هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إن قواتها المدعومة من السعودية شنت اليوم الجمعة "عملية واسعة النطاق" لبسط سيطرتها الكاملة على مدينة الحديدة الساحلية.
جاء الإعلان في الوقت الذي حذرت فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة اليوم من أن نحو نصف مليون شخص فروا من منازلهم في مدينة الحديدة والمناطق المحيطة منذ يونيو/ حزيران الماضي لكن القتال تسبب الآن في إغلاق طرق الخروج من المدينة.
وذكرت الحكومة اليمنية التي يقع مقرها في مدينة عدن الجنوبية، وفقا لرويترز، "التحالف العربي أطلق اليوم الجمعة عملية عسكرية جديدة واسعة النطاق لتحرير ما تبقى من مدينة الحديدة من ميليشيا الحوثي الانقلابية".
وأضافت: "العملية العسكرية بدأت وتقدمت قوات الجيش الوطني باتجاه شمال وغرب مدينة الحديدة ومن كل المحاور وبإسناد من قبل التحالف العربي".
وتابعت أن العملية العسكرية "كانت مباغتة لم تتوقعها الميليشيات الانقلابية... مدينة الحديدة تشهد في هذه الأثناء معارك عنيفة وسط تقدم كبير لقوات الجيش الوطني".
وأصبحت الحديدة ساحة معركة مهمة في الحرب المستمرة منذ قرابة أربع سنوات بين التحالف بقيادة السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء. ويسيطر الحوثيون على الحديدة منذ 2014.
تقدم محدود
وبعد ساعات من إعلان الحكومة عن الهجوم الجديد قال سكان إن تقدم قوات التحالف يبدو محدودا.
وأضافوا أن الحوثيين انسحبوا من مستشفى في الضواحي الشرقية للمدينة حيث تركز القتال في الأيام الماضية لكنهم لا يزالون في المنطقة.
وذكرت جماعات حقوقية أن الحوثيين داهموا مستشفى 22 مايو في وقت سابق هذا الأسبوع ونشروا مسلحين على أسطحها. وعبرت الجماعات الحقوقية عن قلقها على مصير الطاقم الطبي والمرضى.
اقرأ أيضا: الغذاء العالمي يعلن عن خطط لمضاعفة مساعداته إلى اليمن
وحذرت هيئات تابعة للأمم المتحدة من أن أي هجوم شامل على المدينة المطلة على البحر الأحمر التي يدخل عبرها 80 بالمئة من واردات الأغذية ومساعدات الإغاثة قد يؤدي لحدوث مجاعة في البلد الفقير.
وكثفت الولايات المتحدة وبريطانيا الدعوات في الأسبوع الماضي لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربعة أعوام في اليمن والتي دفعت البلاد إلى شفا المجاعة وزادت الضغط على السعودية التي تواجه انتقادات عالمية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول الشهر الماضي.
أوضاع إنسانية صعبة
عبرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن قلقها بشأن مصير عدد غير معلوم من السكان حاصرهم القتال الأخير في الحديدة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية شابيا مانتو في إفادة صحفية: "في مؤشر على مدى صعوبة الوضع اضطر نحو 445 ألف شخص من محافظة الحديدة للفرار منذ يونيو حزيران وفقا لبيانات الأمم المتحدة".
وقالت لرويترز إن بعضهم فر إلى مناطق أخرى في محافظة الحديدة بينما فر البعض الآخر إلى مناطق أخرى في اليمن.
وكان 2.6 مليون شخص يقطنون محافظة الحديدة الساحلية في عام 2011 قبل أربعة أعوام من اندلاع الحرب الأهلية في اليمن.
اقرأ أيضا: مؤتمر دولي يدعو لوقف الحرب في اليمن ونبذ المذهبية (شاهد)
وقالت مانتو: "على الرغم من صعوبة إحصاء عدد المتبقين في الحديدة فإن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين قلقة من ألا يتمكن الذين يريدون الفرار من أجل السلامة من فعل ذلك. إنهم محاصرون بسبب العمليات العسكرية التي تضيق الخناق على السكان وتقطع طرق الخروج".
