في عبارات خارجة عن إطار العلم وأدبه، وأدب الإسلام بوجه عام، خرج الدكتور مبروك عطية، بكلام ينم عن جهل بالفقه الإسلامي والمذاهب، وجهل بالمؤسسة التي ينتمي إليها مبروك عطية، وهي
الأزهر، فقد صدرت منه عبارات تنم عن تضخم الأنا عند الرجل، بقوله في برنامج على فضائية "إم بي سي"، حول رأيه في
النقاب، فيقول: سأقول لك رأي لا يوجد في العالم كله من يجرؤ أن يقوله إلا أنا (مبروك عطية)، مهاجما المنتقبات، وأن النقاب لا أصل له في الدين، وأن الأزهر ضد النقاب، وأن على من تعمل في الأزهر إن كان عندها دين أن تخلع النقاب، أو تترك العمل في الأزهر.
ازدراء غير مُبَرّر
اشتمل كلام مبروك عطية على سخرية وتهكم، وازدراء للمنتقبات، ووصفهن بعدم الأنوثة، وأنهن أشبه بالرجال، وهو كلام لا يليق بعالم أزهري، فضلا عن مسلم يخشى الله، يفترض أن العلم والحديث فيه، والظهور به للعامة مفتيا، ومجيبا عن أسئلتهم، أن يحجزه كل ذلك عن سلوكيات لا تليق به، تجعل نظرته للمرأة محصورة في الجسد، وفي مقاييس الجمال حسب نظرته هو الشهوانية، وكأنه تفحص وجوه المنتقبات جميعا فعلمهن دميمات، وكأن ستر الوجه ـ عند القائلين بوجوب ستره ـ مرهون بجمال المرأة، فهل الحجاب مرهون بجميلة الشعر؟!
الأدهى والأمر، والذي دل على جهل الرجل بالفقه الذي يتكلم به بين الناس في الفضائيات، نفيه التام للنقاب وعلاقة الأزهر به، وبغض النظر عن الخلاف المشهور في النقاب بين العلماء والفقهاء منذ القدم، بين من يرى الوجه عورة، ومن يراه والكفين ليسا بعورة، وميلنا لهذا الرأي، ولكن سيظل الخلاف قائما لا يملك أحد أن يلغيه، سواء القائل بوجوب ستر الوجه، أو القائل بعدم الوجوب، شأن كل القضايا الفقهية المختلف فيها.
خلاف قديم
وهل فعلا خلت كتب الأزهر من الحديث عن النقاب؟! هذا كلام يدل على الجهل المطبق، فكتب المذاهب الفقهية كلها على اختلافها تتحدث عن عورة الرجل، وعورة المرأة، وتذكر الخلاف في هذه المسألة، وممن تحدثوا عن النقاب وستر الوجه عند الفتنة من علماء الأزهر الكبار كثر، ومنهم: الإمام السيوطي الشافعي الأزهري وذلك في كتابه (الإكليل في استنباط التأويل) ص: 110، وابن حجر الهيتمي الشافعي الأزهري في كتابه (الفتاوى الفقهية الكبرى) (1/202،201). والخطيب الشربيني الشافعي الأزهري في السراج المنير (3/229). والإمام الرملي الشافعي الأزهري في كتابه (نهاية المحتاج) (2/257) وغيرهم من
المصريين الشافعية الأزهريين.
أما شيوخ الأزهر الذين تحدثوا عن النقاب (ستر الوجه)، فمنهم: الإمام الخرشي المالكي شيخ الأزهر في كتابه: (حاشية الخرشي على مختصر خليل) (3/219)، والشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر الشافعي في كتابه: (حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب) (1/174)، والشيخ الباجوري شيخ الأزهر الشافعي في كتابه (حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع) (1/261)، والشيخ أبو الفضل في مجلة المنار، والشيخ جاد الحق علي جاد الحق في كتابه: (بيان للناس)، وهو كتاب كان يدرسه طلبة جامعة الأزهر، في الكليات العلمية، كالطب والزراعة والعلوم والتجارة، وغيرها. وقد جمع معظم هذه النقول وغيرها كتاب: (فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب) طباعة دار اليسر بمصر.
وهل لو ذهب مبروك عطية إعارة علمية للمملكة العربية السعودية، أو أي دول خليجية تتبنى الرأي الفقهي القائل بلبس النقاب، هل سيقول ما قاله؟ للأسف إن الخلاف السياسي في مصر طغى على المنهجية العلمية، فمبروك عطية نفسه له فيديوهات سابقة يبين أن النقاب رأي مشروع في الدين.
وهو نفس ما فعله علي جمعة من قبل، فترى له فيديو يقول: إن جمهور الفقهاء على وجوب النقاب، وفي فيديو آخر يتحدث عنه على أنه بدعة وليس من الدين. للأسف كنا نحفظ قاعدة الفقهاء: الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والنيات والمقاصد والأحوال، فأصبحت عند مشايخ السلطة: الفتوى تتغير بتغير مذهب الكفيل والحاكم!!
[email protected]