هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتشرت ظاهرة خطيرة بين الأطفال السوريين في مناطق النظام لا سيما في العاصمة دمشق، هي عبارة عن إدمان على شم مواد كيميائية بظل غياب أي جهود لوضع حد لها، ولمعالجة الأطفال المدمنين.
واعترفت صحيفة موالية للنظام السوري بالظاهرة، وأوردت جريدة "الأيام" قصصا عن أطفال لجأوا إلى "شم الشعلة" وأدمنوا عليها، إثر معاناتهم من فقدان الحماية الاجتماعية وتشتت عائلاتهم بفعل الحرب الأهلية.
و"شم الشعلة" عبارة عن مادة كيميائية سامة هي الغراء ذاته الذي يستخدم لأغراض اللصق، وبحسب أستاذ علم الاجتماع أحمد العمر المختص بالقضايا الاجتماعية والمخدرات، فإن إدمان الغراء "سلوك شديد الخطورة يتمثل في الرغبة الشديدة في شم الغراء إلى حد الإدمان، ويؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمدمن".
وأوضح لـ"عربي21" أن المدمنين من الأطفال السوريين في العاصمة، يحوزون عبوات بلاستيكية يضعون بداخلها مادة "الشعلة" (أو الغراء)، وبشكل مكثف، ويقومون بشمها باستخدام كيس.
وأشار إلى أن "شم الشعلة" يعد بديلا عن تعاطي الحبوب والمهدئات الصعبية، لا سيما أن سعر مادتها ليس مرتفعا، داعيا إلى تنظيم بيعها، وعدم إعطاء هذه المادة إلى الأطفال، وإلى ضرورة معالجة المدمنين عليها.
اقرأ أيضا: بالأرقام.. خريطة الإدمان في مدارس مصر (إنفوجرافيك )
ولكن نشطاء أكدوا لـ"عربي21" تجاهل النظام السوري الذي يسيطر على العاصمة لظاهرة إدمان الأطفال على الغراء، مشيرين إلى أن الجهات المكلفة بإدارة المدن التي يسيطر عليها النظام لا تبذل أي جهود لمكافحة الأمر.
والتقت "عربي21" مع طفل من دمشق اعترف بأنه يهرب عبوات إلى أطفال آخرين، ويبيعها لهم، ليتعاطوها بعيدا عن أعين أوليائهم.
الطفل عماد (11 عاما)، قال إن "شم الشعلة منتشر في الشوارع والحدائق، وإن المار يلاحظ الأطفال وهم يمسكون عبوات بلاستيكية ويقومون بشمها علنا دون أي تعليق من البالغين".
واعترفت كذلك الجريدة المؤيدة للنظام بأن الأطفال المدمنين يُهرّبون عبوات الشعلة إلى داخل مركز الإيواء التابع لجمعية حقوق الطفل في منطقة قدسيا.
وأشار الطفل عماد إلى أنه شهد العديد من أطفال حيّه المدمنين على الغراء وهم يتنفسون المادة في الشوارع أمام الشرطة والقوات الأمنية دون أي رد فعل، حتى إن أحد أقرانه وقع على الأرض أمام أنظارهم وهم يتفرجون.
وقال إن الأمر تحول إلى تجارة بالنسبة للأطفال، وأوضح أنه هو ذاته يجني منها المال، حيث إنه يبيعها لأطفال آخرين. وعند سؤاله حول معرفته وأصدقائه بمضار استنشاق هذه المواد، فقد أشار إلى غياب الإشراف، في ظل تشتت عائلات كاملة بسبب الحرب.
اقرأ أيضا: رذاذ في الأنف يعالج الإدمان بدلا من حبوب الدواء.. دراسة
بدوره، قال الناشط محمد أبو الطيب لـ"عربي21" إن من سماهم "تجار الحروب"، يستغلون الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة للأطفال، ويقومون بترويج المادة وبيعها.
وأضاف أن المراكز المعنية بحقوق الأطفال ورعايتهم لا تتوفر على كوادر طبية متخصصة.
في المقابل، صرحت وزارة الداخلية التابعة للنظام لصحيفة الأيام، بأنها لا تعتبر أن الأمر وصل لكونه ظاهرة.
وقالت إنها لا تستطيع جمع الأطفال المدمنين ولا حتى محاسبة المحال التي تبيعهم المواد السامة أو إغلاقها، إلا أن الطيب قال إن محالّ تجارية تتاجر بصحة الأطفال.
وبررت الوزارة موقفها بالقول إن المادة مشرعة قانونا، ولا يوجد رادع يمنع المحالّ من بيعها حتى من الناحية "الأخلاقية"، وفق قولها.
من جهته، حذر الطبيب عماد ياسر في حديثه لـ"عربي21" من أضرار إدمان هذه المادة، وتأثيرها على صحة الأطفال، وقال إنها قد تؤثر على الجهاز العصبي، وقد تدمر خلايا دماغية لديهم.
ونبه من خطورة المادة على جلد الأطفال، إذ إنها قد تسبب التهابات خطيرة في الجلد، والجهاز التنفسي.
وقال إنه تجب توعية الأهالي بشكل أكبر، إذ إن عليهم أولا مراقبة أولادهم، وملاحظة وجود أي علامات للخمول المستمر، وعدم التركيز، أو وجود أي طفح جلدي حول الفم.