هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قدم المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة دستورية، أعلى هيئة رقابية في المغرب) تقريره السنوي برسم سنتي 2016-2017، سجل خلاله العديد من الاختلالات التي اعترت مجموعة من المؤسسات المغربية.
الموظفون الأشباح
سجل التقرير عجز الإدارة العمومية عن محاربة ظاهرة التغيب غير المشروع، قائلا: "رغم أن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية يتضمن إجراءات بخصوص التغيب غير المشروع عن العمل، إلا أنه عمليا لا يتم زجر هذا التغيب بالصرامة المطلوبة".
واعتبر تقرير المجلس أن التقاعس عن تطبيق العقوبات المفروضة لظاهرة "الموظفين الأشباح" ينم عن نقص الجدية في تطبيق المقتضيات القانونية، مضيفا أن من شأن هذه الوضعية أن تشجع الممارسات السلبية المتمثلة في التغيب غير المشروع.
وأكد التقرير أن الإدارة لا تقوم بإحصاء دوري لحالات الغياب غير المشروع، كما أنها لا ترتب العقوبات بالشكل المطلوب على المتغيبين، موضحا أنه بعد مرور خمس سنوات على تنزيل مقتضيات منشور رئيس الحكومة حول الموضوع، لم تسعف التدابير المتخذة في إحداث تغييرات ملحوظة كما كان متوقعا.
اقرأ أيضا: تقرير رسمي: هذه اختلالات الوزراء الذين أعفاهم ملك المغرب
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بضرورة الحد من غياب الموظفين العموميين من خلال الحرص على التطبيق الصارم لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في هذا المجال، موضحا أن ضبط الزمن الإداري يعتبر أمرا مهما من أجل استعماله كرافعة للاستغلال الأمثل للموارد البشرية المتوفرة.
ودعا إلى تعميم نظام مراقبة الولوج في جميع الإدارات العمومية بغية ضبط الوقت النظامي لحضور الموظفين، والحرص على تطبيق العقوبات القانونية تجاه الغيابات غير المبررة وخاصة إعمال الاقتطاع من الأجر تطبيقا لمبدأ الأجر مقابل العمل.
الصندوق المغربي للتقاعد
حذر المجلس الأعلى للحسابات من أن نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد يعاني من وضعية مالية هشة أدت إلى تسجيل عجز تقني سنة 2014 وصل إلى 936 مليون درهم، وسرعان ما ارتفع إلى 2.68 مليار درهم سنة 2015، و 4.76 مليار درهم سنة 2016.
وأشار المجلس في تقريره إلى أنه في أغلب أنظمة التقاعد الحديثة تتم تصفية المعاشات على أساس متوسط الأجر المحصل عليه خلال مدة طويلة نسبيا، وفي كثير من البلدان يعتمد متوسط الأجر خلال طول مدة المساهمة لتصفية المعاشات. وهو ما يتيح تحقيق الملاءمة بين مستوى المساهمات والمعاشات المستحقة.
ولفت التقرير إلى أن نظام المعاشات المدنية اعتمد، قبل إصلاح 2016، على آخر أجر يتقاضاه الموظف أثناء فترة انخراطه في النظام كوعاء لتصفية المعاشات، وهذه الوضعية كانت سببا في عدم التناسب بين المساهمات المحصلة من قبل النظام والمعاشات المستحقة، موضحا أن هذه الوضعية، إلى جانب عوامل أخرى، أدت إلى تفاقم العجز المالي للنظام خصوصا مع المنحى التصاعدي التي تعرفه الترقية في الدرجة في الإدارة العمومية مع اقتراب موعد الإحالة على التقاعد.
وحذر المجلس من أن يتواصل هذا المنحى مستقبلا في ظل التغييرات التي يعرفها موظفو الدولة، خصوصا ارتفاع عدد الأطر الذين ينهون مسارهم الإداري في أعلى الدرجات، حيث انتقلت نسبة الأطر من فئة المتقاعدين من 12% سنة 1990، إلى 38% سنة 2005 ثم إلى 42% سنة 2010، وأخيرا إلى 50% سنة 2015.
وقدم المجلس حزمة من التوصيات لإنقاذ المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد وضمان ديمومتها، من أهمها التوجه نحو خلق قطب للقطاع العمومي لتيسير تأسيس نظام تقاعد متوازن دائم، وتوحيد قواعد احتساب المعاشات بالنسبة لجميع مكونات القطاع العمومي.
