هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تهدد قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي فُقد أثره منذ الثلاثاء، في إسطنبول، صورة الرياض الخارجية في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقد تؤدي إلى تدهور أكبر في العلاقات التركية السعودية، بحسب خبراء.
وكان مصدر مقرّب من الحكومة التركية أعلن، السبت، أنّ الشرطة التركية "تعتقد في استنتاجاتها الأوّلية، أنّ الصحافي قُتل في القنصليّة بأيدي فريق أتى خصيصًا إلى إسطنبول وغادر في اليوم نفسه".
ونددت الرياض بـ"اتهامات عارية عن الصحة"، بينما يؤكد خبراء وجوب توخي الحذر لحين تأكيد ما حدث.
ولكن في حال تم التحقق من قتل الصحافي، فإن محللين يحذرون من عواقب وخيمة على العلاقات التركية-السعودية المتدهورة منذ أكثر من عام بالإضافة إلى صورة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قدم نفسه كـ"إصلاحي" في الغرب.
وينتهج ولي العهد الشاب (33 عاما) سياسة القبضة الحديدية في الملفات الرئيسية في المملكة. وكان أثار جدلا كبيرا العام الماضي وتعرض لانتقادات في تشرين الأول/ أكتوبر حين قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض ولم يغادرها لمدة أسبوعين.
وسلطت الأضواء على سياسته هذه مرة أخرى عندما تم اعتقال عشرات الشخصيات السعودية من أمراء ورجال أعمال واتهامهم بـ"الفساد" واحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" في العاصمة.
"صعبة الاستيعاب"
تعرض ولي العهد الشاب أيضا لانتقادات بسبب سلسلة اعتقالات طالت ناشطات في مجال حقوق المرأة منذ أيار/ مايو الماضي، على الرغم من السماح للمرأة بقيادة السيارة.
وخاشقجي الذي يبلغ عامه الستين في 13 تشرين الأول/ أكتوبر هو أحد الصحافيين السعوديين القلائل الذين انتقدوا حملات توقيف طالت شخصيات ليبرالية وناشطات في سبيل حقوق المرأة رغم الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد.
واندلعت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا بعد تغريدة للسفارة الكندية في آب/أغسطس الماضي طلبت فيها "الإفراج الفوري" عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان موقوفين في المملكة.
وحذر محللون من أنه في هذه المرة فإن قضية خاشقجي قد يكون لها عواقب وخيمة في الغرب، في حال التأكد من موته.
ورأى الباحث في جامعة "رايس" كريستيان أولريشسن أن هذا قد يعزز النظرة في واشنطن بأن "السعودية بقيادة محمد بن سلمان عرضة للممارسات المتهورة في ظل ما يبدو أنه تفكير محدود جدا بالعواقب، سواء أكان حصار قطر أم احتجاز سعد الحريري أم الخلاف مع كندا بدون الحديث حتى عن حرب اليمن" التي تدخلت فيها السعودية عام 2015.
من جهتها، رأت الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية بسمة مومني أنه في حال التأكد من موت خاشقجي فإن "صورة ولي العهد (الإصلاحي) ستصبح أكثر صعوبة للاستيعاب وخصوصا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى".
أزمة مع أنقرة؟
ورأى المحلل جيمس دورسي أن قضية خاشقجي سيكون لديها عواقب "كبيرة" في الخارج.
ولفت دورسي إلى الصعوبات التي تواجهها السعودية في اليمن وخطر أن يقوم نواب في دول مختلفة بالحشد من أجل منع بيع الأسلحة إلى الرياض.
ولا يستبعد دورسي أن تؤدي هذه القضية إلى تدهور في العلاقات السعودية-التركية، مشيرا إلى إمكانية حصول قطع في العلاقات من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشار أولريشسن إلى أنه "في حال ثبت ارتباط السعوديين بموت خاشقجي، فإن من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اندلاع أزمة دبلوماسية" بين البلدين.
واتفقت مومني، مؤكدة أنه "من المرجح أن تسوء العلاقات التركية-السعودية جراء هذه القضية. ستقول تركيا إن هذا مساس بسيادتها وستوجه السعودية أصابع الاتهام إلى التحالف التركي-القطري ردا على الاتهامات التركية".
وسجل تقارب كبير بين قطر وتركيا منذ بدء الأزمة الدبلوماسية بين الدوحة وجيرانها.
والعلاقات بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة ثانية، مقطوعة منذ الخامس من حزيران/ يونيو 2017.
وتتهم الرياض والدول الحليفة لها الإمارة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، الأمر الذي تنفيه قطر بالإضافة إلى تقربها من إيران، الخصم الأكبر للسعودية في الشرق الأوسط.
وكان خاشقجي دافع عن الإخوان المسلمين، ويشير دورسي إلى أن آراءه "ليست بعيدة كثيرا" عن آراء الحزب الحاكم في تركيا التي "لا يمكنها قبول مقتل أشخاص بأيدي عملاء أجانب" على أراضيها.
وبالإضافة إلى قطر والإخوان المسلمين، فإن دورسي يشير إلى أن إيران هي أيضا موضع خلاف بين أنقرة والرياض خصوصا مع موقف السعودية الداعم لواشنطن لجهة العقوبات ضد طهران.
من جهته، دعا علي الشهابي "مدير معهد الجزيرة العربية" في واشنطن المؤيد للسعودية المجتمع الدولي إلى "عدم القفز إلى الاستنتاجات المتسرعة" مذكرا بان "الأتراك ليسوا طرفا محايدا".