نشر ريان غريم تقريرا في موقع "إنترسيبت" عن النشاط الإماراتي في
الولايات المتحدة.
وقال غريم إن الإمارات العربية المتحدة التي نجت من التدقيق الذي تعرضت له السعودية بعد مقتل الصحافي المعروف جمال
خاشقجي عادت للعبة التأثير في واشنطن وكأن شيئا لم يحدث.
وكتب قائلا إن "الرجل المسؤول عن رفع مكانة محمد بن سلمان كولي للعهد قد نجا من التدقيق في أعقاب مقتل وتقطيع معلق صحيفة "واشنطن بوست"، جمال خاشقجي".
وفي يوم الثلاثاء، تمضي الحياة كما هي، حيث يخطط السفير الإماراتي في واشنطن
يوسف العتيبة، الدبلوماسي الذي قام بحملة قوية في واشنطن لدعم ابن سلمان وجهوده لتغيير مسار الوراثة في المملكة. وعندما أصبح "م ب س" كما أصبح يعرف وليا للعهد في حزيران/يونيو 2017، ومضى في جهوده الشرسة لمراكمة السلطة بين يديه في الأشهر التي أعقبت ذلك، أومأت المؤسسة في واشنطن وقدمته على أنه إصلاحي.
وبحسب الدعوة التي حصل عليها موقع "إنترسيبت"؛ سيقيم السفير هذه الليلة (الثلاثاء) حفلة لبيني برتزكر، وزيرة التجارة السابقة في عهد باراك أوباما، لكن بصفتها رئيسا لوقفية كارنيغي للسلام العالمي.
ويقول الكاتب إن مآدب يوسف العتيبة معروفة في واشنطن. وتعد المناسبة كما يقول جزءا من محاولة الإمارات شراء التأثير في واشنطن، من خلال التودد وتدليل النخبة الأكثر تأثيرا في واشنطن. وبدأ العتيبة منذ عام 2015 باستخدام العلاقات لتسهيل الطريق أمام "م ب س"، الذي كان وزيرا للدفاع من أجل أن يصبح وليا للعهد. وأكد ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، "م ب ز"، رئيس العتيبة أن وصول "م ب س" إلى منصب ولي العهد سيكون مفيدا للإمارات خاصة إنه استطاع أخذ المنصب من ولي العهد الأمير محمد بن نايف. واعتقدت الإمارات أن وصول "م ب س" إلى السلطة سيعطي دولة صغيرة قدرة التأثير على دولة أكبر.
وفي رسالة إلكترونية للعتيبة وضّح فيها استراتيجية الإمارات لتبني "م ب س" قال فيها: "علاقتنا معهم قائمة على عمق استراتيجي ومصالح مشتركة وأكثر من هذا الأمل بالتأثير عليهم وليس العكس".
وكانت الرسالة جزءا من مجموعة مراسلات تم تسريبها من صندوق الوارد في حساب العتيبة، إما من خلال قراصنة أم من خلال أشخاص لديهم طريقة للوصول إليها. وقد تم توزيعها على وسائل الإعلام. واتهمت الإمارات حكومة قطر بتسريب الرسائل إلى الصحف.
ويقول غريم إن العتيبة يُعد من أكثر الدبلوماسيين تأثيرا في واشنطن، ويعامله عدد من صنّاع السياسة الأمريكية كمحكم في شؤون الشرق الأوسط. وكانت مصادقته على "م ب س" مهمة، فبدون الدعم الأمريكي كان مستحيلا عليه القفز فوق خط الوراثة في الرياض.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2015 قدم العتيبة "م ب س" إلى ديفيد بترايوس، الجنرال المتقاعد. وكتب بترايوس رسالة إلكترونية للعتيبة قال فيها: "رؤية خارقة وصريحة وتحبس الأنفاس، وبعضها ينفذ، ولو تحققت فستكون خارج العادة". فرد العتيبة: "م ب ز" يشاركك الرأي"؛ في إشارة لولي عهد أبو ظبي .
