هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت مجلة "بوليتكو"، في تقرير أعدته ليلي باير، عن أن الشركة الأمنية الإسرائيلية "بلاك كيوب" قامت بحملة تجسس لتشويه صورة المنظمات غير الحكومية في هنغاريا قبل الانتخابات في نيسان/ أبريل.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن الشركة، قولها إنها تجسست على منظمات غير حكومية، وأفراد مرتبطين برجل الأعمال الأمريكي الهنغاري جورج سوروس، من خلال استخدام هويات مزيفة.
وتقول باير إنه تم تسجيل المكالمات بطريقة سرية، مشيرة إلى أن التسجيلات بدأت تظهر في صحيفة "جيروزاليم بوست" والصحيفة الحكومية في هنغاريا "ماغيار إيدوك"، وقبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الهنغارية، التي استخدمها رئيس الوزراء فيكتور أوربان لمهاجمة منظمات المجتمع المدني المستقلة، وفاز فيها حزب أوربان "فيداس".
وتشير المجلة إلى أن شركة "بلاك كيوب" مقرها في تل أبيب، وتورطت في فضائح في الولايات المتحدة وأوروبا، مستدركة بأن الحملة الهنغارية تمثل أول عملية للشركة التي قامت بها قبل الانتخابات.
وينقل التقرير عن متحدث باسم الشركة، قوله للمجلة: "من سياسة (بلاك كيوب) عدم مناقشة الأمور المتعلقة بزبائنها مع أي طرف ثالث، وألا تؤكد أو تنفي تكهنات لها علاقة بعمل الشركة"، وأضاف: "من المهم الملاحظة أن الشركة تعمل بناء على القانون في أي مكان تعمل فيه، وتعتمد على نصيحة الشركات القانونية العالمية المهمة".
وتورد الكاتبة نقلا عن شخصين مطلعين، قولهما إنهما لا يعرفان من دفع كلفة العملية، وعما إذا كانت الحكومة الهنغارية أدت دورا فيها، فيما لم يرد متحدث باسم الحكومة الهنغارية للتعليق، مشيرة إلى أن الأشخاص الذين قابلوا مسؤولين في المنظمات غير الحكومية وسجلوا كلامهم، استخدموا أسماء أوروبية وعربية وهمية، إلا أن اثنين منهما تحدثا بلهجة إسرائيلية واضحة.
وبحسب المجلة، فإن شخصا مطلعا على عمل "بلاك كيوب" أكد أن واحدا من الأفراد الذين سجلوا هدفا في العملية هو موظف في الشركة الإسرائيلية، لافتة إلى أنه قابل في العملية الهنغارية الأشخاص الذين انتحلوا أسماء مزيفة الأهداف في فنادق ومطاعم راقية في بودابست وفيينا وأمستردام ولندن ونيويورك، وقدموا أنفسهم على أنهم ممثلون لشركات وهمية.
ويلفت التقرير إلى أنه تم حذف الحسابات على "لينكد إن" والمواقع على الإنترنت، التي قدمت للأهداف بعد اللقاءات القصيرة، مشيرا إلى أنه تم فصل معظم الأرقام الهاتفية التي أعطيت للأشخاص بعد أسابيع من المقابلات.
وتذكر باير أنه في حالتين، اتصلت امرأة اسمها آنا باور مع مسؤولي منظمة غير حكومية، وفي إحدى المرات قدمت المرأة نفسها على أنها تعمل في شركة اسمها "تورو كابيتال"، لافتة إلى أن المرأة والشركة كانتا عبارة عن واجهة أنشأتها "بلاك كيوب" في الماضي لمشاريع أخرى، وقال موظف سابق إنه لا شيء جديد في استخدام الشركة معلومات سابقة.
وتفيد المجلة بأن اثنين زعما أنهما يمثلان شركة اسمها "أوريون فينشر كابيتال"، التي قدمت غطاء لأحد أهداف العملية، وهو مدير المنظمة غير الحكومية في برلين "اتحاد الحريات المدنية لأوروبا" بلاز دينيس، وقدمت له بطاقات شخصية تحمل عنوان "46 واريك ستريت، لندن"، منوهة إلى أنه بعد نشر تسجيل دينيس، فإنه تم حذف كل المعلومات عن الشركة، والموقع على الإنترنت، وحضورها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وينوه التقرير إلى أن "بلاك كيوب" استخدمت عنوان "واريك ستريت" عندما أنشأت شركات وهمية لعمليات أخرى، بحسب السجلات التي اطلعت عليها "بوليتكو"، كما استخدمت "بلاك كيوك"، "واريك ستريت" في عنوان بريد إلكتروني من أجل استهداف ممثلة اتهمت المنتج في هوليوود هارفي وينستاين باغتصابها، لافتا إلى أن المنتج استخدم "بلاك كيوب" من أجل جمع معلومات عن الممثلة، وكذلك الصحافي الذي يقوم بالتحقيق.
وتبين الكاتبة أن الشركة الإسرائيلية اعتذرت عن العملية، كما ورد في صحيفة "نيويورك تايمز"، وكجزء من العملية قامت موظفة في الشركة بالاتصال مع الممثلة روز ماغوان، وزعمت أنها تعمل مع شركة اسمها "روبن كابيتال بارتنرز" ومقرها "48 واريك ستريت" في لندن، وذلك بحسب رسالة إلكترونية من الموظفة في "بلاك كيوب"، التي قدمتها ماغوان لمجلة "بوليتكو".
