هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافي بورزو دراغاهي، يقول فيه إن تركيا وروسيا تجتمعان اليوم الاثنين في سوتشي، في مباحثات تم ترتيبها على عجل لمناقشة مصير آخر معقل قوي للثوار في سوريا.
ويقول دراغاهي: "يبدو أن الهجوم الذي لوحت به دمشق والدولتان الداعمتان إيران وروسيا، تم تأجيله ريثما تظهر نتائج الجهد الدبلوماسي والتحركات العسكرية التركية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تركيا تحاول جاهدة لمنع هجوم القوات الموالية لدمشق على محافظة إدلب، التي يسيطر عليها الثوار، مستدركا بأن تحركاتها قد تكون زادت من مخاطر الصراع المحتملة.
وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قوله في مؤتمر صحافي في اسطنبول، أواخر الشهر الماضي: "سنتابع جهودنا مع إيران وروسيا.. وسنستمر في جهودنا على الصعيد الدولي أيضا".
ويلفت الكاتب إلى أن تركيا بدأت في الأيام الأخيرة في تحصين مواقعها في إدلب، قبل هجوم الحكومة السورية الذي تدعمه روسيا، حيث حشدت تركيا لذلك مدرعات ومدافع على الحدود مع سوريا، مع دخول بعض تلك المعدات الحدود السورية، بحسب مصادر الأنباء السورية وتسجيلات الفيديو المنشورة على الشبكة العنكبوتية.
ويفيد التقرير بأن تركيا قامت بنقل الأسلحة والذخيرة إلى حلفائها في الجيش السوري الحر، بحسب ما نشرته صحف موالية لأنقرة، مع أن بعض الخبراء يقولون إن توزيع الأسلحة على الثوار لن يغير نتيجة الصراع، مشيرا إلى أن تركيا بدأت أيضا في تعزيز أكثر من عشرة مواقع عسكرية متقدمة داخل وحول إدلب بقوات إضافية وعربات عسكرية، وكانت تلك المواقع قد أنشئت باتفاق مع إيران وروسيا بصفتها آليات تم التوصل إليها في سلسلة من المحادثات التي بدأت في عاصمة كازاخستان الأستانة لمراقبة الهدنة المحلية.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتخصص في الشأن السوري في معهد عمران للدراسات الاستراتيجية في اسطنبول نوار أوليفر، قوله: "نقاط المراقبة الاثنتي عشرة تلك تم تجهزيها بمعدات عسكرية محدودة، فمهمة الجنود الرئيسية هي مراقبة تنفيذ الاتفاق كما تم في الأستانة، والآن عندما بدأ النظام في حشد قواته حول إدلب، بدأت تركيا في تعزيز تلك المواقع".
ويرى دراغاهي أنه "يمكن للقوات السورية، بمساعدة الطيران الروسي، السيطرة على تلك المواقع بسهولة، لكن تركيا، بتعزيزها لتلك المواقع، رفعت الثمن الجيوسياسي لأي محاولة للسيطرة على إدلب من المعسكر الموالي للأسد، الذي يتضمن روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، بالإضافة إلى المليشيات الشيعية العراقية التي تدعمها طهران".
وينوه التقرير إلى أن حوالي مليوني سوري يعيشون في محافظة إدلب، التي هي عبارة عن منطقة زراعية هضبية بالقرب من الحدود التركية، مشيرا إلى أنه استقر فيها الكثير من النازحين من مناطق أخرى من سوريا، أو تم نقلهم اليها بالقوة من جيوب المعارضة التي سيطرت عليها دمشق.
وتذكر الصحيفة أن تركيا، التي تعد الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، والمستضيفة لـ3.5 ملايين سوري مشرد، عارضت بشدة أي هجوم للنظام لاستعادة إدلب، فيما حثت كل من أمريكا وأوروبا على إيجاد حل سياسي لإدلب، وحذرتا من حملة عسكرية، وأعادت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، تحذيرها من أن استخدام النظام للأسلحة الكيماوية سيستدعي ردا من واشنطن.
