكثير، فقد انضمت لقائمة طويلة من الضحايا والعائلات الذين يعتقدون أن الحكومة البريطانية ستدافع عنهم إلا أنهم شعروا بالخيبة.
ويقول الكاتب إن "مأزق هيجز، الذي أدين بالتجسس يعيد لي ذكريات تجربتي، ذلك عندما تم جري إلى دبي عام 2014، وألقيت في السجن دون توجيه أي تهم لي، وكنت أنتظر على أحر من الجمر زيارة مسؤول من السفارة، وكل ما حصلت عليه هو زيارة رجلين غير بريطانيين استأجرتهما وكالة التوظيف الدبلوماسي، وكل ما قالاه هو إنهما أرسلا للتأكد من معاملة جيدة لي وتلقي الطعام المناسب".
ويضيف هيغ: "لم يحصل أي احتجاج على قلة الاحترام للمبادئ الأساسية، وفشلا حتى في مهمتهما، وهي حصولي على طعام مناسب، (حيث أنني خرجت من عملية جراحية للمعدة قبل فترة بسبب ذلك)".
ويصف الكاتب الظروف التي عاشها في السجن بأنها مروعة، "فقد كان هناك ضرب، وتم اغتصابي، وفي مرة قال لي الحرس: (كن حذرا، السجناء البريطانيون يموتون هنا)، كان الجو حارا، والسجن مزدحم، ولا زيارات من المحامين أو الممثلين، التي إن حدثت لا تستغرق سوى دقائق ومرة في الأسبوع، وتحت رقابة الحرس الذين كانوا يستمعون".
ويقول هيغ إنه لم ير خلال 22 شهرا في السجن سوى مدير إنساني واحد للسجن، لكن تم نقله إلى سجن آخر بعد توجيه اتهامات مفبركة بأنه تلقى رشاوى، فالسلطات على ما يبدو لم تكن تريد معاملة إنسانية للسجناء.
ويلفت الكاتب إلى أن الكثيرين عانوا من التجربة ذاتها أمام العدالة في الخليج، بنصيحة من السفارة البريطانية، بألا يخرجوا علنا ويتحدثوا عن تجربتهم؛ لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى إثارة العداوة لدى الإماراتيين.
ويرى هيغ أن هذه السياسة ليست مجدية؛ لأنه عندما بدأ مع آخرين بالدفاع عن حالات مثل جيمي هارون وبيلي باركلي وإيلي هولمان، فإنهم حققوا نجاحا فقط لأنهم قرروا فضح ما يجري في السجون الإماراتية، ولأن حملات كهذه هددت وضعية دبي بصفتها مقصدا سياحيا، وتم العفو عن هارون وباركلي في جرائم لم يرتكبوها.
ويجد الكاتب أن "من الواضح أن عقيدة السفارة البريطانية هي أنه يجب ألا تؤثر قضية مجموعة من الأفراد في السجون الإماراتية على العلاقات التجارية مع الإمارات، إلا أن حالة هيجز تشير إلى أن سياسة الترضية التي اتبعتها بريطانيا مع أبو ظبي، لم تؤد إلى نتيجة، فالإعلام ليس المشكلة هنا؛ لأن القصة باتت دولية، ومع ذلك يرفض الإماراتيون الإفراج عن هيجز لئلا يتعرضوا للإحراج، واعترفوا يوم الجمعة بأنهم يفكرون في إعادة النظر في قضية الطالب".
ويعتقد هيغ أن "الدبلوماسي الأكبر جيرمي هانت، يتحدث عن الأشياء الصحيحة المتعلقة بالقضية كلها، لكن إلى أين سيقود هذا، وإن كان سيقرن القول بالعمل".
وينوه الكاتب إلى أن على الحكومة أن تقوم بأربعة أمور:
أولا: يجب أن تعيد النظر بنصائحها في السفر إلى الإمارات، وهي تعتمد على السياحة، لكن الناس الذين يسافرون إليها ويقعون تحت طائلة القانون لا يستطيعون الاعتماد على المعايير والقوانين الدولية المعترف بها، فأنت تقع في شرك الشيطان عندما تسافر إلى الإمارات، ويجب على وزارة الخارجية أن توضح هذا الأمر للسياح والزوار البريطانيين إلى هذا البلد (بما في ذلك تحذير من شركة الخطوط الإماراتية للمسافرين على متنها أن من يشرب على الطائرة فعليه توقع الاعتقال عندما يهبط في دبي).
ثانيا: على الخارجية إعادة النظر في إرشادات الاستثمار، فلا تزال بريطانيا تشجع الشركات البريطانية على الاستثمار في الشركات الإماراتية، على أساس أنها ستواجه معاملة عادلة، ومع ذلك فإن النظام القضائي في البلد يجعله من أكثر من البلدان خطورة للاستثمار.
ثالثا: يجب تعليق معاهدة التسليم بين البلدين، فقد أصدر القضاة البريطانيون سلسلة من الأحكام التي قالوا فيها إن المواطنين البريطانيين لا يتلقون محاكمات عادلة في الإمارات، ومع ذلك لا تزال هناك معاهدة ترحيل، تقدم من خلالها الإمارات طلبات لإرسال أشخاص لا تريدهم مواجهة محاكم استعراضية، مثل محاكمة الخمس دقائق لهيجز، ولأن بريطانيا تقوم بمحاكمات عادلة فإنها تكلف دافعي الضرائب ملايين الجنيهات.
رابعا: يجب منع القضاة البريطانيين من قبول مناصب عمل بعد تقاعدهم في الإمارات، وعادة ما يقبل القضاة العمل في محاكم مالية في دبي؛ طمعا برواتب عالية، لكنهم بعملهم هذا يصادقون على النظام الظالم هناك، ويضفون عليه الاحترام الذي لا يستحقه.
ويؤكد هيغ أن "معاملة هيجز وغيره لا تعبر عن معاداة لبريطانيا، خاصة أن النظام القضائي الإماراتي قاس ووحشي ضد المواطنين الإماراتيين، وقصة الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد المكتوم مثال، ففي بداية العام الحالي طلبت منا المساعدة والهروب من دبي بعدما تحدثت عن سنوات من الانتهاك والتعذيب في قصر والدها، ولم تصل إلا إلى المياه البحرية الهندية قبل أن تختطفها القوات الإماراتية وتعيدها بقوة إلى دبي، ولم تظهر منذ ذلك الوقت".
ويقول الكاتب: "قصتها واختطاف شقيقتها الشيخة شمسة في بريطانيا ستكونان ضمن فيلم وثائقي، ستعرضه قناة (بي بي سي2) في 6 كانون الأول/ ديسمبر، الذي يؤكد أننا نتعامل مع نظام وحشي يتصرف بحصانة من العقاب مثل النظام السعودي، لكن بعلاقات عامة أفضل".
ويختم هيغ بالقول إن "التخلص من هذا النظام لن يحدث في ليلة وضحاها، لكن قصة لطيفة وهيجز وحالتي وغيرها من الحالات تعني أنه يجب عدم منح الإمارات العربية أي دعم، ويجب على الحكومة البريطانية أن تنظر بقوة إلى الطريقة التي تنصح فيها المواطنين البريطانيين وطريقة التعامل مع الإمارات".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)