أغلق
البرلمان المصري باب التعديلات على قوانين تنظيم
الصحافة والإعلام بعد أن وافق عليها في جلسته، الاثنين، متجاهلا كل ملاحظات نقابة الصحفيين
ومجلس الدولة على مشروع القانون، ووصف أعضاء بمجلس النقابة التعديلات التي أجرتها لجنة
الإعلام بالبرلمان "بالصورية"، و"التحايلية".
ومن أبرز تلك الانتقادات المواد 4، 5، 19 المتعلقة
بالصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في منع تداول وسحب تراخيص وحجب مواقع
عامة وشخصية، والبند 23 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي منحها الحق
في إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية، ما ينذر بخصخصة المؤسسات الصحفية القومية
وتشريد صحفييها.
وظلت المادة 29 الخاصة بالحبس الاحتياطي، بالرغم من
حذف كلمة "الاحتياطي"، إلا أنها تركت نص المادة بشكل مطاط، ويحتمل التأويل
من جهات التحقيق، بالإضافة إلى المادة 12 والتي تلزم الصحفي بـالحصول على التصاريح
اللازمة قبل حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات واللقاءات في الأماكن غير المحظور
تصويرها.
"تعديلات صورية"
وقلل رئيس المركز العربي للإعلام، قطب العربي، من التعديلات
التي أجراها البرلمان، قائلا: "لقد أقر البرلمان المشروع تقريبا بنفس الصيغة السابقة مع تعديلات طفيفة
في بعض المواد لا تؤثر في جوهر المواد المطلوب تعديلها".
وأضاف لـ"
عربي21": أن "القانون أعاد
فكرة الحبس على الرغم من حذف كلمة (الاحتياطي) ولكنه جاء بنص المادة الدستورية رقم
71، وهي كانت مادة مجملة وبحاجة إلى تفصيل في القانون، وأعادت السلطة التقديرية للنيابة
العامة في تقرير مسألة الحبس من عدمه، وبالتالي أصبحت هذه سلطة النيابة وجميعنا يعرف
أن توجهات النيابة، وأنها أداة في يد النظام، ودائما تصدر قرارات بالحبس في مثل هذه
القضايا".
وأكد أن "هذه القوانين الجديدة أعطت غطاء قانونيا
وتشريعيا للإجراءات
القمعية المتعلقة بإغلاق الصحف وحجب المواقع، ونقلت هذه السلطة
من الجهات الأمنية إلى المجلس الأعلى للإعلام بحجبها أو منعها أو إغلاقها، ونحن لدينا
500 موقع مغلق ومحجوب ومن المتوقع زيادتهم وفق القانون الجديد".
"مسرحية هزلية"
ووصف الصحفي ياسر الحشاش، القوانين الجديدة "بالجريمة
مكتملة الأركان"، قائلا: "إن ما قام به رئيس لجنة للثقافة والاعلام بالبرلمان،
أسامة هيكل، من طلب المداولة على بعض المواد مسرحية هزلية ? تنطلي علينا إنها مؤامرة
قذرة دبرت بليل تهدف ضرب استقلال الصحافة وا?علام في مقتل، وتقييد حرية الرأي والتعبير
والدليل على ذلك أن البرلمان تجاهل معظم ملاحظات النقابة ومجلس الدولة على مشروع القانون،
والذي أكد أن بها عوار دستوري".
وأضاف لـ"
عربي21": أن "مجلس نقابة الصحفيين
وصف تلك التعديلات بأنها "تحايلية" وأبقت على جوهر المواد المقيدة لحرية
الصحافة، وأهمها المادة 29 والخاصة بالحبس
الاحتياطي فقد تركت نص المادة بشكل مطاط يحتمل التأويل من جهات التحقيق".
وتابع: "وليعلم القاصي والداني أن هذه المعركة
ليست معركة الصحفيين وحدهم إنما هي معركة كل مؤسسات المجتمع المدني؛ للحفاظ على آخر
حصن يتمثل في ضمير المجتمع، والمصباح الوحيد الذي يبدد ظلام التعتيم والتضليل ويكشف
الحقائق"، محملا "نقيب الصحفيين وبعض أعضاء المجلس وهم أغلبيته جزءا من المسؤولية
للتواطؤ على عدم استخدام كل الوسائل المتاحة لمعارضة هذا القانون المشبوه".
"تمثل النظام"
وقال رئيس مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، لـ"عربي21":
إن "البرلمان المصري أصبح يعبر عن رغبة النظام أكثر مما يعبر عن طموحات أو آمال
الشعب؛ فأصدر ووافق على حزمة من القوانين تعد هي الأسوأ في تاريخه...بداية من قانون
التظاهر ومرورا بالكيانات الإرهابية وقانون حماية المنشأت....حتي وصل به الحال لإصدار
قانون يسمح لرأس النظام بعزل رؤساء الهيئات الرقابية".
وفيما يتعلق بالطرق القانونية التي يمكن أن تسلكها
الجماعة الصحفية، أعرب عن اعتقاده "أن الجماعة الصحفية لن تستطيع إلغاء القانون
إلا إذا تبنت خطة تكوين لوبي ضاغط على النظام، ويمثل إحراجا دوليا له، وفي هذه الحالة
سيلجأ النظام للمحكمة الدستورية عبر أي من رجاله للحكم بعدم الدستورية".
"قوانين تمثل النظام"
ورأى السياسي المصري، طارق مرسي، أن قوانين تنظيم الصحافة
والإعلام لا تمثل إلا النظام، وليس الصحفيين، قائلا: "من البديهيات أن مجلس نواب
الانقلاب لا يمثل الشعب المصري بالأساس، ولا يمثل بالتالي أي فئة من فئاته، لكنه يمثل
الانقلاب أولاً ومن ثم الجهات الأمنية التي شارفت على إنتاجه واختيار أعضائه؛ لذا فمن
الطبيعي جداً أن تكون كل مخرجاته سابقة التجهيز بما يوافق هوى سلطة الانقلاب".
مضيفا لـ"
عربي21": "أعتقد أن الانقلاب
بهذه القوانين كأنه يخرج لسانه للجماعة الصحفية، ولعله يلطم البعض ممن صمتوا على اعتقالات
طالت زملاء لهم، ورصاصات اغتالت صحفيين تجاوزها البعض بدعوى الخلاف السياسي، أو ربما
طمعاً في عطايا الانقلاب نفسه".
وأعرب عن اعتقاده أنه "لا خيارات تذكر للجماعة
الصحفية خاصة، وأن النظام تعامل معهم بالعصا والجزرة، وكثير من هؤلاء أكل جزرة النظام
ومن ثم لا يستطيع أن يواجه عصاه"، مستدركا بالقول "وإن كان من نصيحة فعلى
الجماعة الصحفية أن تعلن بمنتهى الحسم رفض الاستبداد كله ومواجهة عصاه الغليظة إن هي
أرادت أن تستعيد كبرياءها".