هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت شبكة "سي إن إن" مقال رأي حول العلاقات الأمريكية السعودية وما يحيط بها من سوء فهم وأساطير في ضوء التطورات الأخيرة التي أعقبت اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وكتب المقال الذي ترجمته "عربي21"، كلا من: آرون ديفيد ميللر، وهو باحث بارز في معهد وودورو ويلسون، وريتشارد سوكلوسكي، وهو زميل غير مقيم في وقفية كارنيغي.
وقال الباحثان: "من الأساطير السحرية التي تعوم حول إدارة دونالد ترامب واحدة تقول إن السعودية شريك استراتيجي وأن العلاقات كبيرة ولا يمكن أن تنهار، لكن ولسوء الحظ فإن هذه العلاقات تنهار".
ورأى الباحثان أن السعودية في ظل محمد بن سلمان "تبنت سياسات عنيدة أضعفت المصالح والقيم الأمريكية، إلا أن إدارة ترامب لا تزال مصممة على أنها قادرة على لعب دور في استراتيجية الشرق الأوسط والتي عادة ما تؤدي للخيبة".
وأشار الباحثان إلى اتهام تركيا للنظام السعودي بقتل جمال خاشقجي، وفي المقابل تحميل السعودية مسؤولية الجريمة لعناصر مارقة.
وفي حين رأى الباحثان أن السعودية مهمة دون شك للولايات المتحدة من ناحية الحفاظ على منفذ عالمي للنفط وتجنب الفوضى لو انهارت وأصبحت دولة فاشلة، مع الحفاظ على التعاون في حرب الإرهاب والذي يقع في جوهر المصالح الأمريكية، إلا أنهما عقبا بالقول: "لكن الاعتراف بهذه المصالح لا يعني أن السعودية حليف أمني تثق به أمريكا أو أن الرياض هي حليف استراتيجي لأمريكا"، والسبب أن السعودية "دولة بوليسية قمعية وصدّرت لمدة طويلة تيارا من الإسلام يدعم نشاطات الإرهاب الجهادي الإسلامي، وكانت هذه الأيديولوجية معادية لأمريكا وللغرب ولليهود والمسيحيين".
وقال الباحثان إن "م ب س"، كما يسميانه وكثير من الدوائر الغربية "بدأ حملة للحد من التطرف، لكنه شنّ عملية قمع لتركيز السلطة المطلقة في يده وقمع المجتمع المدني والصحافيين، وسجن واستفز معارضيه".
وأشارا في هذا الصدد أيضا إلى اعتقاله لرئيس الوزراء اللبناني وإجباره على الاستقالة، والذي لم يؤد إلا إلى تقوية حزب الله. كما أشارا إلى المقاطعة الكارثية التي فرضها على قطر، والتي جعلت من الصعوبة بمكان وقوف مجلس التعاون الخليجي أمام إيران، بل دفع الدوحة إلى التقارب مع طهران، فيما خلقت حملته العسكرية الفاشلة في اليمن حالة من عدم الاستقرار وتركت منطقة مستقطبة وزادت من التأثير الإيراني بدلا من إضعافه.
ورأى الباحثان أن السعودية أثبتت أنها ضعيفة وعقيمة كحاجز ضد التأثير الإيراني، بل على العكس أصبحت تساعد في تعزيزه.
وتحدثا عن الجانب الاقتصادي في العلاقة، في إشارة إلى صفقات السلاح التي وعدت الرياض بشرائها العام الماضي بقيمة 110 مليارات دولار. وبرأيهما فإن ما عدا ذلك هي مجرد أحلام شراء ولم توقع السعودية عقودا لإتمامها.
وقالا إن زعم ترامب بأن العقود ستوفر ما بين نصف مليون ومليون وظيفة لصناعة الدفاع الأمريكية هي "حقائق مزيفة".
وأضافا أن الحقائق الواقعية هي أن السعودية بحاجة إلى السلاح والمعدات الأمريكية أكثر من حاجة أمريكا لبيعها لأنها تظهر التزام الولايات المتحدة الأمني لصالح السعودية. وهناك حقيقة ثانية وهي أن السعوديين لا يستطيعون تنفيذ تهديداتهم بشراء الأسلحة الأجنبية في الوقت الذي لا يستطيعون فيه شراء السلاح الأمريكي.
أما النفط السعودي، فهناك الكثير من المبالغة بشأن وقوف المملكة مع الولايات المتحدة في الوقت الذي احتاجت إليها. والأمثلة حاضرة؛ من حظر تصدير النفط عام 1973 إلى توسيع انتاجها من أجل إضعاف صناعة النفط الصخري الأمريكي وقرارها هذا الأسبوع تخفيض الإنتاج في محاولة لزيادة أسعار النفط. وفي حالة قررت السعودية زيادة معدلات النفط في سوق محدود، فإن هذا القرار ستمليه سياسة "السعودية أولا"، وليس "أمريكا أولا".
ويتوقف الباحثان أخيرا عند الدور السعودي في تنفيذ خطة ترامب للتسوية السلمية. وقالا إن ابن سلمان تقرب للإسرائيليين نظرا للمصالح المشتركة معهم ضد إيران. إلا أن العلاقات تحت الطاولة ليست مثل اللقاءات المفتوحة. كما أن الدعم العلني لخطة السلام الأمريكية التي تخرق الإجماع العربي بشأن القدس والحدود ستعطي إيران والمسلمين السنّة أداة دعائية حالة ظهر أن الخطة تدعم المصالح والاحتياجات المتعلقة بحكومة بنيامين نتنياهو.
وأشار هنا إلى أن الملك سلمان ضبط حماس ابنه حيال الخطة الأمريكية وحدد الشروط التي يمكن للسعودية قبولها.
وعادا إلى قضية اغتيال خاشقجي، حيث أشارا إلى مساعي واشنطن لسحب القضية تحت البساط، قائليْن إن "م ب س" أصبح تهمة أكثر من كونه رصيدا وعلينا أن لا نساعده أو ندعمه.
وينتهي الباحثان إلى القول إنه إذا أرادت السعودية متابعة سياساتها المتهورة في الخارج، مع الدكتاتورية في الداخل، فهي حرة، لكن بدون دعم أمريكي، ما يتطلب فرض ثمن باهظ عليها في جريمة مقتل خاشقجي والقيام بالجهود الجدية لإنهاء سياساتها التدميرية واللاإنسانية في اليمن.