وتورد المجلة أن مجلة "نيويوركر" ذكرت أن موظفين في الشركة استخدموا أسماء وهمية، وتظاهروا بالعمل في شركات مزيفة، وقاموا بإرسال رسائل إلكترونية لعائلات مسؤولين في إدارة باراك أوباما، الذين كانت لهم علاقة بالمفاوضات مع إيران، وذلك كجزء من الجهود لجمع معلومات عن المسؤولين، لافتة إلى أن "بلاك كيوب" نفت المعلومات بأنها لاحقت مسؤولين في إدارة أوباما.
ويكشف التقرير عن أنه في أيار/ مايو 2017، وصل لريبيكا كال، زوجة المسؤول السابق في إدارة أوباما كولين كال، رسالة إلكترونية من امرأة تطلق على نفسها اسم أدريانا كافاريلو، التي قدمت نفسها على أنها موظفة في شركة "روبن كابيتال بارتنرز"، وعنوانها في "48 واريك ستريت" في لندن، مشيرا إلى أن المكان يعود إلى مكتب تأجير تديره شركة "ريغوس"، التي توفر مكاتب تأجير لأوقات قصيرة، حيث تستخدم "بلاك كيوب" مكاتب "ريغوس" عندما تريد تقديم عناوين مزيفة.
وتنقل باير عن الموظف السابق، قوله إن الشركة لا تستأجر مكاتب من "ريغوس"، لكنها تستخدم عناوينها عندما ترسل رسائل إلكترونية، فيما أكدت "ريغوس" أنها لا تدير شركة باسم "أوريون فينشر كابيتال"، منوهة إلى أنه تم حذف رقم هاتف لزعيم منظمة غير حكومية.
وتقول المجلة إنه في أثناء الحملة الانتخابية الهنغارية تم التزويد بأهداف في منظمات غير حكومية تابعة لمكاتب "ريغوس" في مدريد والبحرين وباريس وبرلين، مشيرة إلى أنه علاوة على هذا فإنه تم اعتقال أشخاص يعملون للشركة في رومانيا عام 2016؛ بتهمة التجسس على رئيس هيئة مكافحة الفساد، فيما اعترفت "بلاك كيوب" باعتقال اثنين من موظفيها، واعترفا بالذنب، وحكم عليهما بالسجن مع وقف التنفيذ، وخدمة اجتماعية إجبارية، فيما هرب موظف ثالث من رومانيا.
وينقل التقرير عن موظف سابق، قوله إن محللا هنغاريا يعمل بشكل دائم في مقر الشركة في تل أبيب، ويعمل فيها محللون وناشطون شباب عملوا سابقا في المخابرات الإسرائيلية، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تصور فيه الشركة بأنها مرتبطة بالموساد، إلا أن معظم موظفيها هم جنود سابقون خدموا في المخابرات العسكرية، حيث تم نشر مقتطفات مختصرة من التسجيلات بين العميل والهدف في الصحف الهنغارية قبل فترة من الانتخابات.
وتورد الكاتبة نقلا عن المتحدث باسم الحكومة الهنغارية زلطان كوفاكس، قوله في مدونته: "بحسب بيانات تم الكشف عنها على يد المسؤول المالي السابق لمؤسسة (سوروس) تراسي أهيرن، فإن الملياردير يملك شبه جيش من المرتزقة، عدده ألفا شخص، مهمته تحقيق ثلاثة أهداف: الإطاحة برئيس الوزراء فيكتورأوربان، وتفكيك السياج الحدودي، وتشجيع الهجرة إلى هنغاريا".
وتنقل المجلة عن "أوبن سوسيتي فاونديشن"، قولها في بيان بعد التسريب، إن أهيرن لم يقل أن هناك ألفي موظف للمؤسسة في هنغاريا، بل كان يتحدث عن عدد موظفي المؤسسة حول العالم.
وبحسب التقرير، فإن أوربان استخدم التسجيلات أثناء الحملة الانتخابية، حيث حذر من التهديدات التي تواجهها هنغاريا في الداخل والخارج، وحاول تشويه سمعة نقاده، قائلا: "سيتم تنصيب رجال سوروس في الحكومة، وهذا ما تقوله لنا تسريبات سوروس"، وقال: "لو أثر رجال سوروس على الحكومة فإنهم سيسيطرون على قطاع الطاقة والمصارف، وسيدفع الهنغاريون الثمن".
وتفيد باير بأن بعض المنظمات غير الحكومية، التي تم استهدافها في الحملة، كانت ممولة من سوروس، أما منظمة "إغاثة الهجرة" فلم تكن لها علاقة مع سوروس، ومن بينها لجنة هنغاريا هلنسكي، التي كانت منظمة عمل مدني مستقلة عادة ما تنتقدها الحكومة.
وتختم "بوليتكو" تقريرها بالإشارة إلى أن البرلمان أصدر بعد الفوز في الانتخابات تشريعا يؤثر على المنظمات التي تم استهدافها، ويعرض موظفيها للسجن؛ بتهمة مساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء.