هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعكس حركة الاحتلال الإسرائيلي النشطة هذه الأيام في العديد من دول
الخليج العربي، إلى دخول حمى التطبيع العلني مع "تل أبيب"
مرحلة جديدة تجتاح المنطقة العربية، وفق مختصين فلسطينيين أكدوا أنها
ستكون لها تداعيات على مستقبل القضية الفلسطينية.
مرحلة جديدة تتشكل
وفي زيارة مفاجئة، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
الجمعة، في "زيارة رسمية" إلى سلطنة عُمان، واجتمع بالسلطان قابوس بن
سعيد، كما وصلت في وقت سابق من اليوم ذاته وزيرة الرياضة والثقافة
الإسرائيلية، ميري ريغيف، إلى أبو ظبي، كما استضافت قطر فريقا رياضيا إسرائيليا في
بطولة للجمباز الفني المقامة في الدوحة.
وفي قراءته للقاء الذي جمع نتنياهو مع السلطان قابوس، قال الكاتب
والمحلل السياسي حسام الدجني إنه "من الواضح أن إسرائيل كانت تعمل منذ زمن من
أجل الوصول لهذه المرحلة، التي تشهد موجة من التطبيع مع الاحتلال ستجتاح
المنطقة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، "أن تأتي هذه اللقاءات
وأن تستقبل قطر والإمارات الوفود الإسرائيلية، ويتم عزف النشيد الإسرائيلي، ويزور
نتنياهو عُمان، في ظل استهداف قوات الاحتلال للشعب الفلسطيني بغزة، فهذا يدلل أننا
نعيش مرحلة من التطبيع العلني".
وأكد الدجني، أن "هذه المرحلة من التطبيع تقضي على مستقبل
العملية السياسية والمبادرة العربية للسلام التي حددت شروطا لفتح علاقات مع
إسرائيل أولها؛ أن يكون هناك إنهاء للصراع العربي الإسرائيلي، على قاعدة رد الحقوق
للشعب العربي الفلسطيني والسوري واللبناني".
ولفت إلى "مرحلة جديدة بدأت تتشكل، لا وجود للقومية العربية ولا
للعمق الاستراتيجي العربي الذي لطالما شغلنا قادة الشعب الفلسطيني بهذه
الجملة"، مضيفا: "نحن في مرحلة نحتاج بها أن نقيم حالنا كفلسطينيين
أولا، لأنه لم يجرؤ أحد على التطبيع، إلا بعد أن مارس التطبيع بأكثر من صورة رئيس
السلطة أبو مازن والقيادة الفلسطينية".
بادرة لحل القضية
وتابع: "هناك رابط بين زيارة نتنياهو وعباس لعُمان، ينبغي توضيحه
من قبل الرئاسة الفلسطينية كي نستطيع أن نفهم ما يجري، ولا يعقل أن نوجه سهامنا
إلى مسقط والدوحة والإمارات، ورئيس السلطة يتباهى أنه يجلس مع رئيس جهاز الشاباك
الإسرائيلي ومع قادة الاحتلال"، مضيفا: "هذه إشكالية أخلاقية قبل أن
تكون سياسية وقانونية".
كما كشف الوزير العماني، يوسف بن علوي، أن عباس ونتنياهو؛ هم من
أبدوا الرغبة في لقاء السلطان قابوس، وأوضح أنهم استمعوا لآراء السلطان التي كانت
"محل قبول وإحسان"، نافيا وجود أي خطة عمانية، أو أن عمان تؤدي دور
الوسيط بين الجانبين، وأضاف: في رأينا الدور الأمريكي هو الدور الرئيسي في مساعدة
الطرفين للتوصل إلى اتفاق يرضي الجميع".
وللوقوف على صدى زيارة نتنياهو لدى الشارع العماني، ذكر
مصدر خاص من عمان لـ"عربي21"، أنه "على المستوى الشعبي لا شيء
يذكر تقريبا، لأن قليلا من الناس من يتابع الأخبار هنا، وأما على المستوى
السياسي، يوجد كتلة واحدة لأن النظام هنا ملكي".
لكنه نوه إلى أن "المتابعين من الناس في مسقط للشأن السياسي،
منقسمون حول زيارة نتنياهو؛ والمؤيدون لهذه الزيارة يعتقدون وللأسف أنها
بادرة لحل قضية الأشقاء الفلسطينيين".
من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، فايز أبو شمالة، أن ما يجري
من "حمى التطبيع مع الاحتلال، يأتي في إطار الحلف الذي تحدث عنه
نتنياهو، والذي يسعى لتقديم الخدمات التكنولوجية والمخابراتية والتسليحية للدول
العربية، مقابل الظهور العلني كصديق للعرب".
نظرية نتنياهو وترامب
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وهذا جزء من صفقة القرن
التي تقوم على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال حل الصراع مع الدول
العربية".
وذكر أبو شمالة، أن "نظرية نتنياهو والرئيس الأمريكي
دونالد ترامب، تعتبر أن حل القضية الفلسطينية هو المدخل للدول العربية،
وأن العلاقة الحميمة بين إسرائيل والدول العربية هي المدخل للحل المؤكد
للقضية الفلسطينية".
ولفت إلى أن "زيارة نتنياهو لعُمان والاجتماع بقابوس، جاءت بعد
زيارة عباس قبل يومين لسلطنة عمان وكان يرافقه مدير المخابرات ماجد فرج، في
حين رافق نتنياهو اليوم مدير جهاز الموساد يوسي كوهين"، مؤكدا
أن "هناك علاقة وثيقة بين الزيارتين".
وحول مدى حاجة الأنظمة العربية الرسمية للتطبيع، نوه الكاتب إلى أن
"الأنظمة تريد الحماية الأمريكية من أجل استقرار
حكمهم ومواصلة السيطرة على شعوبهم، وهم جاهزون لدفع الثمن
لإسرائيل حليفة الحاضر والمستقبل".
أما المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، فنوه إلى أن
"التطبيع قائم منذ فترة؛ لكن الذي تغير هو هذا الانفتاح الكبير الذي نجده
اليوم من الأنظمة العربية تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "من الواضح أن جميع
الدول العربية المطبعة تعيش أزمات داخلية أو خارجية مع جيرانها".
وأوضح أبو عامر: "هذه الحالة من عدم الاستقرار، تعطي لتلك
الأنظمة المبرر السياسي – بالنسبة لها - للتعامل مع إسرائيل الحليف الاستراتيجي
للولايات، من أجل ضمان استقرار تلك الدول في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية،
وفق رؤية تلك الأنظمة الحاكمة".