الجدال الراهن حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي
تخطى مرحلة الحديث عن موته من عدمه، وعمن هو القاتل؛ لأن الأمور باتت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.. الجدال الراهن هو حول:
هل سيفلت ابن سلمان بفعلته التي فعلها وهو في كامل وعيه وبإرادة وإصرار واضحين لا تخطئهما عين؟
أو السؤال بطريقة أخرى: هل سيترك دونالد
ترامب محمد بن سلمان يفلت من العقوبة مقابل فوزه هو (ترامب) بالغنيمة؟ أو بمعنى آخر: هل من مصلحة ترامب إدانة
ابن سلمان أم احتوائه عبر إبقائه في السلطة رهن إشارة البيت الأبي، الذي يخطط ترامب للبقاء فيه لمدة جديدة؟
دعني أتحدث إليك عزيزي القارئ كما لو كنت مكان الرئيس الأمريكي ترامب...
1- سأظل أناور بورقة الحقيقة، وأصرح بأنني لم تصلني معلومات مؤكدة عن تورط ابن سلمان نفسه؛ حتى أضطرهم إلى الاعتراف، ولو سرا، بأن ابن سلمان ومن معه هم القتلة، أو على الأقل المشتبه بهم.
2- إذا استمروا في النفي كما هو الحال الآن، فسأطبق الخناق على ابن سلمان بما لدي من معلومات وبيانات وفيديوهات؛ حتى يقوموا ببعض الخطوات تجاه التحقيق في القضية والتعاون مع الأتراك.
3- إذا استمروا في العناد، فسأقوم بعدة تغريدات وتصريحات تفيد بأن لدي معلومات مؤكدة أن شخصية سعودية كبيرة (ولن أفصح عنها) هي من تقف خلف العملية القذرة.
4- سيضطر ابن سلمان ووالده إلى اللجوء إليّ كصديق من أجل لملمة الموضوع ومحاولة إيجاد مخرج، وهنا سأعلن لهم عن قائمة طلباتي أو طلبات شعبي، والمتمثلة في حصة دائمة من النفط السعودي، وهذا أقل ما يمكن الحصول عليه، وأن التفاوض على سقف أقل من هذا يعني أن ابن سلمان سيذهب للمحكمة الدولية، مثله مثل مجرمي الحرب في رواندة وصربيا والبوسنة والهرسك.
5- إذا وافق ابن سلمان وأبوه على الشروط، أو لنقل الطلبات الأمريكية، فسوف أخرج على الملأ بتصريح ناري في نقاط واضحة:
- لن نتخلى عن صفقات السلاح.
- سنوقع عقوبات على بعض
كباش الفداء الذي سيضحي بها ابن سلمان، مثل مجموعة مستشاريه من عيّنة سعود القحطاني والقنصل وخمسة أو سبعة ممن نفذوا العملية القذرة.
- سندعم قرار عقد محكمة دولية لمحاكمة الجناة، ولن نأتي على ذكر ابن سلمان، وعليه تسليمنا "كبش الفداء" حتى نقيم محكمة حقيقية نضمن من خلالها صمت الجناة وعدم بوحهم بالقاتل الحقيقي.
- أو سنقترح قتلهم أو "انتحارهم" أثناء المحاكمة، وبالتالي تدفن القضية إلى الأبد.
- بالنسبة لبقاء صديقنا محمد بن سلمان، فقد أعلن أنه يحب التعامل معي، وأنا أحبه وأحب التعامل معه أيضا، وبالتالي فلن أسمح أبدا بالمساس به ولا بتجريمه، وسنكتفي إذا صعب الموقف وتأزمت الأمور؛ بإبعاده عن السلطة ولو مؤقتا، لكن وثقة في الله لن أتخلى عنه، وسأظل أواجه العالم والكونجرس من أجل بقائه كولي لعهد المملكة لحين هدوء العاصفة.
- تأكيدا لجديتي في التعامل مع الملف، سوف أقنع بعض الشركاء بالتروي والتمهل قبل إصدار حكم سياسي ضد ابن سلمان، وسوف أنصح الملك ببدء حملة اتصالات شخصية مع الأصدقاء وليبدأ بتركيا لأنها من
تملك الأدلة على تورط المسئولين السعوديين.
1- إذا أصرت
تركيا على موقفها من القضية، سنحاول إقناعها بتحويل مجرى القضية بحيث تصبح قضية قانونية بحتة، ونصرف الطرف عن الشق السياسي أو نحاول معالجته في إطار الأخوة والصداقة واعتذار دبلوماسي لتركيا، وكفى الله المؤمنين القتال كما يقول المسلمون.
2- إذا أصرت تركيا فإنها في هذه الحالة تقف حجر عثرة في وجه المصالح الأمريكية العليا، وبالتالي سوف نذكرها بأن لديها محتجزين أمريكيين وعليها الإفراج عنهم فورا، وإلا سنعود لفرض العقوبات، وعلى الرئيس أردوغان الذي أحترمه وشعبه؛ أن يقدر المصالح المشتركة بين البلدين.
3-
لو لم يكن من إبعاد محمد بن سلمان عن السلطة بدٌ، وهذا خيار لا أريده وسوف أرفضه وأقاومه ما حييت، فإنني سأقترح تعيين أخيه خالد بن سلمان، سفير المملكة في أمريكا، وليا للعهد، حتى لا يغضب الملك سلمان، وقد يصيبه مرض عضال بسبب اتهام أو إبعاد ولده محمد في قضية قتل قذرة من هذا النوع. وأعتقد أن خالد ولد طيب ويحب أمريكا، ولديه القدرات التي تؤهله لقيادة المملكة في الفترة المقبلة.
إذا وضعت في الاعتبار تصريحات ترامب بعدم قدرته على التخلي عن صفقات السلاح المليارية، فإنك وبسهولة يمكنك تفهم أو القبول بهذا السيناريو أو الخطوط العامة له، وسوف يمكنك معرفة مسار الأحداث من اليوم وحتى أشهر مقبلة، ولا أقول أسابيع قادمة.
جريمة خرقاء واتهام وحصار وتنازلات قد تنتهي بالتضحية بالأوطان من أجل بقاء القتلة على كرسي العرش.. مسكينة تلك الأوطان التي يتم فيها مقايضة الدم بالنفط والسلاح.
رحمة الله عليك يا جمال.