هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تهدد أزمة الأدوية المزيفة والمغشوشة في مصر، إلى جانب انتشار الأدوية المنتهية الصلاحية، حياة ملايين المصريين.
ويجري ترويج هذه الأدوية على صفحات التواصل الاجتماعي، فيسبوك، وفي الأسواق الشعبية، وعلى أرصفة بعض الشوارع في العاصمة القاهرة.
وكشفت الأرقام مدى ضخامة حجم تلك التجارة غير الشرعية، ومخاطر آثارها على المواطنين من جهة، وسوق الدواء من جهة أخرى، ما ينذر بتصاعد الأزمة في الفترة المقبلة ما لم يتم السيطرة عليها، وتجفيف منابع تصنيعها، وإعادة تدويرها وتجارتها، وفق خبراء في علم الدواء .
وأكد أعضاء بنقابة الصيادلة، أن حجم الأدوية المغشوشة المتداولة في الأسواق المصرية لا تقل عن 10% من حجم السوق الدواء، فيما قدًر المركز المصري للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة الإدمان، حجم الدواء المغشوش بحوالي 15%، بينما رفع المركز المصري للحق في الدواء النسبة إلى 20%.
تجارة بدون رقيب
وحَصَرَ صيادلة وخبراء في الصحة في تصريحات لـ"عربي21" المسؤولية في تفشي تلك الظاهرة في الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، والهيئة القومية للرقابة والبحوث على المستحضرات الحيوية، ووزارة الصحة، وشركات الأدوية المسؤولية ؛ بسبب ضعف الرقابة، ونقص الدواء، وغياب التوعية، وتمدد سطوة مافيا تجار الأدوية، وعدم إعدام الأدوية منتهية الصلاحية.
ووصفت وكيلة لجنة الصحة بالبرلمان المصري، إيناس عبدالحليم، تواجد العقار المغشوش داخل المستشفيات العامة والصيدليات بالفشل الذريع، وكشفت عن وجود أكثر من ألفي مخزن أدوية بدون ترخيص من الصحة، وتعمل تحت السلم.
وطالب نواب بتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن ظاهرة الأدوية المغشوشة، حيث وصل حجم تجارة الدواء المغشوش بالسوق ما يقارب نحو 10 مليارات جنيه سنويا أي ما يعادل 20% من سوق الدواء المصري التي تبلغ أكثر من 50 مليار جنيه، وفق الجمعية الصيدلية المصرية، فيما ذكر مركز الحق في الدواء، أن حجم الأدوية المغشوشة في سوق الدواء المصرية يصل قرابة الـ 12 مليار جنيه عبر السوق السوداء والطرق غير المشروعة.
أزمة بلا بيانات
أستاذ علم الأدوية بالهيئة القومية للبحوث والرقابة الدوائية، حامد رؤوف، ألقى بالمسؤولية في كشف حقيقة أزمة بيع الأدوية المغشوشة، وإعادة تدوير الأدوية منتهية الصلاحية على الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة التابعة لوزارة الصحة، قائلا: "هي التي يجب أن تحدد طبيعة وحجم الأزمة، وليس غيرهم".
وبشأن إذا ما كان هناك حاجة إلى سن قوانين جديدة تجرم غش الأدوية، وتداولها، أوضح لـ"عربي21" أن مصر ليست بحاجة إلى سن أو تشريع قوانين جديدة لمواجهة أزمة الأدوية المغشوشة، أو المنتهية الصلاحية، وينبغي على وزارة الصحة تشخيص الأزمة بدقة، ووضع حلول لها، من خلال التفتيش على الصيدليات والمصانع ومخازن الأدوية، ومتابعة أي تقارير تفيد بوقوع حالات غش.
وبخصوص حجم تجارة الأدوية المغشوشة في مصر، أستاذ علم الأدوية، أنه "لا توجد أية إحصاءات رسمية في هذه القضية، وما يتم طرحه من أرقام لا يستند إلى قاعدة بيانات دقيقة، وعلينا أن نسمع من وزارة الصحة ما هو حجم الأزمة، ومناقشتها فيما تعلنه، ولكنها حتى الآن لم تعلن شيئا".
وطالب البرلمان الذي يناقش الأزمة بعد إثارتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "أن يميط اللثام عن حجم الأزمة من خلال مناقشته لها، واستدعائه للسؤولين في قطاع الصحة؛ لإستجلاء الرؤية، وتوضيح الموقف، من أجل الوصول للحقيقة".
3 أسباب
ويقول عضو التجمع الصيدلي المصري، الصيدلاني، محمد إسماعيل، لـ"عربي21": إن "هناك ثلاثة أسباب للأزمة أولها، ارتفاع أسعار بعض الأدوية، واختفائها من الأسواق، والبحث عن بديل لها وبسعر أقل، ثانيها، عدم وجود رقابة صارمة على مخازن الأدوية، والصيدليات، وثالثها، عدم التزام شركات الأدوية باستردادا الأدوية منتهية الصلاحة، وإعدامها".
اقرأ أيضا: الصحة العالمية: 11% من الأدوية المباعة بالدول النامية مغشوشة
وكشف أن "وزارة الصحة كانت قد أصدرت قرارا لتنظيم عملية جمع الأدوية منتهية الصلاحية من الأسوق العام الماضي، وألزمت الشركات بقبولها من الصيدليات، خلال عام من تاريخ صدور القرار، ومنحتهم مهلة لتنفيذه ألا أن الكثير من الشركات لم تلتزم بالمهلة ولا بالقرار".
وحذر من أن "الكثير من الأدوية التي يعاد تدويرها بعد انتهاء صلاحيتها تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، وتهدد المجتمع، كما تتسبب الأدوية المغشوشة في ترك آثار خطيرة على المرضى أكثر من المرض الذي يعانون منها، وما يحدث تتحمل مسؤوليته وزارة الصحة وأجهزتها الرقابية".
وتوقع أن تتسع تجارة الأدوية المغشوشة في ظل غياب الرقابة، قائلا: "لا أتوقع أن تشهد تلك التجارة تراجعا؛ بسبب الأرباح الكبيرة التي تدرها على القائمين عليها، ولا تعنيهم صحة أبناء وطنهم، فهناك بعض المعامل غير المرخصة تحقق أرباحا بالملايين سنويا جراء تقليد الأدوية، أو غشها، ويتربح من ورائها تجار وصيادلة وسماسرة".