وبحسب الكاتب، فإن المملكة المتحدة حذرت يوم السبت من أزمة إنسانية وشيكة، وسط تقارير حول هجمات على المستشفيات والعيادات في المناطق التي يسيطر عليها الثوار.
وينقل التقرير عن الوزير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أليستير بيرت، قوله: "كانت المملكة المتحدة واضحة بأن كارثة إنسانية من صنع الإنسان يمكن تجنبها تماما في إدلب.. ندعم الجهود الدبلوماسية الطارئة التي تقوم بها تركيا والأمم المتحدة".
وتشير الصحيفة إلى أن أنقرة تشعر بالقلق، جزئيا، من أن مواجهة دامية في سوريا قد تولد موجات جديدة من مئات آلاف اللاجئين تجتاح تركيا وأوروبا.
ويورد دراغاهي نقلا عن مصدر من عفرين، قوله بأن آلاف النازحين السوريين انتقلوا من أطراف إدلب وشمال حماة إلى محافظة عفرين على الحدود التركية، التي تسيطر عليها القوات التركية، لافتا إلى أن تركيا استضافت يوم الجمعة اجتماعا ضم مسؤولين من فرنسا وألمانيا وروسيا، مقدمة لاجتماع محتمل لزعامات تلك البلدان حول إدلب.
ويجد التقرير أنه بالإضافة إلى مواجهة محتملة بين القوى الموالية للأسد وتركيا، فإن إدلب قد تشكل نقطة تماس للصراع مع القوى الجهادية، التي تسيطر على أجزاء من المحافظة، مشيرا إلى أن الداعمين الدوليين لتنظيم القاعدة انتقدوا على الإنترنت الجهاديين في إدلب؛ لسماحهم لتركيا بإدخال مدرعات ودبابات محمولة إلى سوريا، بحسب فيديوهات تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتلفت الصحيفة إلى أن بيانا صادرا في 13 أيلول/ سبتمبر، وقعه 15 من كبار مؤيدي تنظيم القاعدة، لام هيئة تحرير الشام، التي تعد لاعبا أساسيا في إدلب؛ بسبب سماحها للقوات التركية بدخول المحافظة.
ويورد الكاتب نقلا عن أوليفر، قوله إنه "قد يكون سبب تعزيز تركيا لمواقع المراقبة هو الخوف من هجمات الجهاديين، ولمنع هجوم دمشق.. مشكلات إدلب الداخلية كبيرة جدا.. نحن نتحدث عن منطقة فيها الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام وبعض خلايا تنظيم الدولة وغيرها من التنظيمات الصغيرة".
وينوه التقرير إلى أن التحركات التركية في الوقت الحالي أدت إلى تعقيد خطط استعادة إدلب، فيما بدأ المدنيون السوريون بالتجمع حول نقاط المراقبة التركية، التي تم تعزيزها أملا بألا تضربهم القوات الحكومية السورية والطائرات الحربية الروسية.
وتنقل الصحيفة عن صحيفة "وطن" الموالية للحكومة، قولها: "قام آلاف السوريين، الذين فروا من هجمات النظام وروسيا، بالاستقرار في المناطق التي توجد فيها المواقع العسكرية التركية لأنهم يعتقدون أنها آمنة"، ونشرت الصحيفة صورا لأناس قالت إنهم استقروا بالقرب من هذه المواقع.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن آلاف السوريين قاموا يوم الجمعة، وللأسبوع الثاني على التوالي، بالتظاهر سلميا في الشوارع، في مظاهرات أعادت الذاكرة إلى الأشهر الأولى من ثورة 2011 ضد عائلة الأسد التي حكمت سوريا لعقود، وقال أوليفر: "إلى الآن أصبح كل شيء مؤجلا.. فليس هناك اتفاق نهائي، ولا خلاف نهائي".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا