هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها أندرو بنكومبي، يقول فيه إن هناك تقارير تفيد بأن إدارة دونالد ترامب تستمر في دعمها للعملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، التي تسببت بمقتل آلاف المدنيين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أمريكا والمملكة المتحدة تدعمان منذ عام 2015 عمليات القصف التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، التي تقول الرياض إنها ضرورية لدعم ما تعده الحكومة الشرعية في اليمن، ولمحاولة مواجهة الدعم الإيراني المزعوم للحوثيين، لافتا إلى قول الأمم المتحدة بأن هذه العمليات أدت إلى مقتل 16700 مدني، وخلقت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية.
ويلفت الكاتب إلى أن إدارة ترامب تستمر في دعمها للعملية العسكرية؛ وذلك لحماية مبيعات الأسلحة الأمريكية لحلفائها في الخليج، مشيرا إلى أنه يقال إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قرر مؤخرا أن يستمر في الدعم الأمريكي المثير للجدل، بعد أن تم إخباره بأن إيقاف الدعم قد يهدد صفقة أسلحة بملياري دولار لحلفاء واشنطن في الخليج.
وتكشف الصحيفة عن أن من بين الصفقات المهددة 120 ألف قنبلة دقيقة التوجيه للسعودية والإمارات من شركة "رايثون"، التي مقرها في وولثام في ماستشوستس، وهي أكبر المصنعين في أمريكا لمثل هذه الأسلحة.
ويورد التقرير نقلا عن تقرير "وول ستريت جورنال"، الذي اعتمد على بريد إلكتروني مسرب ومصادر مطلعة على الصفقة، قوله إن بومبيو "رفض المخاوف التي أبداها العديد من المتخصصين في وزارة الخارجية بخصوص ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في اليمن"، وأضاف أن بومبيو، الذي كان مديرا سابقا لوكالة الاستخبارات المركزية، قرر أن ينحاز لفريقه المتخصص في الشؤون الدستورية، الذي حذر من التهديد المحتمل لمبيعات الأسلحة.
ويفيد بنكومبي بأن من بين المجموعات التي انحاز ضدها هي مكتب شؤون الشرق الأدنى، ومكتب الشؤون السياسية العسكرية، ومكتب الديمقراطية، ومكتب حقوق الإنسان والعمال ومكتب السكان واللاجئين والهجرة، مشيرا إلى قول الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن على واشنطن التوقف عن الدعم العسكري؛ لأن استمرارها لن يحسن من سياسة السعودية والإمارات تجاه "الضحايا المدنيين أو حماية الإنسان".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي لا تشارك فيه المملكة المتحدة وأمريكا في القصف على اليمن، إلا أن أمريكا توفر التزويد بالوقود للطائرات التي تقصف اليمن، بالإضافة إلى المعلومات وغيرها من المعدات اللوجستية.
وبحسب التقرير، فإن المملكة المتحدة تقدم الدعم اللوجستي، فيما أهملت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، المطالبات بوقف بيع الذخائر المصنعة في المملكة المتحدة، التي تستخدم في الحرب، وسط قلق متزايد بشأن الإصابات المدنية، لافتا إلى أن 43 شخصا على الأقل قتلوا في شهر آب/ أغسطس في شمال اليمن، بعد أن استهدفت غارة جوية حافلة مدرسة في منطقة ضحيان الواقعة تحت السيطرة الحوثية.
وينقل الكاتب عن ناشطين، قولهم إن هذا يؤكد الحاجة لأن توقف كل من المملكة المتحدة وأمريكا الدعم للتحالف، الذي يضم أيضا البحرين والكويت والأردن.
وتورد الصحيفة نقلا عن أندرو سميث من الحملة ضد الاتجار بالأسلحة، التي مقرها لندن، قوله إن أمريكا تستحوذ على ثلث مبيعات السلاح على مستوى العالم، ونصف تلك الأسلحة تذهب للشرق الأوسط، مشيرا إلى أن أكبر مشتر للأسلحة الأمريكية هي السعودية، فيما رخصت المملكة المتحدة خلال عام 2015، صفقات بقيمة 6.2 مليار دولار للقوات السعودية، التي تضم طائرات وهيلوكبترات وطائرات مسيرة وقنابل وصواريخ.
