هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذي أتلانتك" مقالا لأستاذ الصحافة المساعد في جامعة نيويورك محمد بازي، يقول فيه إن أزمة جمال خاشقجي قد تدفع الكونغرس إلى ممارسة ضغوط حقيقية على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "خاشقجي اختفى في 2 تشرين الأول/ أكتوبر عندما ذهب إلى القنصلية السعودية للحصول على وثائق يحتاجها لإتمام زواجه، لكنه لم يخرج من القنصلية، ومنذ ذلك الحين بدأت مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن بالتحول ضد ولي العهد السعودي المغرور والطموح، وخلال أيام سرب المسؤولون الأتراك تفاصيل القتل الشنيع لخاشقجي على يد فريق اغتيال من 15 سعوديا، كما نشرت (واشنطن بوست)، التي كانت تنشر عمودا لجمال خاشقجي تقريرا، يفيد بأن المخابرات الأمريكية التقطت اتصالات لمسؤولين سعوديين يناقشون خطة وافق عليها ابن سلمان لاستدراج خاشقجي للمملكة من مكان إقامته في فرجينيا وسجنه، وفي الوقت الذي زادت فيه الاحتجاجات الدولية، فإن إدارة ترامب -التي لا تعير سياستها الخارجية اهتماما لحقوق الإنسان- امتنعت عن الضغط على السعوديين، حتى يوم الأربعاء، حيث قال البيت الأبيض إن صهر الرئيس جاريد كوشنر ومستشار الأمن القومي جون بولتون قاما بالاتصال بابن سلمان لمناقشة اختفاء خاشقجي".
ويستدرك بازي بأن "أشد ضغط قد يمارس على السعوديين مصدره الكونغرس الأمريكي، حيث انتقد كل من الديمقراطيين والجمهوريين السياسات السعودية التي تشجع التطرف الإسلامي وارتباطها بالإرهاب، خاصة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، التي كان فيها 15 من 19 مختطفا من أعضاء تنظيم القاعدة من السعوديين، ومنذ بداية الحرب ضد الحوثيين في اليمن عام 2015 فإن هناك عددا متزايدا من أعضاء الكونغرس القلقين بسبب ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وحاولوا وقف المساعدات العسكرية للسعودية وحلفائها".
ويلفت الكاتب إلى أن مجموعة مؤلفة من 22 عضوا من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين أرسلوا يوم الأربعاء رسالة إلى دونالد ترامب، وهو ما سيضطر الإدارة لإجراء تحقيق في اختفاء خاشقجي، واستندت الرسالة إلى قانون "ماغنيتسكي" للمساءلة العالمية في حقوق الإنسان، الذي يسمح للكونغرس بمطالبة السلطة التنفيذية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاختطاف والقتل خارج القانون، "ضد الأشخاص الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير"، وطالب الأعضاء ترامب بأن يفرض عقوبات "على أي شخص أجنبي مسؤول عن مثل هذه الانتهاكات بحق خاشقجي (بمن فيهم) أكبر المسؤولين في الحكومة السعودية"، ويعطي القانون ترامب 120 يوما لإجراء تحقيق، وتحديد المتورطين، وتقرير فيما إذا كان هناك ما يبرر العقوبات.
ويقول بازي إنه "من غير المتوقع أن توجه إدارة ترامب التهمة لولي العهد فيما حصل لخاشقجي، الذي سيقتضي عقوبات ضد كبار الشخصيات الملكية في السعودية، لكن أعضاء مجلس الشيوخ باستدعائهم قانون "ماغنيتسكي"، فإنهم يرسلون برسالة إلى ترامب وإلى القادة السعوديين بأنهم لن يسمحوا لهذه القضية بأن تمر هكذا، وتم ترتيب الرسالة من السيناتور الجمهوري بوب كروكر، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والسيناتور الديمقراطي بوب مينديز، أحد كبار أعضاء اللجنة، وقبل إرسالها إلى ترامب قام كروكر بالاطلاع على معلومات استخباراتية حول خاشقجي، بحسب التقارير، وقال إنه يمكن الاعتماد على الرواية التركية، وقال: (نحتاج أن نقوم بعمل ما.. وهناك شيء نستطيع القيام به على مستوى الكونغرس)، وذهب إلى أبعد من ذلك في مقابلة له يوم الخميس مع (سي أن أن) بالقول: (حدسي يخبرني بأنه ما من شك أن الحكومة السعودية فعلت هذا، ويقول حدسي إنهم قتلوه)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذه ليست هي المرة الأولى التي يسعى فيها كروكر للضغط على السعوديين، ففي حزيران/ يونيو 2017 جمد مبيعات الأسلحة لأعضاء مجلس التعاون الخليجي كلهم حتى تقوم السعودية وحليفتها الإمارات والبحرين بتسوية خلافاتها مع قطر، على خلفية استقلالية سياستها الخارجية وعلاقاتها بإيران، منافسة السعودية الإقليمية، وبعد 8 أشهر، ومع عدم وجود مؤشر إلى أن السعودية ستتراجع رفع كروكر التجميد بحجة أن الصفقات تساعد في الحرب على الإرهاب".
