هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها مجيب ماشال، يكشف فيه عن الدور الذي بات يؤديه مؤسس شركة "بلاكووتر" إريك برينس في أفغانستان.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن برينس، مدير شركة المرتزقة، أصبح حديث الساعة في العاصمة الأفغانية كابل، في وقت يحاول فيه المسؤولون الأمريكيون الباروزن احتواء الأزمة المزدوجة في أفغانستان على الساحة السياسية والعسكرية.
ويقول ماشال إن برينس يشاهد اليوم في كل مكان في كابل، بعد عام من تقديمه خطة إلى الرئيس دونالد ترامب، اقترح فيها خصخصة الحرب الأمريكية في أفغانستان، واستبدال الجنود الأمريكيين بكادر من المتعهدين وقوة جوية خاصة، مشيرا إلى أن شركة "بلاكووتر" حظيت بسمعة سيئة بعد قيام المتعهدين الأمنيين بقتل مدنيين عراقيين.
وتلفت الصحيفة إلى أن برينس، الذي قام بتسويق خطته لمسؤولين أفغان، قدم نفسه على أنه مستشار للرئيس ترامب، مشيرة إلى أن برينس يدفع بخطته في وقت تواجه فيه أفغانستان وضعا خطيرا، حيث يقتل الجنود الأفغان بأعداد قياسية، ما بين 30- 40 جنديا كل يوم، في المعارك مع حركة طالبان التي باتت تسيطر على مناطق جديدة، فيما تعيش الحكومة أزمات سياسية مستمرة، ومن المتوقع تنظيم انتخابات برلمانية تم تأجيلها منذ 3 سنوات، فيما ستجري الانتخابات الرئاسية في نيسان/ أبريل العام المقبل.
وتكشف سلسلة من المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع عدد من المسؤولين الأفغان وبرينس نفسه، عندما قام بزيارة إلى أفغانستان الشهر الماضي، عن محاولات مستمرة من برينس لتسويق خطته، وكيف يمكن تعطي خصخصة الحرب في أفغانستان فرصة للأمريكيين القلقين من الحرب الأفغانية والرئيس فرصة لسحب الجنود الأمريكيين.
ويقول المسؤولون الذين قابلتهم الصحيفة إن برينس لقي أذنا صاغية من المؤثرين في السلطة، حيث التقى مع الجميع من أصغر زعيم مليشيا إلى الوزراء السابقين والحكام الإقليميين، الذين ثبتوا أنفسهم، بالإضافة إلى المرشحين الرئاسيين المحتملين.
ويجد الكاتب أن النقطة المشتركة بين هؤلاء كلهم هي الرغبة برحيل الرئيس أشرف غاني، مشيرا إلى أن محاولات اللوبي تضم زيارات متعددة إلى كابول وواشنطن والإمارات العربية، ما جعله شخصية غير مرغوبة للرئيس غاني، الذي رفض عددا من الطلبات للقاء برينس، فيما حاول عدد من المسؤولين في الحكومة منع منحه تأشيرة لدخول البلاد، وذلك بحسب مسؤولين أفغان والمقربين من برينس نفسه.
وتورد الصحيفة نقلا عن عدد من المسؤولين المقربين من غاني، قولهم إنهم يرون أن خطة برينس ليست فقط غير عملية وسط نزاع معقد وجهود تسوية مع حركة طالبان، بل إنها خطة مسيسة تهدد الرئيس الأفغاني قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرين إلى أن عناد غاني ضد خطة الخصخصة التي يسوقها برينس جعله عائقا ضد طموحات برينس.
وينقل التقرير عن غاني، قوله في خطاب ألقاه يوم الاثنين لم يخف فيه غضبه من برينس وخطته: "لن يسمح أبدا للمرتزقة الاجانب بدخول هذا البلد"، وفي بيان من مستشار الأمن القومي للرئيس قال فيه إن الحكومة لن تسمح بتحول محاربة الإرهاب إلى "تجارة من أجل الربح"، وأضاف: "سنستخدم الوسائل القانونية كلها ضد من يحاولون خصخصة الحرب على أرضنا".
ويفيد ماشال بأن برينس يقدم خطته على أنها خيار وسط أفضل من مواصلة استراتيجية فاشلة، وبميزانية هائلة من عشرات المليارات، وانسحاب شامل يؤدي، كما يخشى البعض، إلى التخلي عن حرب لمدة 17 عاما، حاول فيها الغرب إعادة تشكيل أفغانستان، لكنه يؤكد أن خطته تستطيع تحقيق أكثر مما سينجزه 140 ألف أمريكي وقوات تابعة للناتو في قلب الزيادة في القوات ما بين 2009- 2010 ، وقارن ما بين المهمة الحالية، التي تم فيها تخفيض القوات إلى 15 ألف جندي، ويدعمهم في قواعدهم 20 ألفا من المتعهدين، بفشل الاتحاد السوفييتي.
وتذكر الصحيفة أن برينس عرض خطته في مقابلة معه، وقال إن هناك عملية "عقلنة" للتعهدات الأمنية تحدث؛ أي مهمة تعليمية من 6 آلاف متعهد تمثل "بنية هيكيلية للدعم"، تقوم بتدريب القوات الأفغانية، وأضاف أن هناك فرقا صغيرة للقوات الخاصة يتم إرفاقها مع الكتائب الأفغانية لمدة 3 أعوام، وتؤكد استمرارية وتسد النقص في الجنود الأمريكيين الذين يتناوبون كل عام.
