هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء ومختصون، أن احتلال مصر المركز الأخير في تقرير جودة التعليم العالمية للعام 2018، يمثل إنذارا خطيرا على تدني مستوى التعليم، سواء ما قبل الجامعي أو الجامعي، كما أنه يشير إلى فشل خطط الحكومة في تطوير التعليم الذي أصبح حقل تجارب لمختلف الحكومات.
وطبقا لتصريح صحفي للمتحدث باسم وزارة التعليم أحمد خيري، الجمعة، فقد احتلت مصر المركز 148 من بين 148 دولة شملهم التقييم الدولي، وفي نفس الإطار خرجت مصر من تصنيف "كواكواريلي سيموندس – كيو إس" الخاص بالجامعات الأولي على مستوي العالم لعام 2018، والذي صدر في حزيران/ يونيو الماضي.
واحتلت جامعة القاهرة المركز 481 من بين 751 جامعة عالمية، بعد أن احتلت المركز 551 في نفس التصنيف لعام 2017، بينما احتلت الجامعة الأمريكية بالقاهرة المركز 365 في نفس تصنيف 2017 لعام، وتراجعت في تصنيف 2018 لتحتل المركز 395، واشتركت جامعات عين شمس والأزهر والإسكندرية في المركز 701 مكرر، وفي الوقت الذي حافظت فيه جامعة عين شمس على ترتيبها بنفس التصنيف لعام 2018، تراجعت جامعة الإسكندرية للمركز 751، والأزهر لمركز 801 طبقا لتصنيف 2018.
من جانبه، أكد خبير المناهج والتربية عبد السلام محروس لـ"عربي21" أن تراجع مصر في معظم المؤشرات الخاصة بالتعليم سواء الجامعي أو ما قبل الجامعي، يعكس حالة التراجع والتدني التي تمر بها مختلف القطاعات الأخرى.
وأضاف محروس أن الحكومة قلصت موازنة التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في موازنات 2015 و2016 و2017 و2018 لأكثر من النصف طبقا لما حدده دستور 2014، والذي ألزم الحكومة بتخصيص 4 بالمائة من موازنة الدولة للتعليم قبل الجامعي و 2 بالمائة للتعليم الجامعي و 2 بالمائة للبحث العلمي، ما يعني أن موازنة التعليم بكل مشتملاته يجب ألا تقل عن 8 بالمائة من الموازنة العامة للدولة، بينما الواقع يشير أن الحكومة خصصت 116 مليار جنيه (6.5 مليار دولار) بدلا من 313 مليار جنيه (17.5 مليار دولار) مستحقة طبقا لنص المادة (19) من الدستور.
وأشار إلى أن "التصنيفات الدولية تعتمد في التعليم قبل الجامعي على عدة معايير أهمها الكثافة الطلابية داخل الفصول، ونسبة المعلمين، والحيز المتاح لكل طالب بالمدرسة، وأسلوب بناء المناهج، وتدريب المعلمين ومدى انعكاس ذلك على أدائهم، والأنشطة والمهارات".
وفي ما يتعلق بمعايير تقييم التعليم الجامعي، أكد محروس أنها "تعتمد على سمعة كل جامعة أو كلية في الأوساط العلمية والأكاديمية على مستوى العالم وعدد الطلاب، وعدد الأبحاث العلمية التي تنشرها كل جامعة واستشهاد العلماء بها من جامعات أخري، والاتصالات والروابط الدولية بين الجامعة والمؤسسات التعليمية الأخرى"، مشيرا إلى أن "خروج مصر من هذه التصنيفات العالمية، يعني أمرا واحدا وهو أن المنتج التعليمي المصري لا يرضي العالم ولا يرتقي لسوق العمل".
وتوقع خبير المناهج المصري أن النظام الجديد للتعليم والمقرر إطلاقه مع بداية العام الدراسي الجديد في أيلول/ سبتمبر المقبل، بإلغاء مناهج اللغات والاعتماد على المناهج العربية فقط، يمثل خطوة أخري في القضاء على ما تبقي من جسد التعليم المصري، خاصة وان هذا النظام يخالف الأنظمة التعليمية الدولية، كما أنه يؤدي في النهاية لخلق جيل ضعيف معزول عن التطور العلمي والتعليمي على مستوي العالم، مطالبا الحكومة المصرية بأن ترفع يدها عن التعليم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وأوضح خبير التخطيط التعليمي الدكتور عادل فهيم لـ"عربي21" أن "منظومة التعليم المصري تهتم بالشكل بعيدا عن المضمون، وأنه في حال استمرت على ما هي عليه فإنها سوف تكون مرفوضة عربيا ودوليا، في ظل تطبيق معايير جودة التعليم الدولية، والتي منحت المؤسسات التعليمية مهلة 20 عاما كمرحلة انتقالية لتطوير أنظمة جودة التعليم حتى يتم الاعتراف بها دوليا".
ولفت فهيم إلى أن "حالة التعليم مرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والحالة العامة للدولة، وفي ظل تراجع الحالة السياسية والاقتصادية التي تمر بها مصر، فإن التعليم والصحة هما الأكثر تأثرا بشكل سلبي بما يحدث، إضافة لنظم التعليم ذاتها والتي تقوم على الحفظ والتلقين والتزييف والتوجيه".
ونوه خبير التخطيط إلى أن "إصلاح منظومة التعليم ليس صعبا، وإنما يحتاج لرغبة سياسية حقيقية، وهو ما لن يحدث في ظل حرص النظام السياسي للانقلاب العسكري بأن يظل الشعب في دوامات الثانوية العامة، والجامعات الهشة، والدروس الخصوصية، ومحاولة الحصول على فرص عمل، وبالتالي ينشغل بأموره عن أمور الدولة والحكم وما تقوم به الحكومة من إجراءات اقتصادية وسياسية واجتماعية".
واختتم فهيم حديثه بلهجة ساخرة "ماذا ننتظر من منظومة تعليمية يتم فرض أغان على طوابير الصباح بها، لترسيخ مفاهيم سياسية محددة، ما يؤكد الخلل الذي أصاب منظومة القيم الأخلاقية والتعليمية بمصر".