نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن نتائج
دراسة علمية حديثة، أكدت أن العديد من
الكتب التاريخية يمكن أن تشكل خطرا على صحة القارئ لأن أوراقها وأغلفتها يمكن أن تحتوي على مواد سامة.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن كتاب "أرسطو" المميت لعب دورا مفصليا في رواية "اسم الوردة" للكاتب أومبيرتو إكو. ففي هذه الرواية، عمد الراهب "بنديكتين المجنون" إلى تسميم كتاب أرسطو، مما تسبب في قتل جميع القراء الذين تصفحوا الكتاب أو حتى لمسوه عن طريق الخطأ.
وقد راح ضحية هذه الحادثة الكثير من الأشخاص في أحد الأديرة الإيطالية خلال القرن الخامس عشر. والسؤال المطروح، هو مدى إمكانية تكرار هذا السيناريو في الواقع، أم هو من نسج خيال الكاتب. وهل يمكن للمرء أن يموت فعلا مسموما بواسطة كتاب؟
وأوردت الصحيفة أن إحدى الدراسات الحديثة أكدت الحقيقة العلمية وراء إمكانية تسميم أحد عن طريق كتاب. وقد أثبتت هذه الدراسة أن ثلاثة كتب غريبة تناقش مواضيع تاريخية مختلفة في جامعة جنوب الدنمارك، تحتوي على كمية كبيرة من مادة الزرنيخ في أغلفتها الخارجية. ويعود تاريخ هذه الكتب إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وأشارت الصحيفة إلى أن المختصين قد اكتشفوا أن هذه الكتب سامة، بعد إجراء سلسلة من
تحاليل "فلورية الأشعة السينية". وتستخدم هذه التكنولوجيا تقنية تفريق الطاقة لتشتت فلورة الأشعة السينية، من أجل تحديد التركيب الكيميائي لمختلف أنواع المواد. ويعتمد العلماء على هذه التقنية في مجال علم الآثار وتاريخ الفن، للتحقق من العناصر الكيميائية في مادة السيراميك ولوحات الرسم التشكيلي.
وذكرت الصحيفة أن مؤلفي الدراسة، جاكوب بوفل هوك وكار لاند رامسون، قد أخذا الكتب إلى المختبر بعد أن اكتشفت المكتبة مسبقا أن أجزاء من
مخطوطات يعود تاريخها إلى فترة القرون الوسطى، مثل نسخ من القانون الروماني والقانون الكنسي، كانت تستخدم في تغليف هذه الكتب. وأضاف بوفل هوك ورامسون أن "أصحاب الكتب الأوروبيين في القرنين السادس والسابع عشر كانوا يعيدون استخدام المخطوطات القديمة لوضعها على أغلفة الكتب".
وأوضحت الصحيفة أن مؤلفي هذه الدراسة أكدوا أن هدفهم الأساسي يتمثل في التعرف على النصوص اللاتينية المستخدمة، أو حتى على الأقل التمكن من قراءة جزء منها. وقد أكد الباحثان أنه "من الصعب التمكن من قراءة النصوص اللاتينية المكتوبة على أغلفة المجلدات بسبب وجود طبقة سميكة من الصباغ الأخضر، الذي يحجب الحروف القديمة المكتوبة بخط اليد".
نتيجة لذلك، تم نقل الكتب بشكل فوري إلى المختبر من أجل التخلص من الصباغ الأخضر. وقد حلل الباحثان المواد الكيميائية للحبر على غرار الحديد والكالسيوم باستخدام تفريق الطاقة لتشتت فلورة الأشعة السينية، على أمل جعل هذه الكتب قابلة للقراءة.
وذكرت الصحيفة أن الأشعة السينية أكدت أن طبقة الصباغ الخضراء تتكون أساسا من مادة الزرنيخ، وهو عنصر كيميائي متواجد في الكثير من المركبات الكيميائية. ويعد الزرنيخ من أخطر المواد السامة، ويمكن أن يعرض حياة القارئ وصحته للخطر، على غرار تعزيز نمو الخلايا السرطانية وحتى الموت. كما يعتبر الزرنيخ معدنا طبيعيا منتشرا بكثرة، ويمكن دمجه مع مواد أخرى مثل الكربون والهيدروجين.
وتطرقت الصحيفة إلى الأعراض الدالة على التسمم بمعدن الزرنيخ، من بينها التهاب المعدة والأمعاء والغثيان بالإضافة إلى الإسهال وتغير لون الجلد والتهاب الرئة. ويعود مصدر الصباغ الأخضر الذي يحتوي على مادة الزرنيخ في الكتب الثلاث إلى العاصمة الفرنسية باريس، ومن بين أسمائه "أسيتات النحاس الثنائي". أما على المستوى الشعبي، يسمى هذا الطلاء باسم "الزمرد الأخضر" بفضل لونه الأخضر الجذاب الشبيه بلون الأحجار الكريمة.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن تاريخ إنتاج الصباغ الأخضر يعود إلى بداية القرن التاسع عشر في أوروبا. وقد عمد نخبة من الرسامين من رواد الحركة الانطباعية ورسامي ما بعد الانطباعية، إلى استخدام نسخ مختلفة من هذا الصباغ الأخضر في تحفهم الفنية. وهذا يعني أن بعض الأعمال الفنية الموجودة في العديد من المتاحف اليوم سامة.