هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعاد إعلان وزارة الداخلية المصرية قبل أيام عن ضبطها 6.5 طن من الذهب الخام، المستخرج من منطقة الصحراء الشرقية، الحديث عن الذهب المستخرج من منجم السكري بالصحراء الشرقية، ولماذا لم يشعر المواطن المصري بعائد ما يتم استخراجه من المنجم، الذي يعد من أكبر المناجم عالميا.
وتساءل الكاتب الصحفي بأخبار اليوم، أيمن الشحات، عن مصير الذهب الذي يتم استخرجه من السكري، مشيرا في تعليق له بصفحته على الفيسبوك إلى أن كل فترة يخرج من مصر ما بين 40 إلى 70 كيلو جراما خاما لمطار القاهرة، حيث تقوم الحكومة بإرساله لكندا من أجل تحويله لسبائك، موضحا أن أخبار خروج الذهب من المطار وفي ظل حراسة أمنية مشددة أمر يعلمه الجميع، إلا أن أخبار عودة الذهب في سبائك لا يسمع أحد عنها شيئا.
وبين الشحات أن قيام السلطات المصرية بضبط 6.5 طن ذهب بمنطقة حلايب وشلاتين، من المفترض أن تنعش الخزانة المصرية، وأنهى تعليقه متسائلا: "أم أن مصيرها سيكون غامضا مثل مصير الذهب المستخرج من منجم السكري".
من جانبها، أكدت شركة "سنتامين" الأسترالية التي تدير عمليات استغلال المنجم، في آخر تقرير لها، أن هناك ارتفاعًا في الإنتاج بنسبة 14% خلال الربع الأول من عام 2018، حيث وصل الإنتاج إلى 124.296 ألف أوقية مقابل 109.187 ألف أوقية خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وقدرت الشركة احتياطي المنجم بنحو 15.5 مليون أوقية، ما جعله واحدًا من أكبر مناجم الذهب في العالم.
وفي المقابل، أعلنت الحكومة أنها حصلت على 131 مليون دولار عوائد من شركة "سنتامين مصر" للتنقيب، نظير عملياتها بمنجم السكري خلال 2017، كما حصلت على 21.64 مليون دولار كأرباح منذ بداية 2018 وحتى 6 آذار/ مارس الماضي، بالإضافة لإتاوة بقيمة 11.734 مليون دولار خلال الفترة ذاتها.
وفي بيان عاجل قدمته ضد وزير البترول، أكدت النائبة "فايقة فهيم" أن المنجم يشهد مافيا كبيرة للفساد، حيث أنتج 377 ألف أوقية ذهب، أي نحو 11 طنا خلال عام 2014، و420 ألف أوقية خلال 2015 بما يوازي 11.7 طن، و470 ألف أوقية خلال 2016 بما يوازي 13 طنا، ليصل لطاقته القصوى من حيث الإنتاج، وهي 500 ألف أوقية خلال عام 2017، بما يوازي 16 طنا.
مشيرة إلى أن مصر خلال 5 سنوات، من 2011 حتى 2015، لم تحصل سوى على 70 مليون دولار فقط، ما يؤكد هيمنة شبكات مافيا الفساد على ثروات مصر، إلا أن وزارة البترول لم ترد على تساؤلات النائبة حتى كتابة هذه السطور.
من جانبه، يؤكد عضو لجنة الصناعة والقوى العاملة بمجلس الشورى السابق طارق مرسي، لـ"عربي21"، أن الفساد في منجم السكري ليس جديدا، حيث سبق لبرلمان الثورة أن كشفه أمام حكومة الدكتور كمال الجنزوري، إلا أن الأخير لم يقدم ردودا مقنعة تفيد بسيطرة الدولة على المنجم وحجم الاستفادة الحقيقية منه.
ويشير مرسي إلى أن العقود التي أبرمها سامح فهمي، وزير البترول في نظام مبارك، منحت المستثمر المصري أسترالي الجنسية، شريف الراجحي، حقوقا كبيرة في استغلال المنجم، ما ضيع على الدولة استفادات كبيرة من المنجم الغني بالذهب.
ويضيف البرلماني السابق أن الحكومة منحت المستثمر التنقيب بعمق 180 مترا داخل جبل السكري الذي يبلغ طوله 500 متر، وهو منجم محظور على المصريين الدخول إليه، بينما هو مفتوح على مصراعيه للأجانب، ما ضيع على مصر فرص ضبط الكمية المستخرجة، والاستفادة التقنية منه بما يفيد في عمليات التنقيب عن الذهب في هذه المنطقة والمناطق الأخرى.
ويشير خبير الاقتصاد المصري فكري عبد العزيز، لـ"عربي21"، أن الذهب المستخرج من السكري لا يخضع لأي ضوابط، وأن الشركة المُشَغِلة للمنجم هي المصدر الوحيد للمعلومات، فهي التي تعلن زيادة الإنتاج أو نقصه، كما أنها هي التي تحدد قيمة التشغيل، وفي النهاية ترسل للحكومة المصرية مقابلا ماليا دون توضيحات يمكن مساءلة الحكومة عليها.
ويؤكد عبد العزيز أن هناك شكوكا بأن رجل الأعمال سامي الراجحي صاحب امتياز التنقيب يقوم بغسيل أموال كبيرة من خلال الذهب، خاصة أن الذهب الذي يتم تصديره يتم دمغه في لندن وليس القاهرة، حتى لا تستطيع الحكومة المصرية معرفة نسبة الذهب بعد التنقية، وقد تهرب الراجحي أكثر من مرة من الالتزام بالدمغ في القاهرة، كما لم تقم الحكومة المصرية باتخاذ أي خطوة لتعديل هذا الوضع المثير للشكوك.
وأوضح أن الأصل في المنجم أنه يتبع وزارة البترول، لكن الواقع عكس ذلك، فكل المناجم تخضع لسيطرة القوات المسلحة، وهو ما يثير التساؤلات عن دور الجيش فيما يجري داخل المنجم الذي يمثل عنوانا كبيرا للفساد.