صحافة دولية

فورين بوليسي: هذا ما يجب على ترامب القيام به في إيران

فورين بوليسي: صقور إدارة ترامب يدفعون إيران لتوسيع برنامجها النووي- جيتي
فورين بوليسي: صقور إدارة ترامب يدفعون إيران لتوسيع برنامجها النووي- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحثين إريك بروار وأريان طبطبائي، يقولان فيه إن فرض المزيد من الضغط على طهران لن يجدى نفعا ولن يكون أمرا ناجعا. 

 

ويشير الكاتبان إلى أن أحد أهداف السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب هو إقناع الحكومة الإيرانية بالتخلي عن سياساتها التي تهدد المصالح الأمريكية، التي تتمثل في برنامج الصواريخ البالستية والبرنامج النووي، بالإضافة إلى دعمها للإرهابيين في المنطقة، ولهذا الهدف انسحبت أمريكا من الاتفاقية النووية، التي تم التوصل إليها أثناء إدارة الرئيس باراك أوباما، وقامت بإعادة فرض العقوبات على إيران، وعادت وأطلقت حملة ضغط لمحاولة جلب إيران ثانية إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد.

 

ويرى الباحثان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، أن "أمريكا ضمن جهودها لإقناع إيران بذلك ستخطئ إن هي ظنت أن مزيدا من الضغط سيقربها أكثر من أهدافها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإجراءات التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني، فزيادة الضغط قد تزيد من المخاطر النووية، وبأن تكون سببا في توسيع الهوة بين أمريكا وحلفائها في أوروبا".

 

ويلفت الكاتبان إلى أن "العديد من مراقبي الشأن الإيراني والمهتمين به قاموا في الأشهر التي سبقت إعلان ترامب أنه سينسحب من الاتفاقية النووية، بكتابة المقالات في الدوريات السياسية مثل هذه، وبعضهم كان مع، والآخرون ضد الانسحاب من الاتفاقية، أما دعاة المقاربة القاسية، مثل مارك دوبويتز من اتحاد الدفاع عن الديمقراطيات، وراي تاكيه من مجلس العلاقات الخارجية، فيرون أن العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية ضرورية للتوصل إلى صفقة جديدة أفضل، أو لإكراه النظام على تغيير سياساته بأساليب أخرى".

 

ويجد الباحثان أنه "مع أن بعض الخبراء مثل دوبويتز وزميله من اتحاد الدفاع عن الديمقراطيات ريتشارد غولدبيرغ، قدما بعض المقترحات المحددة، فإنه لم يبد أن هناك اتفاقا على ما يجب أن تتضمنه العقوبات والعزل عمليا، وبالإضافة إلى ذلك فإن أولئك المراقبين لم يعيروا اهتماما كبيرا لكيفية تطبيق أمريكا حملتها، التي في الغالب ستدوم سنوات لتحقيق أكبر ضغط ممكن للتوصل إلى اتفاق جديد، وفي الوقت ذاته التخفيف من مخاطر إحراز إيران تقدما نوويا، والاستفزازات التي ستنتج عن تلك الاستراتيجية، ومن حيث المبدأ فإن أولئك المراقبين فقدوا الرؤية الأشمل للهدف، فقدموا أفكارا غير بناءة".

 

ويقول الكاتبان إنه "على سبيل المثال، فإن العديد من المؤلفين أشاروا إلى أن على أمريكا ألا تحد ضغطها لإيران، بل إن على ترامب أن يستهدف حلفاء أمريكا الأوروبيين، الذين يرفضون الاصطفاف خلف واشنطن، ويظهرون استعدادا للعمل مع طهران، ويبدو أن الإدارة تدعم هذه المقاربة، لكن مثل تلك الخطط تنم عن قصر نظر، فبدلا من أن تقرب الحلفاء فإنها تزيد في حجم الهوة بينهم وبين أمريكا، وتحقق ما يريد الأعداء الرئيسيون، مثل روسيا والصين بالإضافة إلى إيران، ومثل هذه المقاربة قد تساعد على تشديد الضغط الاقتصادي على إيران، لكنها تعمل أيضا على تقويض أي مزايا لأمريكا عندما يأتي الوقت للتوصل إلى صفقة ذات معنى، حيث ستؤثر على التعددية التي تعتمدها أمريكا ونفوذها لدى لاعبين دوليين رئيسيين، والأمران مهمان لأي عملية دبلوماسية مع إيران على المدى الطويل".

 

وينوه الكاتبان إلى أن كلا من غولدبيرغ وجيكوب نغل من اتحاد الدفاع عن الديمقراطيات يعتقدان بأن على أمريكا أن تجمد التمويل المخصص لوكالة الطاقة الذرية حتى تلغي أي مساعدات تقنية لإيران، وتفصل موظفيها الإيرانيين كلهم. 

 

ويفيد الباحثان بأن "فكرة تحويل وكالة الطاقة الذرية إلى رهينة للأهداف السياسية الضيقة لأمريكا ليست جديدة، لكنها لن تأتي بنتائج إيجابية، حيث أنها ستقوم بتسييس وكالة يعتمد وصولها إلى البرنامج النووي الإيراني والمنشآت النووية في أنحاء العالم كله على كونها طرفا محايدا، فإن استسلمت الوكالة لتلك المطالب فإن ذلك سيساعد المتشددين في إيران والذين يرون أصلا أن الوكالة أداة للغرب، ما سيجعل تعاون إيران مع المفتشين أقل احتمالا، وفي المحصلة فإن هذه الإجراءات ستضعف من مقدرة الوكالة على القيام بمهمتها في التأكد من بقاء البرامج النووية للدول سلمية، ما يضر بأهداف أمريكا في عدم انتشار الأسلحة النووية". 

 

ويورد الكاتبان أن "كتابا آخرين، مثل غولدبيرغ ونغل، رأوا بأن على أمريكا السعي لتخريب بنود أخرى في الاتفاقية تقوم بتطبيقها بقية أطراف الاتفاقية، وسيتضمن ذلك عقوبة أي شركة أو مصرف متورط في إمداد إيران بتكنولوجيا نووية، من خلال القناة التي نص عليها الاتفاق والأمم المتحدة، وفعل هذا غالبا ما سيؤدي بهذه القناة -التي تسمح لحلفاء أمريكا بمراقبة ما تقوم إيران بالحصول عليه من معدات نووية- للانهيار".

 

ويقول الباحثان إن "إيران لن تتوقف عن الحصول على التكنولوجيا النووية، بل على خلاف ذبك فإنها ستضاعف من أنشطتها في الحصول على المعدات النووية بشكل غير شرعي، مضعفة إمكانية المجتمع الدولي من مراقبة مشتريات إيران، فالقناة لم تكن تنازلا لإيران كما يسميها المنتقدون، بل كانت محل انتقاد المتشددين في إيران، الذين قالوا بأنها تقوض السيادة الوطنية من خلال السماح لقوى أجنبية بتحديد التكنولوجيا التي يمكن أو لا يمكن لإيران الحصول عليها".

 

ويذكر الكاتبان أن "المنتقدين دعوا الإدارة إلى الضغط على بقية أطراف الاتفاقية للتوقف عن إعادة تصميم مفاعل آراك للماء الثقيل البحثي، بهدف تقليل كمية اليورانيوم الناتجة عن المفاعل ومنشأة فوردو تحت الأرض، التي استخدمت لتخصيب اليورانيوم، ويتم تحويلها لأغراض أخرى لا تساعد على انتشار الأسلحة النووية، ودعا كل من غولدبيرغ ونغل إلى ضرورة أن تستخدم إدارة ترامب (سلطاتها القانونية كلها لقطع الدعم الدولي للبنية التحتية للأسلحة النووية الإيرانية كله)، لكن الدعم الدولي بالضبط هو الأساس في جعل تلك المنشآت أقل فائدة لإنتاج الأسلحة النووية، وإن انسحب الشركاء العالميون من هذه المشاريع وتركوها غير مكتملة فإنه ستكون هناك دوافع أكبر لإيران لأن تحول تلك المنشآت إلى تصميمها السابق ما يزيد من خطر انتشار الأسلحة النووية". 

 

ويشير الباحثان إلى أنه "لمعرفتهم بأن الإجراءات العدوانية قد تبعث إيران على توسيع برنامجها النووي، فإن دعاة مقاربة الضغط دافعوا عن استخدام القوة العسكرية إن استأنفت إيران أنشطة نووية أوقفتها بموجب الاتفاقية".

 

ويستدرك الكاتبان بأن "السيناريوهات التي تبرر توجيه ضربة عسكرية أمريكية للبرنامج النووي الإيراني قليلة جدا: أوضحها محاولة إيران إنتاج يورانيوم عالي التخصيب لإنتاج أسلحة نووية، والآخر هو إنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي المقابل فإن ضربة عسكرية ردا على محاولة إيران زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي لتجميع المواد النووية المخصبة أكثر مما تحدده الاتفاقية -وهي إجراءات ستشكل في الغالب إشارات سياسية من طهران، وليس اندفاعا نحو صناعة القنبلة النووية- ستخاطر بإشعال حرب في المنطقة، وتترك أمريكا أكثر عزلة، وهذه الحسابات هي التي تكشف أعمق وأخطر عيب في مقاربة أكبر ضغط عشوائي ممكن، وهو الاعتماد على القوة العسكرية لتحقيق هدف كان قد تم تحقيقه من خلال وسائل سلمية".

 

ويعتقد الباحثان أن "سياسة الضغط لن تساعد أمريكا في إكراه إيران على الرجوع عن برنامجها النووي، وبدلا من ذلك فإنها في الغالب ستؤسس لتوسيعه، وتخلق هوة بين أمريكا وبين أهم حلفائها، وفي المحصلة زيادة احتمال الصراع، فبالمناداة لهذا النوع من الضغط، فإن من يأملون برؤية انهيار الاتفاقية النووية يقومون بتقديم النصح الذي يؤدي إلى عكس أهدافهم من منع إيران الحصول على أسلحة نووية".

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إنه "يجب على الإدارة أن تدرك أن الحدود التي فرضتها الاتفاقية النووية على إيران قد لا تكون في نظرها كافية، لكنها توفر الوقت الكافي لأمريكا لحملة ضغط مؤثرة، والآن وقد قام ترامب بما وعد به أثناء حملته من الخروج من الاتفاقية، فإن السماح لبقية الأطراف بالاستمرار في الاتفاق لا يكلف الإدارة كثيرا، ولإغلاق أي منافذ فإنه يجب على أمريكا مشاركة حلفائها الأوروبيين أي معلومات استخباراتية تتعلق بأنشطة إيرانية لا تتماشى مع الاتفاقية؛ وذلك لإبقاء الضغط على إيران، وعلى واشنطن أن تستخدم الوقت لتطوير خيارات واقعية ومعقولة لا تصل إلى حد الحرب؛ لردع الاستفزازات الإيرانية التي تسبب إزعاجا لكنها ليست خطيرة للغاية". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)