وناشدت المفوضية جميع الأطراف السماح بالوصول إلى مخزنها المجهز بمأوى للطوارئ ومواد إغاثة أساسية والذي قالت إن الاشتباكات قطعت الطريق إليه.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس الخميس إنه يخطط لمضاعفة برنامج المساعدات الغذائية إلى اليمن بهدف الوصول إلى نحو 14 مليون شخص "لتجنب حدوث مجاعة جماعية".
ولا تملك الأمم المتحدة أي تقييم حديث لعدد الوفيات في اليمن. وقالت في أغسطس/ آب عام 2016 إن ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص لقوا حتفهم وفقا لمراكز طبية.
ويأمل مارتن جريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن في عقد محادثات سلام يمنية بنهاية العام.
ويقاتل تحالف تقوده السعودية لطرد الحوثيين المتحالفين مع إيران من المدينة التي يسيطرون عليها منذ عام 2014. وأدى احتدام القتال في الأسبوع الماضي إلى محاصرة آلاف المدنيين وسط تبادل إطلاق النار والغارات الجوية للتحالف.
وحصدت المعارك الدائرة في مدينة الحديدة 132 قتيلاً خلال 24 ساعة، غالبيتهم من الحوثيين، في مؤشّر على اشتداد ضراوة القتال الذي بات ينذر بحرب شوارع، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ومن جهتها، أفادت منظمة "المجلس النرويجي للاجئين" الإنسانية في بيان الجمعة نقلاً عن سكان في الحديدة أنّ "الغارات لا تتوقّف" على المدينة وأنّ الطائرات والمروحيّات العسكرية تحلّق على علو منخفض.
وكتب عامل إغاثة مقيم في مدينة الحديدة يدعى سالم جعفر بوعبيد في تقرير نشر على موقع "ايرين نيوز" الخاص بأخبار النشاطات الاغاثية أن القتال في الأيام الأخيرة "يقترب من وسط المدينة".
وتابع: "قلة ينامون في الليل. استطيع أن ألاحظ ملامح الإرهاق والقلق على وجوه جيراني".
وكانت القوات الحكومية علّقت عملية استعادة الحديدة في تموز/يوليو إفساحا في المجال أمام محادثات سياسية، قبل أن تعلن في منتصف أيلول/سبتمبر استئنافها بعد فشل مساعي عقد مفاوضات في جنيف بسبب غياب الحوثيين.
طرق الإمدادات
وتدخل عبر ميناء الحديدة غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان. وتثير المعارك مخاوف على حياة السكان البالغ عددهم نحو 600 ألف شخص، وعلى الإمدادات الغذائية إلى باقي المناطق التي قد تتأثّر بحرب شوارع محتملة.
وقالت منظمة "المجلس النرويجي للاجئين" في بيانها: "لم يتبقّ إلا طريق برّي واحد من الحديدة إلى صنعاء، وهناك خطر كبير بأن تؤدي الهجمات البرية أو الجوية على الطرقات والجسور إلى إغلاق الطرق بين المدن بشكل كامل".
وحذّرت من أن هذا الامر قد يؤدي "إلى قطع آخر طرق إمدادات الغذاء والوقود والادوية لنحو 20 مليون يمني تعتمد حياتهم على واردات (ميناء) الحديدة".
كما توقّعت مؤسسة "آي أتش أس ماركيت" الاستشارية في تقرير أعده خبيرها في شؤون الشرق الاوسط لودوفيكو كارلينو أن القتال في الحديدة سيشتد في الأيام المقبلة، محذّرة من أنه في حال "اجبروا على الانسحاب، فإن الحوثيين قد يفخّخون منشآت الميناء".
وفي إسطنبول، دعا مؤتمر خاص باليمن عُقد بمشاركة الناشطة اليمنيّة توكل كرمان حائزة جائزة نوبل للسلام في 2011، الأمم المتحدة إلى "العمل الجاد" لإنهاء الحرب في اليمن وطالب بإنشاء محكمة دولية خاصة تنظر في "الجرائم" التي ارتُكبت خلال النزاع.