هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء اقتصاديون أن استمرار الحكومة في رفع أسعار السلع والخدمات الرئيسة والتي كان آخرها الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي والتجاري بنسبة 75%، يزيد أعباء المواطن المصري سواء متوسط الدخل أو محدوده، مؤكدين أنه في الوقت الذي لم تترك فيه الحكومة خدمة لهذه الطبقة إلا ورفعت أسعارها، فإنها تغض الطرف عن سلع وخدمات أخري تخص طبقة الأغنياء فقط، والتي تدخل تحت بند السلع الاستفزازية أو الترفيهية.
واستدل الاقتصاديون
بتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن الفترة من تشرين الأول/ أكتوبر
2017 وحتى نيسان/ إبريل 2018 باستيراد 12 سلعة "استفزازية" بقيمة تجاوزت
نصف مليار دولار، وفرضت عليها قيمة الجمارك المقررة عام 2013، وتنوعت السلع بين:
"لروبيان جمبري" بنحو 40 مليون دولار، ومكسرات، وشوكولا، وكافيار
وكابوريا بقيمة تجاوزت 120 مليون دولار، و"مرقة دجاج" بقيمة 250 ألف
دولار، وآيس كريم وسحلب وكريم شانتيه بقيمة 4 ملايين دولار، وزيوت عطرية بقيمة
120مليون دولار، بالإضافة لمستحضرات تجميل وشامبو وصبغات بقيمة 65 مليون دولار،
وعطور ومزيلات روائح بقيمة 18 مليون دولار، وغيرها من السلع الأخري.
من جانبه يؤكد استاذ
الاقتصاد بجامعة الأزهر أيمن النجار لـ "عربي21" أن الحكومة تتعامل مع
السلع الترفيهية بحذر شديد رغم أنها تلتهم العملة الصعبة بشكل واضح ولا تمثل عائدا
حقيقيا للموازنة العامة، مشيرا إلي أن حجم استيراد هذه السلع في عام 2016 بلغ 10
مليارات دولار، وفي عام 2017 قفز الرقم لـ 13 مليار دولار، بما يعادل 25% من قيمة
الواردات المصرية، ومعظمها حصل على إعفاءات جمركيا تطبيقا لقاعدة الاستخدام الشخصي
أو العائلي.
ويوضح النجار أن الحكومة
تبرر عدم فرض جمارك علي هذه السلع لأنها تخضع لاتفاقية التجارة الحرة
"الجات" التي وقعت عليها مصر عام 2004، مشيرا إلى أن قائمة السلع
الاستفزازية تضم أطعمة الكلاب والقطط والجلود المستوردة والسجائر الأجنبية والخمور
المستوردة، والسيارات الفارهة وسيارات السباق والمياه المعدنية المستوردة والملابس
الجاهزة واليخوت ودراجات السباق، والملابس الداخلية للنساء، والبيض المستورد وبيض
النعام، وغيرها من السلع التي لها بدائل موجودة محليا ولكن لأنها تخدم فئات معينة
يتم منحها سماح جمركي.
ويضيف النجار أن كثيرا من
هذه السلع يتم التجارة فيه من خلال مؤسسات رسمية، مثل أكل القطط والكلاب والذي
تقترب ميزانيته من نصف مليار دولار سنويا، ويتم استيراده بحجة أنه خاص بكلاب
الشرطة، ولكن يتم بيعه لمزارع الكلاب التي بدأت تنتشر بشكل كبير، وتحقق عائدا
مجزيا لأصحابها حيث يتراوح سعر الكلب بين 6 آلاف جنيه إلي 18 آلف جنيه (300 إلي
100 دولار).
ويؤكد استاذ الاقتصاد أن
الفئة المستخدمة لهذه السلع أغلبها من الطبقات الغنية التي تستطيع أن تشتري هذه
الرفاهية بأي سعر، ولكنها في نفس الوقت فئات نافذة بالدولة سواء المستوردين أو
المستهلكين وهو ما يدفع الحكومة لتجنب الصدام معهم باعتبارهم أصحاب الصوت العالي.
من جانبه يرفض الخبير
الاقتصادي سمير أبو الخير فرض أية قيود على السلع المستوردة سواء كانت سلعا عامة
أو خاصة، مؤكدا لـ "عربي21" أن فرض قيود على استيراد سلع محددة يؤدي
لانتشار السوق السوداء وهو ما يمثل خطرا على الاقتصاد، مؤكدا أن الحل في زيادة
الجمارك عليها بما يؤدي لتقليل استيرادها وبالتالي من يريد شراءها عليه أن يدفع
الثمن، وهو ما يساعد على توفير العملة الأجنبية وعدم إنفاقها بشكل استفزازي.
ويري أبو الخير أن رئيس
الانقلاب عبد الفتاح السيسي عندما أصدر قراراه برفع الجمارك على 364 سلعة ترفيهية،
بنسبة من 10 إلي 60 % أعطي سماحا لمن يقوم باستيراد هذه السلع للاستخدام الشخصي أو
العائلي، وهو الباب الذي تدخل منه هذه السلع، ولذلك كانت نسبة الجمارك 128 مليون
دولار خلال عام 2015/2016 على إجمالي واردات بلغت 10 مليارات دولار.
ويضيف أبو الخير
أن الحكومة لديها حل ولكنها تخاف من الاقتراب منه وهو الضريبة التصاعدية سواء على
الدخل أو المنشأت، وهذه الضريبة في حال تنفيذها توفر عائدا حقيقيا شبه محايد، لأن
الأغنياء سوف يدفعون ضريبتهم وفقا لتصاعد دخلهم، وكذلك الفقراء ومحدودي الدخل،
ولكن ما يحدث الآن هو فرض ضرائب بنسبة واحدة وفي النهاية يتحملها المواطن باعتباره
الأضعف.
ويستدل أبو الخير بحصيلة
ضريبة الدخل لمن يزيد دخله عن مليون جنيه، التي عرفت بضريبة الأغنياء والتي بلغت 4
مليار جنيه خلال عام 2014/2015، ثم قامت الحكومة بإلغاءها دون مبرر واضح، موضحا أن
هناك ضرائب مستحقة لدي مكتب كبار الممولين تتجاوز 180 مليار جنيه سنويا منها 40
مليار جنيه مستحقة علي شركات وهيئات حكومية، ورغم ذلك لا تلتفت إليها الحكومة
لأنها يمكن ان تتصادم مع كبار رجال الأعمال.