خدمات المطارات
أوضح المجلس الأعلى للحسابات في تقريره أن جودة الخدمات التي تقدمها مطارات المملكة لا تزال تشوبها بعض النقائص.
وسجل التقرير أن أهم هذه النقائص التي تعتري الخدمات المقدمة من طرف المطارات تتجلى في تردي حالة مواقف السيارات، وغياب الصيانة بها، ونظام للمراقبة بالكاميرات، كما هو الحال بالنسبة لمطارات فاس سايس (المحطة الأولى)، ومطار الناظور العروي.
وأوضح التقرير أن التصور المعماري لبعض المحطات الجوية لا يسمح باستقبال الأشخاص ذوي الحركية المحدودة في ظروف ملائمة، حيث تم تسجيل وجود مجموعة من العوائق أمام تنقل هذه الفئة من المسافرين.
اقرأ أيضا: تقرير دولي: أسوأ مطار بالعالم مغربي.. وثالث أحسنها "أتاتورك"
وقدم المجلس، في تقريره، مجموعة من التوصيات للمكتب الوطني للمطارات، من قبيل القيام بتشخيص استراتيجي يهدف إلى إعادة تحديد المهمة الرئيسية للمكتب الوطني للمطارات في تسيير البنيات التحتية للمطارات، للتكفل بمهمة تصور وإنجاز المشاريع المتعلقة بتشييد وتطوير المطارات طبقا لتوجهات المخططات المديرية المعتمدة، وتوفير الوعاء العقاري اللازم لإنجاز المشاريع المتعلقة بالمطارات المعتمدة في المخططات المديرية، ودراسة جدوى وقابلية إنجاز المشاريع المتعلقة بالمطارات.
السكن الاجتماعي
وبخصوص برنامج السكن الاجتماعي، كشف التقرير أن الأسر التي تدخل في إحصائيات العجز السكني لم تستفد منه إلا جزئيا، ولاسيما تلك التي تعيش في دور الصفيح والمساكن الآيلة للسقوط.
وأوضح التقرير أنه بخصوص المنتوج السكني المحددة قيمته في 140 ألف درهم، ومن بين 21,006 وحدة منجزة إلى متم سنة 2016، تم تخصيص 6020 وحدة فقط لبرنامج "مدن بدون صفيح"، و1,113 وحدة لبرنامج "المساكن الآيلة للسقوط"، أي ما يعادل، على التوالي، نسبتي 92 في المئة، و5 في المئة.
أما في ما يخص المنتوج المحددة قيمته في 250 ألف درهم، فإن مساهمته في البرنامجين المذكورين تبقى هزيلة، حيث لم تتجاوز في مجموعها الـ41% من الإنتاج الإجمالي حيث تم تخصيص 494 وحدة لصالح برنامج "مدن بدون صفيح".
وأبرز التقرير أنه إذا كانت الغاية من إحداث آليات إنتاج السكن الاجتماعي هو تشجيع إنتاج السكن من أجل ملاءمته مع طبيعة الحاجيات، فإنه كان من المفروض توجيه مجهودات الدولة حسب طبيعة وحجم الحاجيات الحقيقية، وبناء على المعطيات سيدفع أساسا إلى تشجيع إنتاج فئة السكن بقيمة 140 ألف درهم. لكن ما حصل هو تشجيع إنتاج فئة السكن بقيمة 250 ألف درهم، حيث بلغ نهاية سنة 2016، عدد الوحدات المنجزة فعليا أكثر من 283 ألف وحدة، علما بأنه تم إبرام اتفاقيات مع المنعشين العقاريين من أجل إنجاز ما يفوق المليون ونصف المليون وحدة.
وأكد المجلس الأعلى للحسابات أنه منذ ظهور مفهوم السكن الاجتماعي، عمدت السياسات الحكومية إلى تحديده كمنتوج يستفيد من امتيازات ضريبية، وذلك اعتمادا على قيمته العقارية أو سعر بيعه أو مساحته، كما أن الاعتماد بالأساس على الحوافز الضريبية كوسيلة لإنتاج السكن الاجتماعي، جعل منها آلية مندمجة، وأساسية في منظومة إنتاج هذا النوع من السكن بالنسبة لانتظارات المنعشين العقاريين، ما نتج عنه ارتباط إنتاج السكن الاجتماعي في مختلف قطاعاته، بالامتيازات الضريبية الممنوحة.
اقرأ أيضا: بعد الوزراء.. الأعلى للحسابات بالمغرب يحذر أعضاء البلديات