هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت تعيينات الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، لشخصيات كانت مقربة من سلفه الراحل، علي عبدالله صالح، في مناصب حكومية مهمة، جدلا واسعا في أوساط عدة، لاسيما أن ارتباط أحد المعينين وهو "حافظ معياد" بهجمات على شباب ثورة 11 فبراير ـ اندلعت ضد صالح في العام 2011 – في بداياتها، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
كما طرحت تساؤلات حول توجهات هادي، وهل هي احتواء أم إعادة إنتاج، بناء على ضغوط مورست عليه من قبل أطراف إقليمية، وربما دول في التحالف الذي تقوده السعودية؟
وكان الرئيس هادي قد أصدر مساء الأربعاء، قرارين، بتعيين كل من، معياد، المدير السابق للمؤسسة الاقتصادية التابعة لوزارة الدفاع، الذي يوصف بأنه الصندوق المالي لصالح، مستشارا له، ورئيسا للجنة الاقتصادية في البلاد.
كما قضى القرار الثاني بتعيين، نبيل الفقيه، مدير شركة التبغ والكبريت "كمران"، (حكومية)، وزيرا للخدمة المدنية، خلفا لعبدالعزيز جباري، الذي استقال منها في وقت سابق من العام الجاري.
إرضاء للإمارات
وتعليقا على هذا الأمر، رأى نائب رئيس تحرير صحيفة وموقع "المصدر" (أسبوعية متوقفة) علي الفقيه، أن التعيينات الأخيرة لمسؤولين مقربين من عائلة صالح وضالعين في الفساد والقمع، قد تكون محاولة لإرضاء دولة الإمارات التي تعمل جاهدة لتمكين حلفائها (عائلة صالح) من مواقع مهمة في السلطة.
وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21" أن الهدف من وراء التعيينات، حتى يكونوا "البديل القادم وتكون بذلك قد أنهت ما نتج عن الربيع العربي.
وقال الفقيه إن هناك احتمالا أخر، يكمن في أن لوبيات الفساد النافذة داخل أجهزة الدولة والمدعومة إقليميا، تسعى بهذه التعيينات إلى استكمال حلقاتها للتحكم في مصدر السلطة وحركة المال داخل الدولة لتواصل مسلسل العبث ونهب المال العام والممتد لعقود.
وبحسب الصحفي اليمني ،فإن الوجوه التي تتحكم بالدولة في عهد هادي لم تكن بعيدة خلال فترة صالح، ولا تزال تشكل ممانعة قوية ضد أي محاولة لقوى جديدة للوصول إلى مواقع مهمة في الجهاز الحكومي.
تسوية غامضة
من جهته، قال الكاتب والناشط السياسي، معن دماج إن ما يجمع "معياد" و"الفقيه" انتمائهما الى نظام علي صالح ومقربين من عائلته، اضافة الى وجود علاقة نسب (مصاهرة) بين الأول مع عائلة صالح، حتى وإن تفرقت السبل مع الثاني المنشق الى (الثورة )و حزب العدالة والبناء ( تأسس بعد اندلاع ثورة 11 فبراير ضد نظام صالح وضم في عضويته قيادات انشقت عنه وحزب المؤتمر وانضمت للثورة).
وأتهم في منشور له عبر صفحته بموقع "فيسبوك" الخميس، حافظ معياد بتمويل وقيادة بعض العصابات البلطجية في أول أيام الثورة، إلا أن تعيينه لربما جاء باعتباره أحد المفاتيح الأساسية للشبكة الاقتصادية لنظام ودولة صالح ومسؤوليته عن أهم مؤسساتها.
وأشار إلى أنه بغض النظر عن مهاراته الإدارية، أي معياد، وعلاقة تلك المؤسسات بالتهريب وتجارة السلاح وتبيض الأموال، إلا أنه من المستحيل إدارتها دون العلاقة مع بقية الشبكات في الإقليم ودول الجزيرة والخليج والقرن الإفريقي ومراكز نفوذ ومخابرات هذه البلدان.
وأوضح دماج أن هذه التعيينات تأتي ضمن ما وصفها بـ"تسوية غامضة" بين الرئيس هادي ودولة الإمارات، التي تقتضي استيعاب عائلة ورجال صالح ضمن مؤسسات السلطة والنفوذ، بغض النظر عن هدف "أبوظبي" النهائي من كل ذلك.
وفي السياق ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الزرقة، إن التعيينات تكشف خللا في المنظومة السياسية وانعدام الخيال السياسي لدى صانع القرار، وهي مؤشر على علو كعب الثورة المضادة المدعومة من قبل التحالف بشكل عام والإمارات بشكل خاص.
وزاد على ذلك قائلا، إنها استمرار لمحاولة خلق مراكز قوى مرتبطة بأبوظبي في رأس هرم السلطة، وهو الأمر الذي سيؤدي بشكل أو بأخر لتأكل الشرعية من الداخل، وتكديس خصوم ثورة شباط/فبراير في مفاصل الشرعية.
ووصف الزرقة، التعيينات لمن تورطوا بارتكاب جرائم بحق اليمنيين في 2011 بأنها "جريمة مضاعفة وانتقام من فكرة الثورة".
وأشار إلى أن المشكلة التي يتم القفز عليها، هي "فشل الشرعية في استعادة الدولة وبناء مؤسساتها"، مؤكدا أنه لا معنى لأي تعيين في الوقت الراهن.
وأوضح الكاتب اليمني أن هناك قوى تدين بالولاء للخارج وتعمل على إعاقة أي فرصة لبناء الدولة. لكن المثير للاستغراب وفقا للزرقة أن كل تلك التصرفات تدار من قبل التحالف ( بقيادة الرياض) وهو ما يعني وجود أهداف وأجندات مشبوهة له، لخلق واقع مشوه على الأرض واظهار الشرعية بمظهر العاجز، وهي كذلك للأسف بسبب سوء الأداء وضعفه وتفشي الفساد والمحسوبية.
كما أن كل من تعينوا هم من الفاسدين وأدوات الفساد في النظام السابق، ولو كان فيهم خير أو كانوا على قدر من الكفاءة والنزاهة لما وصل اليمنيون إلى قناعة إزاحتهم في العام 2011. بحسب المتحدث
ذاته، في إشارة إلى ثورة شباط/فبراير، التي أجبرت صالح على التنحي من الحكم.
وحمل السياسي اليمني "الزرقة"، الرئيس هادي ومعه النخب والأحزاب السياسية، إضافة إلى التحالف الذي تقوده السعودية، المسؤولية فيما وصلت إليه البلاد بسبب سوء الإدارة، واستخدام الأدوات الفاسدة نفسها، التي لن ينتج عنها نتائج مغايرة وتلك حقيقة لا جدل فيها.
وبين الفينة والأخرى، تتجدد التحذيرات في أوساط سياسية ثورية وشعبية، خصوصا في مدينة تعز (جنوبا) ـ التي خرج شبابها في مظاهرات في وقت سابق من العام الجاري ـ من محاولات إعادة تدوير قيادات في نظام صالح، متورطة بسفك دماء شباب ثورة شباط/فبراير، مرورا بالتحالف مع جماعة الحوثي، وما أسفر عن ذلك من إزهاق أرواح اليمنيين في مناطق عدة من البلاد.