هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحاول تركيا حشد الرأي العام الدولي ضد معركة وشيكة يهدد النظام السوري المدعوم من روسيا بشنها على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وأطلقت تحذيرات عدة من خطورة المعركة، وآثارها الكارثية على حوالي ثلاثة ملايين نسمة يسكنون المحافظة. فضلا عن تسببها (إن وقعت)، بموجة هجرة جديدة نحو المدن الحدودية التركية.
وفي آخر تصريح لها، حذرت الرئاسة التركية من "موجة لجوء سورية جديدة قد تصل إلى أوروبا"، وأشارت إلى أنه "في حال حدوث هجرة جماعية من إدلب؛ فإن تركيا لن تتحمل التكلفة وحدها"، لافتةً إلى أن "هناك إجماعا على إيجاد حل سياسي وليس عسكريا في إدلب".
وزير الداخلية التركي سليمان صويلو دق ناقوس الخطر في وجه أوربا حينما ذكّر في مؤتمر صحفي قبل أيام بالأعداد الهائلة التي كانت تتدفق يوميا إلى اليونان وصولا إلى غرب أوربا حينما قال "إن المعدل اليومي للمهاجرين غير النظاميين العابرين إلى اليونان من الحدود الغربية لتركيا كان يبلغ 6800 عام 2015، وتراجع اليوم إلى نحو 79 فقط".
فهل ستشهد أوروبا موجة هجرة جماعية جديدة مصدرها إدلب؟
الكاتب والمحلل السياسي اسماعيل ياشا قال إن هناك علاقة طردية "حتمية" ستحدث إذا شن النظام حربا على إدلب، متوقعا أن تشهد أوروبا بالفعل موجات هجرة جديدة مشابهة لتلك التي جربت عام 2015، إذا ظل الخيار العسكري هو القائم في المحافظة السورية المتاخمة للحدود التركية.
ولفت ياشا في حديث لـ"عربي21" إلى أن تركيا لن تتحمل وحدها مسؤولية ما سيجري من هجرة جماعية في إدلب المكتظة بالسكان، وربما تلجأ إلى فتح الحدود نحو أوروبا لأنها لا تستطيع تحمل أعباء ما سيجري وحدها، وهي بذلك تطلق تحذيرا للدول الأوروبية بأن تتحمل مسؤولياتها لمنع ما يخطط له النظام في إدلب والكوارث الإنسانية الكبيرة التي سنتنج عنه.
ورأى ياشا أن الحل للوضع في إدلب قد يكون معقدا إلى حد ما، رغم المساعي الحثيثة لتحييد العمل العسكري، متوقعا أن توافق تركيا "مجبرة" على قيام روسيا والنظام بعمليات محددة في إدلب تستهدف جبهة النصرة، كبديل عن الهجوم الشامل على قاعدة "آخر الدواء الكي".
وكانت الرئاسة التركية، حذرت الجمعة، من تداعيات أي هجوم واسع على إدلب في الشمال السوري، كحدوث هجرة جماعية للمدنيين هناك.وتوجهت تركيا لأوروبا بتحذيرها بأنه "في حال حدوث هجرة جماعية من إدلب فإن تركيا لن تتحمل التكلفة لوحدها".
ويأتي ذلك في الوقت الذي نفى فيه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الجمعة، نية النظام السوري شن هجوم شامل على إدلب آخر معاقل المعارضة في سوريا.
اقرأ أيضا: تركيا تحذر: لن نتحمل وحدنا تكلفة حدوث هجرة جماعية من إدلب
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي راجح الخوري أن النظام مدعوما بحلفائه، بدأ يطبّق منذ 3 أعوام، خطة روسية لكي تكون إدلب تحديدا "المصيدة الكبيرة"، التي سيتم تجميع كل الإرهابيين والمتطرفين فيها.
وقال الخوري في مقال اطلعت عليه "عربي21" إن الخلافات العاصفة والصدامات السابقة بين هذه المجموعات المسلحة، ستدفعها إلى الانخراط في اقتتال حتمي، ما يخدم النظام في نهاية الأمر، وهذا ما حصل فعلا منذ بداية عام 2016.
وأضاف أن الرهان على أن تجميع هذه التنظيمات وفيها فصائل إرهابية في بؤرة واحدة، سيوفّر وعندما يحين الأوان، تأييدا ضمنيا من الدول الخارجية الغطاء لأي عملية عسكرية يقوم بها النظام لتطهير المنطقة، وهو ما تؤيده اليوم هذه الدول اليوم خلافا لمواقفها المعلنة التي تحذر من هذه العملية" مشددا على أن الخوف ليس على إدلب، بل الخوف مما ستضخه من متطرفين الذين سيفرون، واللاجئين الذين سيقرعون أبواب المتوسط"، مشيرا إلى أن تركيا لن تتسع وحدها لموجات اللاجئين الجديدة.
ويعيش نحو ثلاثة ملايين شخص في محافظة إدلب حاليا نصفهم من النازحين من مناطق أخرى بسبب النزاع المستمر منذ سبع سنوات في سوريا، ويعتمد آخرون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: أردوغان يلتقي بوتين مجددا الاثنين المقبل لبحث ملف إدلب
وتسببت أعمال القتال الأخيرة في تشريد 38500 شخص إضافي خلال أقل من أسبوعين، بحسب الأمم المتحدة، التي حذرت من أن شن هجوم شامل على إدلب يمكن أن يخلق "أسوأ كارثة إنسانية" في هذا القرن.