وينوه بازي إلى أن "أعضاء الكونغرس الآخرين الذين كانوا مؤيدين للسعودية بدأوا في اتخاذ مواقف صلبة في قضية خاشقجي، فقال السيناتور الجمهوري لندسي غراهام، عضو لجنة القوات المسلحة وحليف لترامب، إنه إن اكتشف أن السعوديين مسؤولون عن وفاة الصحافي فإنه يجب أن يكون (الثمن كبيرا)، وأضاف: (إن كان هذا الرجل قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول، فإن ذلك تجاوز للخطوط الطبيعية في المجتمع الدولي كلها)".
ويفيد الكاتب بأن "ابن سلمان لم يعتد على مثل هذا النقد من المسؤولين الأمريكيين، وفي حزيران/ يونيو 2017 قام الملك الثمانيني سلمان بخلع ابن أخيه محمد بن نايف، الذي كان مفضلا لدى المؤسسة الأمنية والمخابراتية الأمريكية، من ولاية العهد، وسلمها لابنه محمد بن سلمان، الذي اتبع سياسة خارجية جديدة، وبدأ سباقا إقليميا مع إيران، وكان ابن سلمان هو المفضل لإدارة ترامب؛ لأنه بنى علاقة صداقة مع جاريد كوشنر، وهما من أقنعا ترامب بأن يجعل السعودية أول بلد أجنبي يزوره، وتم استقباله استقبالا فخما في الرياض، وجعل ترامب وكبار مستشاريه دعم المملكة والنقد المستمر لإيران، بصفته أكبر مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، سمة أساسية لسياستهم الخارجية".
ويجد بازي أنه "حتى لو لم يؤد التحقيق إلى عقوبات فإنه يمكن للكونغرس أن يجعل السعوديين يدفعون ثمن تغييب خاشقجي بتقييد المساعدات العسكرية في حرب اليمن، فأعضاء الكونغرس غاضبون من إدارة ترامب لعدم اهتمامها بالضحايا المدنيين، والخشية من احتمال تورط أمريكا في جرائم حرب، وأكد وزير الخارجية مايك بومبيو، الشهر الماضي، للكونغرس بأن السعودية والإمارات تتخذان إجراءات ملموسة لتجنب الإضرار بالمدنيين، وتقومان بجهد جيد للتوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في اليمن، ودون تأكيدات الإدارة كل ستة أشهر فإن البنتاغون لا يستطيع تقديم المساعدات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن".
ويذكر الكاتب أن "سبعة أعضاء في مجلس الشيوخ قاموا، يوم الأربعاء، بكتابة رسالة لوزير الخارجية بومبيو، يتساءلون فيها عن قراره بأن يؤكد أن السعودية والإمارات تفعلان ما بوسعهما لمنع وقوع ضحايا مدنيين في اليمن، حيث وصل عدد الضحايا، بحسب بعض التقديرات، إلى 50 ألف مدني، بالإضافة إلى أن مينديز سيمنع الإدارة من تنفيذ صفقة بمليارات الدولارات لبيع 120 ألف صاروخ وذخائر للسعودية والإمارات".
ويقول بازي: "إن نجح الكونغرس في إحداث شرخ في التحالف السعودي الأمريكي، فقد يجعل ذلك السعودية تتقرب من روسيا التي وقعت صفقة مع الرياض لبيعها تكنولوجيا دفاعية ضد الصواريخ، ويبدو أن تلك الصفقة كانت مؤشرا لواشنطن بأن السعوديين على استعداد للتحول من الاعتماد شبه الكامل على أنظمة الأسلحة الأمريكية، وفي الواقع، وبعد الإعلان عن تلك الصفقة، فإن وزارة الخارجية الأمريكية سرعت بالموافقة على صفقة لشراء نظام دفاعي ضد الصواريخ قيمته 15 مليار دولار من شركة (لوكهيد مارتن)، لكن تلك المفاوضات توقفت، وفشل السعوديون قبل فترة وجيزة في الحصول على تخفيض قيمته 20% إذا قرروا الشراء قبل 30 أيلول/ سبتمبر، (ولا يزال السعوديون يتفاوضون مع الروس على تفاصيل تلك الصفقة)".
ويبين الكاتب أنه "بالنسبة لترامب، فإن صفقات السلاح تبقى هي لب العلاقات الأمريكية السعودية، فأعلن خلال رحلته إلى الرياض في أيار/ مايو 2017، عن سلسلة من صفقات بيع الأسلحة مع المملكة، تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار على مدى 10 سنوات، لكن كثيرا من صفقات الأسلحة تلك كانت قد تمت الموافقة عليها من إدارة أوباما، وفي مقابلة مع (فوكس نيوز) عندما سئل ترامب عن جهود الكونغرس لمعاقبة السعودية بتحديد مبيعات الأسلحة، فإنه قال: (أعتقد أن ذلك سيؤذينا.. لدينا وظائف، ولدينا أمور كثيرة تحدث في هذا البلد)".
ويختم بازي مقاله بالقول إن "اختفاء خاشقجي والدعوة للمساءلة من الكونغرس قد يغيران التحالف الأمريكي السعودي، وسيزيدان انتقاد السعودية فقط إن سيطر الديمقراطيون على أحد مجلسي الكونغرس أو كلاهما خلال الانتخابات النصفية".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا