توقع خبراء اقتصاد أن تتسارع وتيرة تراجع
الاستثمارات الأجنبية في
مصر في الفترة المقبلة، وحذروا من الرهان على استمرار تدفقها في ظل الظروف الاقتصادية المحلية الراهنة، وأكدوا أن على الحكومة المصرية أن تجد بدائل سريعة وفعالة.
وكشفوا في تصريحات لـ"
عربي21" أن هناك مخاوف حقيقية وجدية تحيط بالاستثمار في مصر تتعلق بانخفاض الجنيه المصري مجددا أمام الدولار، واحتمال تعرض المستثمرين لخسائر كبيرة، وهو ما أدى إلى تخارج المستثمرين الأجانب من السوق المصري بشكل متوال، وجدد المخاوف لدى المستثمرين الجدد لحين اتضاح الرؤية.
وذكرت آخر القراءات الاقتصادية في مصر تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع غير النفطي في الربع الثاني إلى أدنى مستوياته منذ قبل نحو عامين، حيث تدفقت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 600 مليون دولار، انخفاضا من 1.51 مليار دولار في الربع الأخير من 2017.
لماذا هرب الاستثمار
أستاذ الاقتصاد في الجامعات الأمريكية، مصطفى محمود، توقع أن يستمر تراجع الاستثمار الأجنبي في مصر، قائلا: "الاستثمار الأجنبي لن يأتي إلى مصر، وسوف ينخفض بوتيرة أسرع في الفترة المقبلة؛ لسبببين، أولهما انخفاض دخل المصريين؛ نتيجة ارتفاع الأسعار، وبالتالي تقلص الطلب المحلي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الأمر الثاني، والأهم هو المخاوف من تراجع الجنيه وعودة انخفاضه مرة أخرى قريبا، فيكبد المستثمرين
خسائر كبيرة جدا".
ورهن نجاح التعويل على الاستثمار المحلي بوجود إنتاج حقيقي ومستدام، قائلا: "لا يوجد في مصر إنتاج محلي يصنع تشابكات إنتاجية، فمثلا إقامة مصنع سيارات، تشجع على إقامة مصنع إطارات، ومصنع آخر للزجاج، وثالث للبطاريات وهكذا، وهذا غير موجود مما يؤثر على الإنتاج".
وأرجع الخبير الاقتصادي ضعف الحافز المحلي للاستثمار إلى "ارتفاع أسعار الفائدة (15- 17%) على المستثمرين"، معتبرا أن كل ذلك "كفيل بوقف أي استثمار محلي؛ لأنه مكلف، وغير مجد في ظل ارتفاعات الفائدة، وتقلص الطلب، وضعف الدخل".
حسابات خاطئة
وقال أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي، حسام الشاذلي، لـ"
عربي21": "أعتقد أن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر لأقل مستوياتها، وذلك بعد تصدر مصر لقائمة الدول الجاذبة للاستثمار في أفريقيا في 2017 يرتبط ارتباطا مباشرا بالسياسات الاقتصادية للحكومة المصرية، وفشل حزمة الإصلاحات الاقتصادية".
وأضاف: "لقد بات الاعتماد بشكل شبه كامل على سياسة القروض مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وغياب الاستقرار الأمني والسياسي والتغيير المطرد للحكومات من ضمن عوامل أخرى متعددة تقلق المستثمرين، وخاصة الاستثمار الضخم وطويل الأمد".
واستبعد قدرة القطاع الخاص على لعب دور البديل، قائلا: "لا أعتقد أن محاولة جذب استثمارات القطاع الخاص ستكون ناجحة؛ لأن هذا القطاع يعاني من تدن واضح على المستوى الدولي، خاصة أن مصر لا تتمتع بأي بنية تحتية أو عوامل محفزة للسوق قد تغري مستثمري هذا القطاع"، مشيرا إلى أن "شروط قرض صندوق النقد تتجاهل حالة السوق المصري، وكذلك احتياجات المواطن مما أدى لتدني مستويات الطلب نتيجة تدني دخل الفرد ومستوى المعيشة".
وأوضح الشاذلي أن "غالبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وغير المباشرة في مصر منذ بداية حكم النظام الحالي في 2013 قد اعتمدت على اتفاقيات دولية داعمة للنظام وعلى حلفاء الانقلاب، ولكن جميع هذه الاستراتيجيات هي وسائل قصيرة الأمد ولا تضمن تواجد أي إستثمار أجنبي جاد ومنتج على المدى الطويل"، محذرا من أن "استمرار الحال كما هو عليه قد يؤدي لهروب الاستثمارات الأجنبية بوتيرة متسارعة، وفقدان السوق المصري عوامل الجذب الاستثمارية".