هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في سابقة على مستوى ألمانيا، تم افتتاح مسجد بمدينة هامبورغ شمالي البلاد،
في مبنى كان سابقا كنيسة إنجيلية مشيدة منذ عام 1961م.
واشترت الجالية المسلمة المكان الذي جرى تحويله لمسجد من أحد المستثمرين
بالمدينة، بعد أن قام بشراء الكنيسة التي أغلقت وعُرضت للبيع عام 2002 بسبب تراجع
أعداد المصلين فيها.
ويتسع المسجد الجديد الذي يقع بمنطقة "هورن" وسط هامبورغ لحوالي
1500 مصل.
واعتمدت عملية تمويل افتتاحه بشكل كبير على التبرعات، إلى جانب دعم من دولة
الكويت التي تبرعت بحوالي 1.1 مليون يورو لصالح عملية ترميمه وتحويله من كنيسة إلى
مسجد، بعد موافقة من السلطات الألمانية.
وقبل عملية الافتتاح الحالية التي تأجلت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2013 عدة
مرات بسبب أعمال الترميم للكنيسة التي كانت تصنف كمحمية أثرية، ونتيجة صعوبات
آخرى، كان مصلو مسجد النور يؤدون صلواتهم لعدة سنوات في "مرآب سيارات"
تحت الأرض في منطقة "سانكت جورج" بهامبورغ.
مراسم الافتتاح حضرتها شخصيات سياسية ودينية ألمانية وعربية مرموقة، من
بينهم رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزييك، ونائب السفير الكويتي
في ألمانيا حمد الهزيم، بالإضافة لمدير مركز الدعوة الإنجيلية والتعاون بين
الأديان كلاوس شايفر.
بدوره قال رئيس مجلس الشورى ومؤسسة مسجد النور في هامبورغ دانيل عابدين، "إن المسجد يؤدي دورا كبيرا لأنه معروف بانفتاحه على المجتمع، ولاستقباله
للاجئين، وللبرامج التي يقوم بها، التي تعزز الاجتماع لحوار الأديان".
وأضاف لـ"عربي21": "هناك تواصل مع جميع فئات المجتمع إن كان على الصعيد الاجتماعي أو
الدبلوماسي أو السياسي، ونركز في حوارنا مع جميع أطياف المجتمع ومع السكان كافة بمختلف أديانهم".
ولفت إلى أن المسجد لاقى أصداء إيجابية واهتماما كبيرا لدى الألمان،
لأنه كان يخبر الجمهور عن الفعاليات التي ينوي القيام بعملها، وبسبب انفتاحه
وشفافيته التي يتمتع بها.
وأوضح بأن تحول المكان من كنيسة بروتستانية لمسجد يعد حادثة فريدة من
نوعها، أثارت فضولا لدى الألمان، لاسيما أن هندسته تقوم على أن شكله الخارجي
كنيسة، ولكنه مسجد من الداخل.
ويرفض عابدين تحويل الكنائس لمساجد في ألمانيا، ويريد أن تبقى الكنيسة
ككنيسة، ولكنه يرى حاجة للمسلمين لمساجد لائقة بدينهم في البلاد، للمساهمة بشكل
أكبر بالمجتمع لكون المسلمين جزءا منه وإليه.
وأشار إلى أن المسجد سيكون له دور كبير بحوار الأديان وتغيير الصورة
النمطية، والأحكام المسبقة ضد الإسلام، وبناء جسور للثقة مع المجتمع.
وكانت الفيدرالية العالمية للسلام، التي تضم في عضويتها منظمات وشبكات
معنية بقضايا السلام والحوار بين الحضارات من 131 دولة المنظمة؛ قد أعلنت عن منح
جائزة "سفراء السلام" للمسجد ورئيسه، دانيال عابدين، لعام 2016،
لاستيفائهما المعايير المتعلقة بنشر ثقافة السلام في العالم.
كما حصل على عدة جوائز للحوار بين الأديان على صعيد مدينة هامبورغ، مثل
أفضل عمل حواري مناصفة مع الكنيسة البروتستانتية عام 2013، قدمتها مؤسسة خيرية شبه
حكومية، وكذلك على صعيد ألمانيا حصل المسجد على جائزة كريسمون (مؤسسة كنسية)، و
جائزة المواطنة من قبل حكومة هامبورغ.
يأتي ذلك بعد أن أدى المسجد دورا بارزا في استقبال اللاجئين الذين توافدوا
بكثافة على ألمانيا عام 2015، حتى وصل عدد من استقبلهم المسجد ما يقارب من 500 لاجىء
يوميا رغم قلة موارده.
بدوره قال إمام مسجد النور سمير الرجب، "إن الجميع كان ينتظر الافتتاح
بفارغ الصبر، وأن الجيران في غاية السرور بعد تحول المبنى إلى لوحة هندسية في غاية
الروعة، ويتمنون بقاء منهج المسجد كما هو".
وأضاف الرجب لـ"عربي21" أن الافتتاح كانت مميزا وسط حضور
بمشاركة حوالي مائتي شخص من الأطياف كافة، أشادوا جميعهم بدور المسجد، نتيجة
للعلاقات الإيجابية مع المجتمع وإظهار صورة الإسلام السمحة".
وأوضح بأن تاريخ تأسيس المسجد بدأ فعليا منذ العام 1993 منذ أن كان عبارة
عن "كراج سيارات"، وقد تم العمل كثيرا مع كل الأطياف السياسية والدينية
والاجتماعية والمدارس للخروج منه، إلى أن تم إيجاد هذا المبنى بعد بحث استمر عشر
سنوات لصعوبة الحصول على الرخصة والمال.
ولفت إلى أنهم لم يكونوا حريصين على تحويل الكنيسة كهدف، ولكن لم يكن هناك
بديل، خاصة أنها مهجورة منذ 13 عاما، مشيرا إلى أنه تم تقديمهم طلبا بذلك، فوجدوا
قبولا من كل الأطراف من مساعدة مباشرة مادية ومعنوية، وهو ما فسر تحويله على أرض
الواقع.
من ناحيته قال مستشار مجلس ولاية هامبورغ كريستوف كرووب، "إن المسجد
ليس فقط نمطا جديدا في ألمانيا، بل هو استثناء، أعتقد أن القائمين عليه أذكياء،
فقد تمكنوا من إقناع جيرانهم الألمان ذوي الغالبية المسيحية بأن يكون المسجد
موجودا بينهم، وبكل سرور استقبل سكان الحي جارهم الجديد، وسيكون الدور على
الجيران الجدد العمل بجد لضمان استمرارهم ونجاحهم في موقعهم الجديد".
الجدير بالذكر هنا بأن ولاية هامبورغ قد اعترفت رسميا بالدين الإسلامي عام
2012، وأصبح يدرس في المدارس، كما تمنح الولاية عطلة رسمية في الأعياد الإسلامية.
وقد كان للمسجد إلى جانب مؤسسات إسلامية أخرى، دور كبير في اتخاذ هذا القرار.