وبحسب التقرير، فإنه يتم دعم هذه القوات بأسطول جوي خاص يقود طائراته الطيارون الأفغان ومتعهدون أمنيون، فيما هناك حوالي 2500 من القوات الأمريكية الخاصة ستظل في البلاد للقيام بمهام مكافحة إرهاب، لافتا إلى أن هذا كله سيؤدي إلى تخفيض ميزانية الحرب إلى خمس القيمة الحالية.
وينوه الكاتب إلى أن برينس نفى أي محاولة للتأثير على العملية السياسية لينفذ رؤيته، وقال إن كل ما أنفقه في أفغانستان هو 1500 دولار كلفة فيديو من 10 دقائق لشرح خطته، وأضاف: "سينظم الأفغان انتخابات، وسيختارون من يريدون العيش في ظلهم.. لكنني سأتحدث مع أي جهة في أفغانستان تريد التفكير بطرق لوقف النزيف".
وتذكر الصحيفة أن برينس ربط خطته بجهود للتنقيب عن المعادن في أفغانستان، التي تحتوي على معادن نادرة، وهو موضوع محبب لترامب، الذي طالما اشتكى من أن الولايات المتحدة لا تحصل على ما يكفي من المصادر لقاء ما تنفقه من جهود.
وفي فيديو متعدد شاهدته الصحيفة يقدم برينس أهدافه التي تضم "تطوير وإنتاج المعادن الرئيسية النادرة الضرورية للصناعات الأمريكية"، وفي زيارته لأفغانستان اجتمع مع مسؤولي التعدين الأفغان في لقاءات وصفها بالاستكشافية، وحصلت شركة برينس السابقة على عقود بمئات الملايين مع الجيش الأمريكي، خاصة في العراق، قبل أن توضع على القائمة السوداء لقتل متعهدين في الشركة مدنيين عراقيين في بغداد عام 2007.
ويشير التقرير إلى أن عمله انتقل عبر سلسلة من التمظهرات، وآخر مغامراته هي مجموعة خدمات "فرنتيرز" ومقرها هونغ- كونغ، من خلال عقود في آسيا وأفريقيا، وتدعمها الشركة الصينية "سيتيك غروب".
ويقول ماشال إن محاولة أولى لخصخصة الحرب الأفغانية ألغيت عندما رفض مستشار الأمن القومي السابق أتش آر ماكماستر ووزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس ما تقدم به برينس، وأقنعا ترامب بزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان، فيما يأمل برينس بتقديم خطته مع خروج ماكماستر من الإدارة، وخلاف ماتيس الدائم مع ترامب.
وتنقل الصحيفة عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي، قوله إن الإدارة منفتحة على خطط جديدة، إلا أنها لا تقوم بمراجعة مقترح من برينس، مشيرة إلى أنه في أثناء مقابلاته قدم نفسه على أنه شخص مقرب من ترامب الذي يستمع لنصائحه ومن داخل الدائرة المقربة منه.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤول أفغاني، قوله إن برينس كتب في ربيع عام 2017 رسالة إلى الرئيس غاني، ذكر فيها أن شقيقته بيتسي ديفوس عضو في حكومة ترامب، لافتا إلى أنه مع ذلك فإن هناك الكثير من المتشككين في خطة برينس لأفغانستان.
وينقل الكاتب عن الخبيرة في مجموعة راند والدبلوماسية الأمريكية السابقة في أفغانستان وباكستان لوريل ميللر، قولها إن "فكرة إرفاق المتعهدين الجنود في الوحدات الأفغانية للتدريب مثيرة للضحك.. إن فكرة تخفيض عملية الخصخصة للكلفة هي بالتأكيد مثيرة للضحك، لو لم تكن الفكرة طريقة لصناعة المال وتحقيق الربح لما دفع بها"، وأضافت ميللر أن مقترح برينس قائم على تشخيص غير صحيح للنزاع وأسباب جموده، فرغم وجود مشكلات مصداقية داخل القوات الأفغانية، إلا أن حركة طالبان أثبتت أنها قادرة على مواصلة حرب تمرد ضد قوة أقوى مما يشير إليه برينس.
وتابعت ميللر قائلة إن تغييرا في الأساليب والاستشارة لن يغير الجمود إلى انتصار، بل على العكس، فـ"جلب مرتزقة أجانب سيقدم شعارا رهيبا للتجنيد في صفوف المتمردين".
وتقول الصحيفة إن "حركة طالبان استخدمت الاحتلال الأمريكي طريقة للتجنيد، وستنظر بدونية أكثر لو تم تجنيد مرتزقة، وحتى المسؤولين الأفغان الذين اعتبروا الفكرة جيدة من ناحية التدريب ومنح وجود أمني دائم، فإنهم عبروا عن قلقهم من وجود قوات أمن خاصة لا تخضع لمحاسبة القوات الأمريكية".
ويبين التقرير أنه عندما تم الضغط على المسؤولين الأفغان لشرح الصورة التي ستظهر فيها القوات التي يدعو إليها برينس، فإنهم أشاروا إلى قوات الضرب السريع التابعة للمخابرات الأمريكية "سي آي إيه"، مستدركا بأن هذه القوات متهمة بارتكاب عنف وانتهاكات ضد المدنيين.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول برينس إن الخطر هو أن يجبر الرأي العام، الذي سينفد صبره، القوات الأمريكية على الانسحاب الكامل، وأضاف: "في النهاية ستشعر أمريكا بالتعب".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا