رفعت الإدارة الأمريكية من وتيرة ضغوطاتها على الدولة
اللبنانية ورئيس الجمهورية ميشال عون، ملوحة بفرض عقوبات واسعة على لبنان بسبب قناعتها باستمرار "تمادي حزب الله في أنشطته وتهديداته".
وأثارت حصيلة زيارة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي كريستوفر راي الأخيرة الى القصر الجمهوري في بعبدا شرق بيروت جدلا حول خيارات لبنان وقدرته على احتواء الخطوات "العقابية" التي تنوي واشنطن اتخاذها ضده، وفق ما نقله راي الى الرئاسة اللبنانية.
ويرى سياسيون مقربون من عون أن الأخير يرفض التدخل الخارجي في شؤون لبنان الداخلية، غير أنه سيقارب الطلبات الأمريكية بما يحفظ مصلحة لبنان مع الأخذ بالاعتبار الموقف المتباين بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة حول ملفات عدة ومنها الملف الإيراني.
وتوجه عون الى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلقاء كلمة لبنان، الأربعاء، المقبل على منصتها، فيما تشير مصادر القصر الجمهوري الى أن الكلمة لن تخرج عن سياق الملفات الأساسية ومنها ملف اللاجئين والقرار 1701 والتهديدات الإٍسرائيلية.
عون وحزب الله
وذكر عضو الكتلة المؤيدة لرئيس الجمهورية " لبنان القوي" النائب ماريو عون أن "الملفات الأساسية التي سيتم التطرق إليها في كلمة الرئيس تتعلّق بالنزوح السوري، إضافة الى الملف الاقتصادي، فضلا عن الأمور العامة".
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية، قال النائب عون لـ"
عربي21": "رئيسنا رجل سيادي بامتياز ولا يقبل أي تدخل خارجي في شؤون لبنان الداخلية"، مرجحا أن "يتطرق إلى ملف حزب الله خلال الاحاديث الجانبية وليس في سياق كلمته، إلى جانب مواضيع متعلقة بالتهديدات الإسرائيلية".
وعن أزمة تشكيل الحكومة، قال: "وصلت الأطراف كافة الى مرحلة من الإرهاق الشديد، وأتوقع أن يشهد الأسبوعان التاليان لكلمة الرئيس في نيويورك تطورات على صعيد تأليف الحكومة"، آملا أن "تأتي التطورات إيجابية عبر تدوير الزوايا وتذليل العقد".
إدارة الأزمات
بدوره قلل القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش من قدرة لبنان السياسي على الخروج بمفرده من الأزمات التي يواجهها، وقال: "يعمل الساسة في بلدنا على إدارة الأزمة وسط التحديات الكبرى المفروضة علينا والتي تتجاوز إرادتنا السياسية".
وأشار علوش لـ"
عربي21" إلى أن "تدهور الوضع الاقتصادي مرتبط بالعوامل الأمنية والسياسية المحيطة بلبنان، إضافة إلى قضية نفوذ حزب الله الذي يبعد الاستثمارات الخارجية في ظل عجز التشريعات عن التوصل إلى علاجات للأزمة القائمة".
وحمّل علوش حزب الله مسؤولية تدهور الأوضاع مع الخارج، وقال: "الحل يقع عنده بوقف نشاطه المسلح وحلّ الجناح العسكري لديه، لكن من غير الوارد أن يستجيب لذلك لكون الحزب مرتبطا بمشروع يتعدى حدود لبنان، بحسب ما يصرح به قادته".
وتطرّق الى خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله الأخير، فقال: "كلامه يحمل تحديا واضحا مع غياب أي احتمال ولو ضئيل لمواجهة مباشرة".
وعن الملفات الثقيلة الملقاة على الحكومة المرتقبة، أكد علوش ضرورة "تأليف الحكومة"، غير أنه أعتبر أن "مشاركة حزب الله فيها دلالة على عجزها في إنجاز المطلوب على الصعيد الوطني".
وحذر علوش من "انهيار وشيك يتهدّد لبنان، ما يستدعي بعد ذلك معالجات ومحاولات إنعاشية"، مشددا على أن "الدولة تحافظ على ما يسمى بشعرة معاوية في علاقاتها مع العالم الخارجي فيما يخصّ ملف حزب الله، والأخير يدرك بأن إقدامه على الهيمنة المطلقة ستؤدي حتما الى نتائج كارثية لاسيما على الصعيد الاقتصادي".
وعن تحميل رئيس الحكومة السابق تمام سلام رئيس الجمهورية مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة وأيضا الى إضعاف قوى سياسية منها الطائفة السنية من خلال قانون الانتخاب، قال علوش: "قانون الانتخاب تمّ بمشاركة الجميع وكان موافقا عليه من حلفاء تيار المستقبل المسيحيين، لكنّه بالتأكيد أفضى الى تفكيك التركيبة السياسية الوطنية".
ووافق علوش كلام سلام لجهة دور رئيس الجمهورية في تأخير تشكيل الحكومة لكون رئيس الحكومة المكلف سعد
الحريري قدم تشكيلة وزارية لا تنتقص من حضور التيار الوطني الحر".
لبنان ومكافحة الإرهاب
من جانبه رجح الكاتب والمحلل السياسي غاصب مختار "تناول عون خلال زيارته الى نيويورك مسألة العقوبات الأمريكية المراد توسعتها ضد لبنان"، لافتا الى أن الحديث في هذا الملف لن يكون بشكل مباشر.
وأوضح مختار لـ"
عربي21" أن "لبنان أعلن رسميا موافقته على إجراءات ملاحقة مصادر تمويل الإرهاب وتبييض الأموال على صعيد الأفراد أو المؤسسات".
ولفت إلى أن "لبنان الرسمي يميّز بين تلك الإجراءات وبين اعتبار حزب الله كيانا مقاوما، والتالي فإنّ الأمر يتطلب جهدا من الرئيس عون لمقاربة هذا الملف مع الأخذ بعين الاعتبار وجود تباين بين الموقف الأوروبي الأكثر تفهما لخصوصية لبنان والموقف الأمريكي الأكثر تشددا".
وعن شكل العقوبات التي تهدّد لبنان، شدّد مختار على عدم "وضوح الخيارات الأمريكية في هذا الاتجاه، لكن الجلي أن واشنطن قررت توسيع دائرة ملاحقة نشاطات حزب الله لتشمل كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحزب".