هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت تصريحات للرئيس الباجي قائد السبسي، حول الهجوم الانتحاري الذي استهدفت دورية للأمن بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، عاصفة من الجدل، وغضبا بين الأوساط الشعبية والسياسية والإعلامية.
وكانت انتحارية في العقد الثالث من عمرها، قد فجرت نفسها، أمس الاثنين، بالقرب من تجمع لسيارات الشرطة بشارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة، لتوقع عشرات الجرحى من الأمنيين والمدنيين.
وخاطب السبسي التونسيين، في كلمة مسجلة من العاصمة الألمانية برلين، قبيل مشاركته في منتدى دولي للاستثمار، معبرا عن خيبة أمله من عودة الهجمات الإرهابية إلى البلاد، قائلا: "كنا نظن أننا قضينا على الإرهاب لكن ندعو الله ألا يقضي هو علينا".
وربط السبسي عودة الإرهاب إلى تونس، بما أسماه "المناخ السياسي السيئ والصراع بين الأحزاب على الكرسي، وانشغالهم بمعارك السلطة بعيدا عن مشاكل التونسيين، فيما يدفع الأمنيون الضريبة"، حسب قوله.
وتسببت تصريحات السبسي بموجة سخط شعبي، شمل أوساطا إعلامية وسياسية وفنية عبر الشبكات الاجتماعية، بسبب ما اعتبر خطابا مخيبا للآمال ومحبطا لعزائم التونسيين من رئيس الجمهورية، عوض الإشادة بمجهودات الأمن والجيش، فيما دون آخرون عبارة: "الإرهاب لن يقضي علينا سيدي الرئيس".
ووصف القيادي وعضو شورى حركة النهضة زبير الشهودي في تصريح لـ"عربي21" تعليق رئيس الجمهورية حول العملية الإرهابية بـ"الصادم والمجانب للصواب"، مشددا على أن الإرهاب لا يمكن أن يهزم التونسيين، مثنيا على المجهودات الأمنية، ودفاعها عن حرمة التراب التونسي.
الشهودي اعتبر أن "رئيس الجمهورية لم يستطع من خلال ما صرح به، الخروج من دائرة الصراع السياسي، ومن خلافه المعلن مع يوسف الشاهد حول تشكيل الحكومة، عوض التزامه الحياد، وممارسة دوره كرئيس جامع لكل التونسيين".
وتابع: "بكل أسف السبسي غلب الخلافات السياسية سواء مع النهضة أو مع رئيس الحكومة على مصلحة البلاد، عوض العمل على تجميع كل الأطياف السياسية في مثل هذه الظروف، التي تتطلب لحمة أكثر بين الشعب وقيادته".
بدوره، كتب نقيب الصحفيين التونسيين ناجي الغوري تدوينة ساخرة، دعا خلالها السبسي إلى العودة لسابته، متحديا إياه بالقول: "قضينا على الإرهاب، والإرهاب لن يقضي علينا".
وهاجم الناشط السياسي، مصطفى عبد الكبير، رئيس الجمهورية، مشددا على أن الشعب التونسي والمؤسستين الأمنية والعسكرية على أتم الاستعداد لهزم الإرهاب كما حدث سابقا خلال الهجوم الإرهابي الفاشل بمدينة بن قردان جنوب تونس.
ونشرت الممثلة المسرحية ليلى طوبال، صورة لها عبر صفحتها على فيسبوك وهي تحمل العلم التونسي، وأرفقته بتعليق: "صباح الحياة، لن يقضي علينا الإرهاب، نحن لا نهزم، أبدا لن نهزم".
وقال الإعلامي زياد الهاني في حديثه لـ"عربي21" إن تصريحات رئيس الجمهورية "كانت مخيبة للآمال ومجانبة للصواب ومحبطة لعزائم التونسيين".
واستغرب في سياق حديثه، من قفز السبسي على الوقائع ونزوعه نحو الحديث عن الصراعات السياسية، وزعزعة ثقة التونسيين في مؤسسات الدولة، عوض طمأنتهم.
وتابع: "مع الأسف، رئيس الجمهورية استغل الحادثة الإرهابية، لتصفية حسابات سياسية تدور رحاها حول صراع على السلطة، والحال أنه المسؤول الرئيسي عن تطور هذا الصراع، من خلال تبنيه لاستراتيجيات تهدف لتمكين نجله من الوصول للسلطة حتى وإن أدى ذلك لتدمير البلد".
ولفت الهاني، إلى أن "نوايا الرئيس في توريث نجله السلطة، باتت مكشوفة لجميع التونسيين، محذرا من تدمير الرصيد السياسي القديم للرجل حين نجح سابقا في تجنيب تونس سيناريوهات الفوضى بعد الثورة، من خلال إنجاح مسار الانتخابات، والحد من تغول حركة النهضة على المشهد السياسي".حسب وصفه.
الرئاسة ترد
ودفع الجدل الذي أحاط بتصريحات رئيس الجمهورية حول العملية الإرهابية، بمستشاريه للخروج عبر وسائل إعلام محلية لتوضيح موقفه، حيث قالت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، أن تصريحات السبسي أخرجت من سياقها وتم تأويلها بشكل خاطئ.
وشددت على "أنه تم اقتطاع الجملة من سياقها الأساسي، وبأن عودة التوتر للمناخ السياسي بإمكانه جعل تونس عرضة للعمليات الإرهابية".
بدوره، عزا المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نور الدين بنتيشة، الجدل حول تصريحات الرئيس إلى قصور في فهم الرسالة التي أراد أن يوصلها لعموم التونسيين، خلال تصريحات إعلامية.