والتقى ابن سلمان في آذار/مارس 2015 مع مارتن إنديك وستيفن هادلي. وعمل إنديك كمسؤول بارز في إدارتي كلينتون وأوباما وكتب للعتيبة عن المحادثة بينه وبين ابن سلمان. أما هادلي فقد كان مستشارا للأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش. وكتب العتيبة إلى إنديك بتاريخ 20 نيسان/إبريل 2015 يقول: "أعتقد أن "م ب س" ذرائعي أكثر من الموقف السعودي الرسمي"، فرد إنديك: "أوافق أيضا، فقد كان واضحا مع ستيف هادلي ومعي أنه يريد الخروج من اليمن، وأنه لا يعارض حملة الولايات المتحدة ضد إيران طالما تم تنسيقها مقدما وكانت الأهداف واضحة".
ورد العتيبة: "لا أعتقد أننا سنرى زعيما أكثر براغماتية في ذلك البلد. ولهذا السبب فالتعامل معه مهمٌ، وسيؤدي إلى أهم النتائج التي ستخرج من السعودية".
واعتبر سياسة "م ب س" الرئيسية هي الحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن منذ أكثر من 3 أعوام، والتي تهدف إلى هزيمة المتمردين الذين احتلوا العاصمة بدعم من الرئيس السابق. وتوقعت إدارة أوباما أن لا تستمر الحملة سوى عدة أسابيع وها هي تعدت عامها الثالث، وورطت قوات التحالف في مستنقع اليمن. وأنتجت الحرب أكبر كارثة إنسانية في العالم، ووباء كوليرا لم يشهده التاريخ الحديث.
ومع جمود ساحة المعركة، فقد كشفت عدة تقارير إعلامية أن السعودية تبحث عن مخرج من النزاع ولكن بشروط تحفظ ماء الوجه.
وبعد أيام من تبادل العتيبة وإنديك الرسائل حول اليمن؛ كتب المعلق في "واشنطن بوست" ديفيد إغناتيوس للعتيبة لكي يشاركه في مقاله الذي كتبه عن "م ب س"، فرد العتيبة: "أشكرك على الوقت الذي خصصته لمقابلة "م ب س". وكرجل يعرف المنطقة جيدا، يبدو من كلامك أنك بدأت ترى ما نقوله منذ عامين: تغيير! تغير في المواقف والأسلوب والنهج. وأعتقد اننا نتفق أن هذه التغيرات في السعودية ضرورية. وأنا سعيد أنك بدأت ترى ما رأيناه وتقوم بشكل منتظم بنقله. وصوتك مع مصداقيتك عامل كبير من أجل جعل الناس العقلانيين يصدقون ما يحدث. ومهمتنا الآن هي عمل ما يمكننا عمله والتأكد من نجاح (م ب س)".
ومن الأشياء التي قام بها العتيبة تقديم السعودية إلى شركة العلاقات العامة التي تمثل الإمارات في واشنطن، وهي "هاربور غروب"، والتي أخذت تمثل السعوديين. لكنها قررت وسط الجدل بشأن خاشقجي التوقف عن تمثيلهم، فيما لا تزال تعمل نيابة عن الإمارات.
ومع انتخاب دونالد ترامب أصبح العتيبة مقربا من صهر الرئيس جاريد كوشنر، حيث عرّف ابن سلمان عليه وأقاما العلاقة المعروفة. وبذل كوشنر جهده لإقناع ترامب بزيارة السعودية في أول رحلة خارجية له. وأخبر ابن سلمان من حوله إن كوشنر "في الجيب"، وأنه شاركه معلومات سرية تتعلق بالعائلة المالكة، وذلك حسب مصادر ثلاثة على علاقة مع العائلتين الحاكمتين في الإمارات والسعودية.