هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
علق مراسل صحيفة "الغارديان" ومحررها لشؤون الشرق الأوسط؛ مارتن شولوف على تطورات قضية الصحافي المغدور جمال خاشقجي.
وقال شولوف في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن القضية وضعت الأمير السعودي محمد بن سلمان في المكان الذي يريده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشار شولوف إلى خطابين مهمين سيلقيهما زعيمان مهمان في الشرق الأوسط، فسيفتتح الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد محمد بن سلمان منتدى مبادرة استثمار المستقبل الذي قرر عدد كبير من المشاركين المهمين عدم حضوره. ومن المتوقع أن يلقي رئيس تركيا رجب طيب أردوغان خطابا قد يعزل المملكة. فالرهانات عالية عندما يصعد أردوغان المنصة ويناقش قضية اختفاء ومقتل خاشقجي.
وربما لن تكون المنطقة كما كانت عندما ينهي خطابه. فبعد ثلاثة أسابيع على اختفاء خاشقجي في القنصلية السعودية التي دخلها في 2 تشرين الاول/أكتوبر، تعهد أردوغان بكشف "الحقيقة العارية" حول المصير الذي لقيه خاشقجي، الناقد للحكومة السعودية وبخاصة سياسات ابن سلمان. ولو كان صادقا في تعهده فسيكشف كل الأدلة التي تدين السعودية في العملية وجمعتها الحكومة التركية طوال الأسابيع الماضية (وثائق وتسجيلات تظهر التعذيب والقتل وتقطيع جثة خاشقجي). وتحضيرا لمسرح اليوم قال الناطق باسم الرئاسة التركية أمس الاثنين إن موت خاشقجي كان "جريمة معقدة" و"خطط لها بدقة".
وعلق شولوف بالقول إن أردوغان وليس بيروقراطيي الدولة هو من سيوقّع هذه الحادثة الخارقة وسينقلها لمستوىً جديد. ومن المتوقع أن يتهم رجل تركيا القوي الدائرة المغلقة في السلطة السعودية بتنظيم وملاحقة خاشقجي وقتله، بشكل يناقض الرواية السعودية من أن مجموعة من المخبرين تصرفوا بعيدا عن أوامر القيادة.
ويرى شولوف أن اتهامات كهذه تحمل وزنا لم تره الرياض التي واصلت النفي حتى يوم السبت، وأكدت أن خاشقجي ترك القنصلية بعد فترة قصيرة من دخولها. وسيكون الفزع هو علامة اليوم خاصة مع افتتاح المؤتمر المهم في الرياض. وتشهد بعض الدوائر في القصر الملكي حالة من الذعر.
ويقول شولوف إن أردوغان أمسك السعوديين، خاصة ابن سلمان في المكان الذي يريدهم فيه. ومن الأزمة قد تأتي الفرصة للزعيم التركي المخضرم الذي لم يقم علاقة دافئة مع الأمير المتهور. فلأردوغان رؤية مختلفة لمستقبل المنطقة، فهو مدافع عن الإسلام السياسي خاصة بعد المصير الذي لقيه محمد مرسي في مصر. ودعم قطر ضد الحصار الذي فرضه ولي العهد وحلفاؤه عليها.
أما الأمير فيحاول تقديم نفسه كمصلح يريد إخراج المملكة من اعتمادها على النفط وتخفيف حدة الوهابية وتحويل المملكة إلى دولة قومية عربية سلطوية. والنموذج هو مصر والإمارات حيث يشهد الثلاثي صعودا منذ سقوط مرسي.
وبالنسبة لأردوغان، فالقتل البشع الذي تعرض له خاشقجي يعتبر لحظة تاريخية ونقطة تحول لحرف الطاولة لصالحه وجائزة من أمير متهور وقاس.
وأثارت الجريمة تقززا حتى بين حلفاء الأمير. ويقول سونير شاغباتاي، مدير برنامج تركيا في معهد واشنطن: "أصبحت معركة استراتيجية بين أردوغان ورؤيته للشرق الأوسط، وبين الرؤية التي يحملها "م ب س" و "م ب ز" (محمد بن زايد) والسيسي". ويقول شاغباتاي إن "أردوغان يرى فرصة في مقتل خاشقجي واكتشف أن "م ب س" هو الحلقة الأضعف في الزاوية المعادية لأردوغان والإخوان المسلمين. فابن سلمان يرقص على جليد رقيق وسيحاول أردوغان إذابته أكثر".
وتعود المسألة إلى عام 2013 حيث أطيح بمحمد مرسي ورفض أردوغان التعامل مع الحكومة في القاهرة التي وصفها باللاشرعية. وغادر مسؤولون سعوديون بارزون زاروا أنقرة من أجل تخفيف حدة الأزمة وهم يعتقدون أن لدى أردوغان الفرصة لإعادة تركيا كقوة إسلامية وتبديد التأثير السعودي، كصوت إسلامي بارز.
وعاد خالد الفيصل أمير مكة من زيارة لأنقرة خائفا بحسب مسؤول. وقال إن أردوغان "لم يظهر لينا ولم يكن يريد الاستماع. وعاد الفيصل وأخبر الملك: نحن أمام مشكلة". ويقول شاغباتاي إن أهداف أردوغان هذه المرة محدودة ولا يريد ملاحقة السعوديين الذين لا يأبهون بهم بما فيهم الملك". وما يريد عمله هو تهميش أو تحييد "م ب س" خاصة عندما يتعلق بتركيا ويأخذ قطعة من الثلاثي الذي يناهضه".