وأضاف سميث: "لدى النظام السعودي واحد من أسوأ سجلات حقوق الإنسان في العالم، وشن حربا بشعة في اليمن، وسمح لشركات الأسلحة بجني مليارات الدولارات، في وقت يتم فيه التسبب بإحدى أسوأ النكبات الإنسانية.. لم يكن من الممكن أن تتم الحرب والدمار دون التعاون والدعم من حكومات صفقات الأسلحة، مثل حكومتي أمريكا والمملكة المتحدة".
وتابع سميث قائلا: "إن كان دونالد ترامب وتيريزا ماي وحلفاؤهما يهتمون بحقوق الإنسان وحياة الناس في اليمن، فيجب عليهم إيقاف بيع الأسلحة، وإنهاء دعمهم المتملق للديكتاتورية السعودية".
وينقل التقرير عن المؤرخ ومؤلف كتاب (العلاقات السرية: تواطؤ بريطانيا مع الإسلام الراديكالي) مارك كيرتيس، قوله: "هذه القصة الأليمة تخبرني بأن المسؤولين الأمريكيين، مثل نظرائهم في المملكة المتحدة، يعلمون جيدا الأثر الواقع على المدنيين جراء سياساتهم لتصدير الأسلحة"، وأضاف: "لكن ما هو مأساوي هو أن الزعماء السياسيين يهتمون كثيرا بالحفاظ على التحالفات، واسترضاء النخب الأجنبية، أكثر من اهتمامهم بالناس الحقيقيين، فبالنسبة للإدارة الأمريكية فإن اليمنيين ليسوا بشرا".
ويورد بنكومبي نقلا عن متحدث باسم وزارة الخارجية، قوله إن الوزارة لن تعلق "على عملية النقاش (داخل الوزارة)، أو ما يدعى أنه وثائق مسربة"، وأضاف المتحدث، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن بومبيو تأكد من أن السعودية والإمارات "تدعمان الجهود لإنهاء الحرب الأهلية، وتتخذان إجراءات للتخفيف من الأزمة الإنسانية، وتتخذان إجراءات للتقليل من خطر إيذاء المدنيين والبنية التحتية المدنية".
وتابع المتحدث قائلا: "في الوقت الذي يحرز فيه شركاؤنا السعوديون والإماراتيون تقدما في هذه المجالات، فإننا نستمر في الحوار معهم حول خطوات إضافية يمكنهم القيام بها؛ لمعالجة الوضع الإنساني، ولإحراز تقدم على المسار السياسي، بالتعاون مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، والتأكد من أن حملتهم تلتزم بقوانين الصراع المسلح والقانون الإنساني الدولي".
وتنوه الصحيفة إلى أنه عندما سئل المتحدث عما تفعله أمريكا للتخفيف من عدد الضحايا المدنيين، فإنه أجاب قائلا: "لقد حثت أمريكا، طيلة هذا الصراع، الأطرف كلها للالتزام بقوانين الصراع المسلح، والعمل على تجنب إيذاء المدنيين والبنية التحتية المدنية، والقيام بالتحقيق بدقة لضمان المحاسبة لأي تجاوزات".
ويقول الكاتب إن شركة "رايثون"، التي أنفقت 3.3 مليون، بحسب OpenSecrets.org، تبرعات لسياسيين من الحزبين في انتخابات 2016، لم ترد على تساؤلات الصحيفة.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن تورط أمريكا في العملية العسكرية أصبح مثيرا للجدل في الكونغرس، الذي اتخذ إجراءات لإنهاء عمليات تزويد طائرات التحالف بالوقود، ما لم تتأكد وزارة الخارجية كل ستة أشهر من أن السعودية والإمارات تفعلان ما بوسعهما للتقليل من الأذى للمدنيين، لافتة إلى أنه يمكن لأمريكا أن تستمر في ذلك إن كانت وزارة الداخلية تعتقد أن هناك ما يبرر ذلك لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا