هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت مصادر في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، ما يدور في هيئة تحرير الشام، من مواقف داخلية بشأن اتفاق إدلب الذي أعلنته تركيا وروسيا.
وكانت الهيئة أعلنت الثلاثاء، أنها ستكشف عن موقفها من الاتفاق التركي الروسي بشأن محافظة إدلب، خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق ما أكده المسؤول الإعلامي فيها، عماد الدين مجاهد.
وبحسب مصدر عسكري من إدلب، طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن هناك رفضا واسعا داخل تحرير الشام لتسليم مناطق سيطرته، ورفضا شديدا لكثير من نقاط الاتفاق بين روسيا وتركيا، لا سيما خلو مناطق نزع السلاح من "الفصائل المتشددة".
وأوضح أن "المشاورات الداخلية على أشدها بشأن الاتفاقية"، وأن شرعيين بارزين في الهيئة رفضوا الاتفاق، وسط إجماع منهم على مخاطر الاستجابة للطلب التركي بالانسحاب من مناطق تقع تحت سيطرة الهيئة، معتبرين أن تسليمها "جرم وخيانة".
وعلى الرغم من ذلك، فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، أن "الجماعات المتطرفة"، بدأت بالانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب.
وقال المصدر إن هناك تفاؤلا بأن الهيئة قد تلتزم بانسحاب من مناطق نزع السلاح المتفق عليها، دون إعلان موقف رسمي بالموافقة على اتفاق روسيا وتركيا، في ظل الجدل الكبير في داخلها.
موقف منقسم
من جانبه، علق العميد الركن أحمد الرحال، المنشق عن النظام السوري، قائلا لـ"عربي21"، إن تحرير الشام "موقفها منقسم في الداخل، فهناك أجنحة موافقة، وهناك أجنحة متشددة رافضة لاتفاق سوتشي بشأن إدلب.
وقال إنه "بالنسبة للمفاوضات التي تحصل بين اللجان السياسية والعسكرية والاستخباراتية، فأنها تجري مع قيادات من كل الفصائل، وليس مع تحرير الشام فقط، إنما هي مشتركة تقريبا مع الجميع، لكنها توقفت مع قوات "حراس الدين" و"تركستان"، لأنهما أعلنتا موقفهما رسميا من خلال بياناتهما التي نشرت مؤخرا".
وأوضح أنه بحسب المعلومات الأولية، فإن "أبا محمد الجولاني أمير التنظيم، يقود التيار المعتدل في الداخل، ويقبل الانخراط في "الجيش الوطني" وإنهاء الموضوع، إلا أن هناك تيارا متشددا في الداخل يقوده "أبو اليقظان المصري" يرفض ذلك تماما، ويدفع نحو رفض الاتفاق".
وقال إن هناك ست مجموعات غادرت مع قياداتها إلى جهات أكثر تشددا مثل "حراس الدين"، والأخيرة تابعة لتنظيم الدولة، ولكنها متسترة.
وفي الوقت الذي انشقت فيه هذه المجموعات، فقد نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مئات العناصر من تنظيم الدولة قام النظام السوري بترحيلهم من دير الزور إلى إدلب، في المناطق المحسوبة على "المجموعات المتطرفة" المحسوبة على التنظيم.
"لن توافق"
وأوضح الرحال أن الجدل ما زال مستمرا في داخل الهيئة، قائلا إنه لا يعتقد أن تحرير الشام ستخرج ببيان يقول إنها موافقة، لأن الأمر صعب جدا في داخل الهيئة.
ولكنه تمنى أن تنهي تحرير الشام الأمر، وتعلن موقفا مؤيدا لاتفاق إدلب، فهناك خياران ستكون تركيا والفصائل المعارضة في إدلب أمامهما، إما تصفية الهيئة في حال رفضها، أو دخول روسيا وإيران والنظام السوري إلى إدلب، ما يجعل ثلاثة ملايين مدني معرضين للقتل خلال العمليات العسكرية المقبلة في حال رفض الهيئة الاتفاق.
وسبق أن رفضت هيئة تحرير الشام، جميع مخرجات المنصات التي ناقشت الملف السوري، مثل أستانا وجنيف وسوتشي.
تعليقات شرعيين
ووفقا لما رصدته "عربي21"، فقد جاءت تعليقات الشرعيين الأكثر تشددا داخل الهيئة تجاه اتفاق روسيا وتركيا بشأن إدلب، كالآتي:
من جانبه، نشر الشرعي في "تحرير الشام" أبو الفتح الفرغلي، على قناته في "تلغرام"، محذرا من مخاطر الانسحاب من المنطقة العازلة التي تم الإعلان عنها ضمن الاتفاق الروسي التركي.
وكتب: "نقاط الرباط والدشم والمواقع الحصينة التي حصنها المجاهدون بأيديهم.. تسليمها لا يقل جرما وخيانة عن تسليم السلاح".
بدوره، نشر الشرعي أبو اليقظان المصري عبر قناته في "تلغرام" موقفا معارضا أيضا، مشددا على أهمية رفض "تسليم السلاح".
وكتب: "من يتراجع عن شعاراته بمواصلة القتال حتى إسقاط النظام، ويسلم سلاحه فهو منافق ضفدع"، مضيفا أن "من يطلب منك تسليم سلاحك فهو أولى بالقتال من غيره، ومن يفتعل المشاكل للقضاء على الفصائل المجاهدة لتمرير اتفاق سوتشي فهو خائن عميل".
اقرأ أيضا: هل تجد "تحرير الشام" نفسها عدوة الجميع بإدلب و"كبش فداء"؟
وفي السياق ذاته، رفض كذلك تنظيم "حراس الدين" المنشق عن هيئة "تحرير الشام"، في بيان رسمي نشره السبت الماضي الاتفاق أيضا.
وأورد: "إننا في حراس الدين نعلن رفضنا لهذه المؤامرات وهذه الخطوات كلها.. ونذكر بما حصل في البوسنة باتفاقية نزع السلاح.. وإننا ننصح إخواننا بالعودة إلى الله والتوبة الصادقة".
وسبق أن قال مصدر "عربي21"، إن تركيا عرضت خيارات على المجموعات التي توصف بأنها "متشددة"، إما بحل نفسها والاندماج مع الفصائل المعارضة الأخرى ضمن الجبهة الوطنية أو بتسليم أسلحتها والترحيل إلى خارج إدلب، بما يحمي المحافظة من حرب وشيكة مع النظام وحلفائه الروس والمليشيات الموالية له.
وكان المحلل العسكري والاستراتيجي أديب عليوي، توقع سيناريو الاقتتال بين فصائل المعارضة السورية في إدلب، واعتبره أمرا محتملا.
وقال لـ"عربي21"، إن هيئة تحرير الشام قد تقبل بالتفاهمات مع تركيا، إذا كانت لا تريد الاشتباك معها ومع الفصائل المسلحة التي تدعمها في الشمال السوري، كأن تسلم السلاح الثقيل والمتوسط والتوصل إلى اتفاق بشأن مصير عناصرها.
اقرأ أيضا: مصدر لـ"عربي21": تحرير الشام ترفض طلب تركيا تفكيك تشكيلها
وكان بوتين وأردوغان قد اتفقا، الاثنين، في سوتشي على نزع السلاح من خط التماس بين قوات المعارضة والنظام السوري في محافظة إدلب، بحلول 15 تشرين الأول/ أكتوبر. ووقع وزيرا دفاع البلدين على مذكرة تفاهم بشأن استقرار الوضع في إدلب.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على مساحات واسعة من إدلب، وينص الاتفاق التركي الروسي على انسحاب من أسماها "الفصائل المتشددة" ويقصد بها هيئة "تحرير الشام"، من المنطقة منزوعة السلاح خط الجبهة بين قوات النظام والمعارضة، بحلول 15 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.