هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت مصر عن "صفقة" مع الجانب الإسرائيلي لإنهاء أزمة تعويضات التحكيم الدولي التي ربحتها شركات إسرائيلية وتضمنت غرامات بملايين الدولارات نتيجة التوقف عن إمداد تل أبيب بالغاز في أعقاب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
وقالت شركة "ديليك" الإسرائيلية، في بيان صحفي الأسبوع الماضي، إن شركات "نوبل إنرجي" و"ديليك" و"غاز الشرق" المصرية اتفقت على شراء 39% من أسهم خط أنابيب غاز شرق المتوسط مقابل 518 مليون دولار.
وأضافت الشركة الإسرائيلية أن الجانب الإسرائيلي وافق على إنهاء إجراءات التحكيم مع مصر، مقابل شراء التحالف الجديد للغاز الإسرائيلي ونقله إلى مصر تمهيدا لتصديره إلى أوروبا بحلول 2019 .
وأعلنت وزارة البترول المصرية ترحيبها بهذه الخطوة، معتبرة أن ذلك يعمل على تسوية النزاعات القائمة مع المستثمرين الإسرائيليين بشروط تعود بالفائدة على جميع الأطراف.
وقالت صحيفة "فيتو"، المقربة من الأجهزة الأمنية في مصر، في تقرير لها السبت الماضي، إن الحكومة المصرية أجرت مفاوضات سرية مع الحكومة الإسرائيلية عرضت خلالها إنهاء النزاع وتسوية الخلافات بينهما عن طريق إدخال شركات مصرية خاصة في اتفاقيات تجارية مع الشركات الإسرائيلية لاستيراد الغاز الإسرائيلي لمصر، شريطة تنازل حكومة تل أبيب عن الغرامات المالية المفروضة على مصر وقيمتها 1.7 مليار دولار لصالح شركة كهرباء إسرائيل بالإضافة إلى 288 مليون دولار أخرى لصالح شركة "غاز شرق المتوسط".
وأكدت أن القاهرة طلبت من تل أبيب إعلان إنهاء تسويات الخلافات التجارية مع مصر والتنازل عن غرامات التحكيم الدولي كاملة، والإقرار بأن القاهرة استخدمت كل الإجراءات الممكنة في إنهاء الأزمة لتحسين صورتها في هذا الشأن أمام التحكيم الدولي.
نصيب الأسد لإسرائيل
ومنذ العمل بنظام التحكيم الدولي في مصر عام 1994 خسرت القاهرة 76 قضية من إجمالي 78 قضية مع مستثمرين أجانب.
اقرأ أيضا: لماذا تواصل مصر سلسلة خساراتها لقضايا التعويض الدولية؟
وبلغت الخسائر التي تكبدتها مصر في قضايا التحكيم الدولي خلال السنوات العشر الماضية فقط قرابة الـ76 مليار دولار، بحسب تقديرات الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم، علما بأن هناك عددا من القضايا لم يبت فيها حتى الآن، ما قد يرفع حجم التعويضات إلى 100 مليار دولار.
وكان لتل أبيب نصيب الأسد من التعويضات التي دفعتها مصر حيث تجاوزت الـ13 مليار دولار عن 4 قضايا.
ويقول خبراء إن هذه المبالغ الطائلة التي يتم تسديدها من خزانة الدولة كتعويضات لدول أو شركات أجنبية ترهق موازنة البلاد، حتى إن الحكومة تدفع نحو 7.6 مليار دولار سنويا، وهو ما يعادل 40% من حجم الصادرات المصرية التي سجلت 20 مليار دولار تقريبا عام 2017.
"لم نتعلم الدرس"
وتعليقا على هذه القضية قال الباحث الاقتصادي أحمد القماش إن مصر لها سجل طويل في خسارة قضايا التحكيم الدولي كلفت الدولة مليارات الدولارات منذ تسعينيات القرن الماضي، كان آخرها إصدار حكم بإلزام مصر بدفع ملياري دولار كتعويض لشركة "يونيون فينوسا جاس" الإسبانية.
وأوضح القماش، في تصريحات لـ "عربي21"، أن الحكومات المصرية المتعاقبة لم تتعلم الدرس وظلت تسند مهمة صياغة العقود مع المستثمرين الأجانب لمجموعة من الموظفين الذين ليس لديهم خبرة كافية بالثغرات القانونية التي يمكن أن يستند إليها الطرف الآخر في إبرام مثل هذه العقود، فضلا عن ضعف الكوادر التي تتولي الدفاع عن الحكومة المصرية في قضايا التحكيم الدولي، مؤكدا أن كثرة النزاعات مع المستثمرين الأجانب يؤثر سلبا على سمعة الدولة ويخوف المستثمرين من العمل في البلاد، كما أنها تضعف التصنيف الائتماني للدولة.
اقرأ أيضا: تغريم مصر 2 مليار دولار في النزاع حول الغاز الطبيعي
وأضاف أن ما يزيد من صعوبة الأمر أن قضايا التحكيم الدولي ملزمة وباتة ولا يجوز الطعن عليها وتكون الحكومات مجبرة على سداد التعويضات وفي حال عدم السداد يتم مصادرة الأصول المالية والتجارية للدولة في الخارج.
وحول الصفقة التي عقدتها الحكومة مع الجانب الإسرائيلي، قال إنها محاولة لتقليل الخسائر قدر الإمكان، مشيرا إلى أن الجميع يعلم، وخاصة المهتمين بالمجال الاقتصادي، أن الشركات المصرية الخاصة العاملة في قطاع النفط والغاز هي شركات مملوكة للدولة بشكل غير مباشر.
واستطرد: "ويتم استخدام هذه الشركات في بعض الحالات التي لا ترغب الدولة في الظهور بها خوفا من الرأي العام، كما في حالة استيراد الغاز من إسرائيل، وإن ملاكها ما هم إلا واجهة فقط وينفذون ما تتفق عليه الحكومة مع الجانب الإسرائيلي".