هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يسجل الاقتصاد التونسي ارتفاعا متسارعا في نسبة التضخم، وسط توقعات بوصوله إلى 8 بالمئة بنهاية العام الجاري، مع استمرار ارتفاع الأسعار، وتراجع سعر صرف العملة المحلية.
ووصل معدل التضخم السنوي في تونس إلى 7.5 بالمئة في تموز/ يوليو الماضي، بعد أن بلغ 7.8 بالمئة في حزيران/ يونيو السابق له، مسجلا أعلى مستوى له منذ 1990، وفق المعهد الوطني للإحصاء.
وأوصى صندوق النقد الدولي، في بيان حديث، الحكومة التونسية باتخاذ إجراءات قوية لمعالجة الوضع المالي للبلاد والموازنة العامة، تتضمّن زيادة الإيرادات الضريبية، وكبح زيادات الأجور في الوظائف الحكومية.
ويذهب خبراء الاقتصاد إلى أن الارتفاع المستمر في معدلات التضخم بحاجة إلى معالجة سريعة، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يواجهها التونسيون نتيجة تصاعد مؤشرات الغلاء.
وحسب توقعات سابقة لمحافظ البنك المركزي التونسي، فإن نسبة التضخم ستبلغ حوالي 8 بالمئة عن كامل 2018.
وكان البنك المركزي التونسي رفع سعر الفائدة الرئيسي، في أيار/ مايو الماضي، بمقدار 100 نقطة أساس إلى 6.75 بالمئة؛ لمواجهة ارتفاع التضخم.
سياسة نقدية
وقال محسن حسن، الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، إن تدخل البنك المركزي من خلال الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية يأتي في صلب دوره على مستوى السياسة النقدية.
وأضاف: "هذا التدخل يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية على مستوى التقلّص الطفيف في نسبة التضخم".
وتابع: "كذلك يمكن لهذا التدخل أن يكون له انعكاسات سلبية على كلفة تمويل المؤسسة، وعلى كلفة القروض بالنسبة إلى الأفراد، وعلى تراجع تنافسية المؤسسة، وتراجع المقدرة الشرائية
للمواطن".
وأرجع السبب الأساسي لارتفاع نسبة التضخم إلى تراجع قيمة الدينار؛ ما من شأنه أن يحد من فاعلية تدخل البنك المركزي.
وقال: "التضخم في تونس هو تضخم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الموردة، وهو السبب الرئيسي لارتفاع نسبة التضخم إلى هذه المستويات".
صعوبات مالية
وسجل العام الجاري صعوبات اقتصادية على المواطنين والسوق المحلية، وارتفاع العجز في موازنة العام الجاري، وصعود عجز الميزان التجاري، قابله تحسن طفيف في نسب النمو.
ونما الاقتصاد التونسي في حدود 2.6 بالمئة خلال النصف الأول 2018، مقابل 1.9 بالمئة خلال الفترة
نفسها من العام الماضي، حسب معطيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء.
لكن الخبير الاقتصادي اعتبر أنه لا معنى لنمو اقتصادي مقترن بمالية عمومية مختلة، "حتى إذا وصل النمو إلى 5 بالمئة".
ضغوط تضخمية
محمد الصادق جبنون، وهو خبير اقتصادي تونسي، رأى أن "التراجع الأخير في معدلات التضخم، الشهر الماضي، يعتبر تعديلا تقنيا؛ حيث إن الفترة نفسها من العام الماضي شهدت زيادة في سعر التبغ
والوقود".
وأكد جبنون أن "الضغوط التضخمية ما تزال قائمة، مع استمرار انزلاق الدينار التونسي.. حتى في التقرير الأخير للمعهد التونسي للإحصاء، رأينا أن الأسعار ما زالت ترتفع تباعا".
وأضاف: "حتى نتحدث عن انخفاض حقيقي في التضخم، لا بد ألّا يقتصر ذلك على زيادة الفائدة الأساسية، التي لن تعطي النتائج المرجوة على مستوى التضخم، ولكن ننتظر تحسّنا ملموسا في نسبة الإنتاجية".
ارتفاع الصادرات
وبين الخبير الاقتصادي أن الارتفاع الأخير في قيمة الصادرات يأتي نتيجة تراجع قيمة الدينار، لا سيما أنه لم يقترن بتراجع العجز في الميزان التجاري، الذي ارتفع في نهاية تموز/ يوليو الماضي بـ15 بالمئة.
وبلغ العجز التجاري في نهاية تموز/ يوليو الماضي ما قيمته 9.946 مليارات دينار (3.643 مليارات دولار)، مسجلا ارتفاعا بنحو 15 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها 2017.
وأوضح جبنون: "ارتفاع قيمة الصادرات لم يحد من ارتفاع قيمة الواردات جراء تراجع قيمة الدينار التونسي.
وبلغت قيمة الصادرات في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي 23.58 مليار دينار (8.637 مليار دولار)، في حين بلغت الواردات 33.526 مليار دينار (12.28 مليار دولار).
وتراجع الاحتياطي من العملة الصعبة إلى ما قيمته 10.944 مليارات دينار (4 مليارات دولار)، وفق إحصائيات البنك المركزي التونسي.