هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى زيادة الضغط على الموازنة العامة المصرية، حيث بلغ خام برنت أعلى مستوى له في أربع سنوات، عندما حقق 86.74 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي.
وتوقع خبراء أن تؤدي هذه الزيادة إلى لجوء الحكومة إلى مزيد من الخفض في مبالغ الدعم، وترفع أسعار الوقود والسلع الأساسية، لتزيد من الأعباء على كاهل المواطنين الفقراء، على الرغم من توالي الصدمات التي تعرض لها المصريون خلال الفترة الماضية بسبب الزيادات المتعاقبة في أسعار الكهرباء والغاز وتذاكر المترو.
وحققت أسعار النفط العالمية ارتفاعا يوم الأربعاء الماضي، نسبته 1.30 في المئة، حيث وصل سعر خام القياس العالمي برنت إلى 85 دولارا للبرميل، محققا قفزة بقيمة 1.09 دولار، بسبب تراجع صادرات الخام من إيران، التي تعد ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".
ويقول مراقبون إن التوقعات تتعزز في السوق بارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل في غضون أسابيع؛ بسبب التوترات السياسية، وعلى رأسها العقوبات الأمريكية، التي تفرض حظرا على استيراد النفط الإيراني، وتهدد بمعاقبة كل من ينتهك هذا الحظر.
زيادة الأسعار مرتين
وكشفت تقارير صحفية مصرية أن الحكومة تدرس اقتراحا برفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 25% مطلع العام المقبل؛ بهدف خفض العجز المتوقع في موازنة الدولة بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى نحو 85 دولارا للبرميل، وهو ما يزيد بنسبة كبيرة على السعر الذي حددته الحكومة في موازنة العام المالي الجاري 2018/ 2019 بمتوسط 67 دولارا للبرميل.
وأضافت التقارير أن ارتفاع أسعار النفط وضع الحكومة في ورطة حقيقية، حيث تضاعفت قيمة دعم الوقود في الموازنة، لتصل إلى 160 مليار جنيه بدلا من 89 مليار جنيه، ما يجعل من الصعب إرجاء زيادة الوقود إلى حزيران/ يونيو كما هو متفق عليه مع صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الوقود تماما، وهو ما يعني أن أسعار الوقود سيتم زيادتها مرتين خلال عام 2019، بدلا من زيادتها مرة واحدة كما كان متوقعا.
وتعد السيطرة على ارتفاع عجز الموازنة أحد أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه حكومة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إذ تستهدف وزارة المالية خفض عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي إلى 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل نحو 9.9% في العام المالي الماضي 2017/ 2018، و10.8% في العام المالي السابق له 2016/ 2017.
وأكد وزير المالية محمد معيط أن ارتفاع أسعار النفط عالميا يؤذى الموازنة العامة للدولة، ومن الصعب أن تتمكن الحكومة من تحقيق مستهدفاتها بشأن عجز الموازنة خلال العام الجاري، والمقدرة بنحو 8.4% من الناتج الإجمالي.
وأوضح معيط أن زيادة النفط دولارا واحدا يقابلها ارتفاع بقيمة 4 مليارات جنيه في عجز الموازنة، موضحا أن الحكومة وضعت في الاعتبار زيادة سعر برميل النفط إلى 67 دولارا في موازنة هذا العام، مقابل 55 دولارا وقت إعداد الموازنة، لكن التسارع الكبير في أسعار النفط، ووصولها إلى 87 دولارا حاليا يجعل هناك عجزا إضافيا بقيمة 20 دولارا لكل برميل، أي 80 مليار جنيه ستضاف للعجز المخطط، نتيجة ظروف خارجة عن إرادتنا.
"سياسة تمرير الأعباء"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير الاقتصادي، أحمد الحديدي، إن زيادة أسعار النفط كلفت مصر 45 مليار جنيه زيادة في الموازنة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، متوقعا أن تستقر أسعار النفط عالميا عند مستوى 80 دولارا للبرميل خلال الشهرين المقبلين إذا نجحت السعودية وروسيا في تعويض النقص في الإنتاج الإيراني الذي يصل إلى مليون و700 ألف برميل يوميا.
وأوضح الحديدي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن زيادة أسعار النفط العالمية تنعكس بشكل سلبي على العجز الكلي للموازنة المصرية، ليرتفع إلى حدود 9%، خاصة مع الزيادة المتوقعة أيضا في دعم الخبز بسبب ارتفاع أسعار القمح العالمية عن توقعات موازنة العام الحالي، بالإضافة إلى زيادة أخرى متوقعة على فوائد أدوات الدين الحكومية في الأسواق الدولية.
وأضاف أنه إذا لم تتمكن "أوبك" من تهدئة الأسواق العالمية بحلول كانون الأول/ ديسمبر المقبل، فإن الحكومة المصرية بصدد تمرير هذه الأعباء الإضافية إلى المواطن؛ عبر زيادة جديدة وغير مخطط لها في أسعار الوقود بالسوق المحلي، لتقليل الدعم الحكومي للمحروقات، متوقعا أن تقوم الحكومة برفع الأسعار مرة أخرى عندما يحل الموعد المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، للتخلص من دعم الوقود نهائيا منتصف العام المقبل، حيث سيتم تحرير الأسعار بشكل كامل.