هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تستعد دول جديدة إلى
الدخول في الأزمة السورية، وربما على الأرض، مع اقتراب معركة إدلب المرتقبة،
واستمرار الغياب والتأثير العربي.
ورغم أن الوقت لا يزال
متاحا بحسب مراقبين، فيبدو أن الدول العربية لديها قرار جامع بعدم التدخل في الأزمة
السورية بشكل فاعل، أو مؤثر، في حين يتزايد الوجود الإقليمي والغربي هناك.
آخر التصريحات الغربية
كانت تصريحات وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، بأن بلاده "ستتخذ قرارا
منفردا يتفق مع دستورها والقانون الدولي" بشأن ما إذا كانت "ستشارك في أي رد
عسكري على هجوم كيماوي للنظام في سوريا".
وأضاف: "سنتخذ
قرارا منفردا بما يتفق مع الإرشادات الدستورية في ألمانيا وبالطبع مع القانون
الدولي".
عربيا، غابت سوريا عن
اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير الذي عقد في القاهرة، قبل أيام، ومع حدة
التصريحات الغربية والإقليمية، لم تتعد الدعوات العربية التأكيد على "وحدة
سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها".
ورغم الوجود الإيراني
والروسي والأمريكي والتركي على الأرض السورية، فقد شدد وزير الخارجية السعودية، عادل
الجبير، على موقف المملكة من الأزمة وأنها تعمل على توحيد المعارضة السورية بهدف
"منع التدخل الأجنبي وأي محاولات تقسيم".
وقال الأمين العام للجامعة
العربية، أحمد أبو الغيط، إن العرب يريدون استعادة سوريا التي يعرفون، ولا يرغبون في أي تدخل خارجي فيها، مشددا على أن الحل هو "مصالحة جادة تشمل المجتمع بكل
أطيافه وطوائفه" مستثنيا منهم "من مارس الإرهاب واستحل الدم".
وفي كلمة الأردن، قال وزير الخارجية أيمن الصفدي، إن "الأزمة السورية طالت" ويجب أن ينتهي الموت والدمار هناك، معترفا بأن مقاربات الماضي "فشلت" وأنه لا بد من "مقاربات جديدة" تقدم مصلحة سوريا وأهلها على كل اعتبار آخر.
المعارض السوري ورئيس
المجلس الوطني السابق، جورج صبرا قال لـ"عربي21" إن الغياب العربي لا يفاجئ أحدا لأن العرب
غائبون، ومنذ انتهت مبادرة جامعة الدول العربية 2011 انكفأ الوضع العربي وأصبحت التناقضات
بين الدول العربية في ما يخص الأزمة السورية أكثر من نقاط التوافق.
يذكر أن المبادرة
العربية في 2011 قضت بإرسال مراقبين عرب إلى الأراضي السورية، وحاولت إقناع نظام
الأسد بالدخول في مفاوضات مع المعارضة، ومع مماطلة النظام وإمهال العرب له، انتهت
المبادرة برفض النظام واعتبارها تدخلا في شؤون البلاد.
وتابع صبرا بأن سوريا
والسوريين عاشوا في قلب العمل العروبي يوما ما، مؤكدا أن البلدان العربية الآن
مليئة بالأزمات التي تتستر عليها الأنظمة، إلى جانب أن السلطات العربية لديها مشاكل
مع شعوبها.
وعن الاجتماع الأخير
لوزراء الخارجية العرب قال صبرا إنه لم ينتج عنه شيء بخصوص سوريا، كاشفا عن دعوات
مستورة مخفية تخرج أحيانا للعلن باتجاه تطبيع العلاقات مع النظام السوري، ما يمثل
طعنة للشعب السوري والحرية والديمقراطية.
وختم صبرا بأن الموقف
العربي الإنساني والإغاثي لا يختلف عن السياسي، واصفا إياه بالمخزي، ضاربا مثلا
على اللاجئين في الدول العربية وعلى وجه الخصوص في الأردن ولبنان.
مؤخرا، كان التعليق
العربي الأوضح بشأن الدور العربي في سوريا، إماراتيا، على لسان وزير الدولة
للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش الذي قال إن الوجود العربي في سوريا يحتاج
إلى مراجعة شاملة.
وفي تغريدة على حسابه
عبر "تويتر"، قال قرقاش، إن "تجنيب إدلب مواجهة دامية تعرّض
المدنيين للخطر يمثل أولوية لنا وللمجتمع الدولي".
وعن مراجعة الموقف
العربي، أضاف قرقاش أن تقلص النفوذ والوجود العربي في سوريا يحتاج لمراجعة شاملة
ودروس لا بد من استيعابها بمرارة وعقلانية.
ولم تجد كلمات قرقاش
أذنا صاغية من الدول العربية.
رئيس مركز عمران
للدراسات، ودكتور العلوم السياسية عمار القحف، أكد في حديث مع "عربي21" أن العرب اتخذوا قرارا بعدم التدخل في سوريا، لكنه أشار إلى أن الفرصة لم تفت
بعد.
ومع وجود الفرصة، قال
القحف إنه لا مؤشرات على التفاعل العربي، في ظل انقسام الدول العربية حول ما تريده
من سوريا، فكل دولة لديها رؤيتها الخاصة بشأن الأزمة.
وعن التدخل الغربي
الواسع هناك، قال إن الغرب يتعامل مع سوريا على أساس المصالح، وليس على أساس
الأيديولوجيا أو شخصنة الأزمة كما يفعل العرب.
وبالمقارنة مع الأزمة
اليمنية التي سارع العرب لتشكيل تحالف هناك والتدخل عسكريا ضد ما يصفه التحالف
بـ"ذراع إيران في اليمن"، وغيابهم عن الساحة السورية التي توجد فيها
إيران على الأرض بشكل معلن وواضح، فقد أوضح القحف أن المعطيات في اليمن مختلفة تماما.
ولفت إلى أن اللاعبين
في الأزمة السورية أكثير بكثير من أطراف الأزمة في اليمن، مؤكدا أن الوجود
الروسي على الأرض في سوريا على سبيل المثال حد من قدرة العرب على التفاعل مع
الأزمة السورية.
وأشار إلى أن العرب
محسوبون على الحلف الأمريكي، وأن الأمريكيين تم تحجيم دورهم في سوريا، وعليه فإن
العرب مضطرون الآن للتعاطي مع الجانب الروسي.
وأشار إلى أن التواجد
الإيراني في المنطقة يسبق الجميع بما فيهم العرب، مذكرا بأن الأزمة في سوريا أكبر
تهديد في المنطقة من أي بلد آخر مشيرا إلى تحذير العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني،
من "هلال شيعي" في المنطقة يصل إلى البحر الأبيض المتوسط.