أكد محللون سياسيون أن الحملة التي يشنها الرئيس
الجزائري،
عبد العزيز بوتفليقة، ضد أهم القيادات العسكرية والأمنية بالجزائر منذ تموز/ يوليو الماضي، ما هي إلا "آلية استباقية" استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأفادت وسائل إعلام جزائرية، الأسبوع الماضي، بمنع خمسة جنرالات متقاعدين من السفر إلى الخارج، وذلك بعدما أصدر النائب العسكري العام قرارًا بذلك في محكمة مدينة البليدة.
ويخص قرار المنع كلا من اللواء مناد نوبة قائد الدرك الوطني سابقا، ومدير المصالح المالية العسكرية في وزارة الدفاع الوطني سابقا اللواء بوجمعة بودواور، وقائد الناحية العسكرية الأولى سابقا اللواء لحبيب شنتوف، وقائد الناحية العسكرية الثانية سابقا اللواء سعيد باي، إلى جانب اللواء عبد الرزاق شريف قائد الناحية العسكرية الرابعة سابقا.
وكان المدير العام للأمن الوطني العقيد مصطفى لهبيري، قد أجرى تغييرا مس مسؤول الأمن بمطار هواري بومدين، وشملت الإقالات العديد من المسؤولين الآخرين على مستوى المطار.
آليات استباقية
أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، العباس الوردي، أن الإقالات التي قام بها الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، نابعة من صلاحياته التي كفلها له الدستور، "ولكن من ناحية الولاية المقبلة، هناك ترتيبات لإعادة انتخاب بوتفليقة على رأس الجمهورية".
وأوضح المحلل السياسي، في تصريح لـ"
عربي21"، أن ما قام به الرئيس الجزائري يدخل ضمن "آليات استباقية" لأن النظام الجزائري تحكمه الأجندة العسكرية المسبقة، "ويمكن أن نعتبرها إعدادا مسبقا وترتيبا لإعادة انتخاب بوتفليقة لولاية خامسة"، وفق تعبيره.
ونفى الأستاذ الجامعي أن تكون الحملة التي قادها الرئيس الجزائري تأتي لتخوف الأخير من الانقلاب عليه، وأوضح أن
الجيش هو من عين بوتفليقة ويوحد تحت قبضته.
وأوضح أن هناك
قادة في الجيش الجزائري من يخشى أن يترشح شخص آخر ضد بوتفليقة، مشيرا إلى أن السياسة العسكرية هي التي تدبر الشأن الداخلي الجزائري.
انتقال سلس
من جانبه، أكد الباحث المغربي في الفكر السياسي، خالد يايموت، أن الحملة التي طالت بعض قادة الجيش الجزائري استهدفت شخصيات وازنة كانت لها تأثير خلال العشرية السوداء، فأصبح لها نفوذ بعد ذلك، والآن "تم تحجيم هذا النفوذ بهذه الإقالات".
ونفى يايموت، في تصريح لـ"
عربي21"، أن تكون هذه الإقالات خوفا من منافسة الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة على الحكم، بل العكس، وقال، إن "الجيش الجزائري بهذه الحملة التي شنها على قادة وازنون يعد لانتقال سلس للسلطة استعدادا لوضع رئيس مدني جديد على رأس الجزائر عوض بوتفليقة"، موضحا أن الجيش نجح وسينجح في مسعاه أن تبقى رئاسة الجمهورية مدنية وليست عسكرية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن الجيش الجزائري لديه خط اقتصاد مواز يعتمد على التهريب، من خط موريتانيا ومالي إلى حدود نيجريا، موضحا سيطرة جنرلات نافذين عليه، و"أي تحرك لإعادة ترتيب بنية الجيش يعني خلخلة وسط هذه الشبكة التي بنيت تاريخيا والتي ظهرت ما بين 1991 و1992".
وكان سياسيون ومثقفون جزائريون قد طالبوا في وقت سابق العام الجاري بعدم ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في 2019.
ودعت 14 شخصية من سياسيين ومثقفين وجامعيين عبر رسالة نشروها في أيار/ مايو الماضي، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى "التخلي عن العهدة الخامسة" وعدم الترشح في الانتخابات المقررة في 2019، في مقابل دعوات الحزبين الحاكمين لبقائه في السلطة.
ولم يظهر الرئيس الجزائري بوتفليقة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013 أقعدته على كرسي متحرك وأثرت على قدرته في الكلام، إلا نادرا، لكن ذلك لم يمنعه من الترشح في 2014 لولاية رابعة والفوز بها دون أن يقوم بحملة انتخابية.
وقد دفع هذا الوضع الصحي ببعض أحزاب المعارضة للمطالبة بإعلان شغور المنصب وتنظيم انتخابات مسبقة وفقا للمادة 88 من الدستور بسبب "عجز الرئيس عن أداء مهامه"، لكن تلك الدعوة لم تجد لها أي صدى.
وكان حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم قد ناشد عدة مرات الرئيس الجزائري للاستمرار في الحكم والترشح لولاية خامسة، وكذلك فعل حليفه في سلطة التجمع الوطني الديمقراطي، لكن بوتفليقة لم يعلن نيته بعد.
ويستعد الجزائريون للانتخابات الرئاسية المرتقبة خلال النصف الأول من العام المقبل 2019 لاختيار رئيس للجمهورية الجزائرية لعهدة مدتها 5 سنوات تنتهي سنة 2024، حيث سيتم تحيين المواطنين المسجلين بالقوائم الانتخابية قبل نهاية العام الجاري.