هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت دعوى قضائية مصرية تطالب بضم واحة "الجغبوب" الليبية إلى الأراضي المصرية جدلا واسعا وردود فعل غاضبة من قبل الشارع الليبي والذي اعتبرها سرقة للتاريخ والأرض.
وأجلت دائرة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري المصري الدعوى التي تقدم بها المحامي، علي أيوب للمطالبة بضم واحة "جغبوب" الليبية إلى الأراضي المصرية، إلى 20 سبتمبر المقبل للبت فيها، وسط حملة إعلامية مصرية تطالب الحكومة بالإسراع في ذلك.
"تطور خطير"
وفي ليبيا، طالب عضو المجلس الرئاسي الليبي، محمد عماري، في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، المجتمع الدولي بإيقاف ما أسماه "عبث مصر بأراضي ليبيا عبر رفع دعاوي بحجة تبعية تلك الأراضي لها، متهما أطرافا ليبية بالتورط مع النظام المصري للترويج لذلك، واستخدام الأخيرة لأدوات إعلامها، ومحاكم "مسيسة"".
ووصف عماري ما حدث بأنه "تطور "خطير" يستلزم من الإعلام الليبي التنبيه لمخاطره، وفضح الموالين والتابعين للسلطات المصرية، وحشد الرأي العام ضده".
"تخوف ورفض"
وقال وزير الداخلية في الحكومة الليبية المؤقتة، غير المعترف بها دوليا، إبراهيم بوشناف، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "الجغبوب ليبية ولم تكن أبدا تابعة للدولة المصرية".
وساد الشارع الليبي حالة تخوف من أن يحكم القضاء المصري الذي ينظر في هذه القضية منذ كانون الأول/ديسمبر 2017، لصالح استرداد الواحة لمصر، وهو ما قوبل برفض شعبي واسع.
ولم يصدر حتى الآن رد فعل رسمي من قبل حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، ولا من اللواء الليبي، خليفة حفتر والتي تقع الواحة تحت سيطرته، وسط تساؤلات عن دلالة هذا الصمت ومصير الواحة وردود الفعل حال حكم القضاء المصري لصالح بلاده.
"حفتر" أكبر خاسر
من جهته، أكد الضابط برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العميد الطاهر الغرابلي أن "هذه التحركات ليست بجديدة على النظام المصري الحالي، فقد سبق وأن طالب بعض مؤيديه بضم "بنغازي" إليهم، أما "الجغبوب" فلها أهمية قصوى عند الليبيين سياسيا واقتصاديا، فهي مصدر مياه هام ومسقط رأس الملك السنوسي".
وقال في تصريحات لـ"عربي21"، إن "الخاسر الأكبر في هذه القضية هو حفتر، لأن الأمر سيضعه في حرج ويظهره في دور الخائن والبائع لأرضه، وكان يجب أن يكون له رد قوي على الأمر، لكن لا أتوقع رده ولا رد عقيلة صالح كون مصالحهم لا تزال مع مصر".
وبخصوص ردود الفعل الدولية المتوقعة أضاف الغرابلي: "لا أتوقع أي ردود فعل دولية الآن لكن ربما تحدث حال حكمت المحكمة لصالح مصر، خاصة في ظل القضاء المصري الحالي، ويبقى السؤال عن موقف الجيش المصري حال صدر الحكم لصالح مصر.. ماذا سيفعل؟".
"تشويه دور مصر"
وأكد المدون من الشرق الليبي، فرج فركاش أن "موضوع واحة "الجغبوب" محسوم منذ 1926 باتفاق بين الحكومتين المصرية والإيطالية في موضوع ترسيم الحدود، لكن إثارته الآن ربما تدخل في إطار الإثارة والشهرة لمن رفع الدعوى".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "استخدام الأمر الآن من قبل بعض الأطراف يأتي في إطار التشويش على أي جهود وأدوار إيجابية ستبذلها مصر في الأيام القادمة نحو حل النزاع السياسي في ليبيا، خاصة بعد لقاء السيسي مع نائب الرئيس الإيطالي الأخير، والذي أكد فيه السيسي على توحيد المؤسسات الليبية".
وقال الإعلامي الليبي، أيمن خنفر إن "صدور حكم من المحكمة الإدارية المصرية لا يمنحها الصلاحية لتغيير الحدود إلا بمباركة دولية، وفي حالة حدث هذا فأعتقد أن كل القوى العسكرية الليبية سوف تتوحد من أجل هذه القضية".
وفي تعليقه على صمت حفتر حتى الآن، قال لـ"عربي21": "الصمت سواء من "المشير" حفتر أو البرلمان أو حتى حكومة الوفاق بالغرب الليبي، يرجع لوجود مصلحة مع النظام المصري كون القاهرة لا تزال لاعبا رئيسيا وهاما في القضية الليبية، وأن المطبخ السياسي الليبي موجود في مصر".
"عمل مخابراتي"
ورئيس حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبدالله الرفادي رأى من جانبه؛ أن "الصمت الرسمي مرجعه عدم وجود دور حتى الآن لحكومة السيسي في الدعوى لكنها من محام "مغمور" وربما "مأجور"، لذا حتى الساسة لا يعيرون الموضوع أهمية لأنه لا أساس له، وهو في أحسن الأحوال عمل "مخابراتي" خسيس".
وأوضح تصريحه لـ"عربي21" أنه "بالنسبة لموقف "حفتر" فهو يرى كما صرح من قبل أن الرأي والقرار المصري يلزمه حتى وإن كان ضد مصلحة ليبيا، أما "السراج" فهو "مسكين" وهذه حدود إمكانياته ولا يوجد مستشارون أكفاء حوله يلفتون نظره إلى مثل هذه الأمور".
"زوبعة"
وقال الصحفي الليبي من طرابلس، محمد علي إن "هذه المساعي لن تتوج بشيء، فمحاولة إعادة ترسيم الحدود ليست بالقرار الأحادي لمصر، وحتى إن حاول النظام المصري استغلال الوضع السياسي والأمني الهش الذي تعانيه ليبيا بالتأكيد لن يفلح"، حسب رأيه.
وأضاف لـ"عربي21": "ولايمكن اعتبار هذه "الزوبعة" القانونية التي تدور في فلكها بعض وسائل الإعلام المصرية هذه الفترة عبر التسويق للأمر، إلا أنها قفزة في الهواء، فنحن لسنا في القرون الوسطى حتى تدار الأمور هكذا، هناك قوانين دولية وضوابط وأحكام وحدود معتمدة لا يمكن تغييرها بـ "شطحة" محامي".