صفقة القرن.. استوت على سوقها.. بقي لها فقط أن تؤتي أكلها أو تطرح في مزابل التاريخ، وكل ذلك متوقف على بذل كل طرف جهده وإصراره على إنفاذ إرادته. سمع بها العالم بهذا المسمى (صفقة القرن) من لسان عبد الفتاح السيسي وهو يجلس إلى جوار ترامب قاطعا على نفسه العهد ببذل الجهد لنجاحها، وإن كانت الصفقة كفكرة هي خطة
إسرائيلية تتطور منذو فكرة تبادل الأراضي مع جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن الماضي.. وإلى اليوم يدخل على الخط فيها من يبحث عن الرضى الإسرائيلي، حتى جاء الأكثر إخلاصا لإسرائيل في أمريكا كما في منطقة العربية، على جثة ربيع قتل في مهده، وحكومة إسرائيلية هي الأكثر تشددا، وسلطة
فلسطينية هي الأكثر انبطاحا، ومقاومة تعاني حصارا خانقا، وشعوبا عربية وإسلامية مقهورة.. إذن هو الوقت الأمثل.
أطراف الصفقة:
- الكيان الصهيوني (تُحقِق كل شروطه).
- الأردن (تُهدِد وجوده وما يزال متردد ويحاول أن يقاوم).
-
مصر (السيسي أكثر تحمسا، ويرى فيها ضمانة استمراره ويطمع بحصة مالية).
- السلطة الفلسطينية (دورها الوظيفي لخدمة الاحتلال والتنسيق الأمني المقدس لديها والعلاقات معه تعيقها عن العودة لمربع المقاومة الوطنية، وليس أمامها خيارات كثيرة).
رعاتها:
- ترامب وكوشنير (اعتقادا ومصالح انتخابية واقتصادية).
- السيسي (فهي ثمن سلطته وتعهدات قطعها على نفسه).
يمولها:
- ابن زايد (حنقا وحقدا).
- ابن سلمان (طمعا وطموحا).
المنفذون:
- مصر.
- الأردن.
- السلطة الفلسطينية.
- الكيان الصهيوني.
أهم المعوقات:
- القضايا الشائكة (القدس-ـ اللاجئين- حق العودة- الحدود- المستوطنات).
- المقاومة وسلاحها في غزة والضفة.
المحذورات:
- قد تكون سببا في انتفاضة فلسطينية تأخذ الأمور في اتجاه عكسي.
- التخوف من الهبة الشعبية العربية، والتي قد تطيح بالصفقة وفي طريقها أنظمة عربية متعاونة.
الفكرة:
تقوم الفكرة على وضع حل نهائي للقضية الفلسطينية، وإخراجها من كونها حالة صراع إلى وضع نهائي تكون معه إسرائيل أكثر استقرارا وأمنا، وتسهل دمجها في محيطها الإقليمي علانية، دون التنازل عن أراض أو التخلي عن نسب التفوق المرعب.
أدوات التنفيذ:
- في يقين الأمريكيين والإسرائيليين أن الأردن أنشئ لدور وظيفي لخدمة إسرائيل (حسب تعبير ليبرمان)، وأنه حان الوقت ليقوم بهذا الدور، ولو على حساب وجود المملكة نفسها بهذا الشكل، لتتطور (المملكة) في كيان جديد، وبشكل معدل في الأرض والأهداف ونظام الحكم.
- السيسي ما كان له أن يحكم ويجلس يوما واحدا لولا الدعم الأمريكي الإسرائيلي له، وأنه وصل في سحق الشعب المصري إلى مرحلة غير مسبوقة تمكّنه من تقديم أي تنازلات دون اعتبار لخوف من هبة الشعب، وتم تجريب ذلك بنجاح في تيران وصنافير، مع وعود بحصوله على ثمن ذلك ماليا (100 مليار دولار)، مما يخفف من آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة في مصر، ومساعدته على تمرير التنازل عن الأرض (وليست وعود السيسي للشعب بالتحسن الاقتصادي خلال فترات زمنية، وطلبه من الشعب أن يصبر، وهو مستمر في حالة القمع التي تطرد الاستثمار إلا انتظار للحظة قبض الثمن).
- رجالات السلطة سواء فريق أبو مازن أو دحلان تربطهم علاقات مع إسرائيل، بشكل يجعل من المستحيل عليهم العودة إلى مربع المقاومة ورفض الإملاء، وهم يعلمون ذلك ويقبلونه.
- ممالك الخليج في نظر ترامب بقرة حلوب ومخزن أموال لا تستطيع البقاء لأسبوع إذا رفعت عنها الحماية الإسرائيلية، ولذلك يجب أن تدفع كل ما هو مطلوب منها مقابل البقاء في الحكم أو الوصول إليه.
استراتيجية الصفقة:
الفقر لم يمنع غزة من التسلح، ولم يمنعها من خوض الحروب والقدرة على الثبات في وجه السلاح.. والحصار والحرب لم يُحدثا الأثر المطلوب في نفور الناس من برنامج المقاومة والانقلاب على حماس. وواضح أن قدرات فصائل المقاومة العسكرية تتطور، وأصبحت أكثر إيلاما، فكانت الاستراتيجية الجديدة المزمع تطبيقها هي صناعة حالة من الوفرة تنقل الناس إلى حالة الترف وما يتبعها من عيش الناس في رغد ورفاهية يملكون مقوماتها، مما سيجعلهم يمنعون أي أحد من أن يقوم بحماقات قد تؤدي إلى حرب تسبب لهم خسائر ضخمة وحرمانهم من حياة مترفة، بالإضافة إلى أن الوفرة والدخل المرتفع سيجذبان الكثير من الفلسطينيين للهجرة إلى غزة، طلبا لأسباب حياة كريمة، خاصة في ظل التضييق على الضفة وعلى عرب الـ48.
كيف ستتم صناعة حالة الوفرة؟
70 في المئة من احتياجات منطقة الخليج تأتي من أوروبا، وعليه فستتم صناعة حالة على الأرض بكل احتياجاتها لتكون جاهزة لاستقبال هذه التجارة الضخمة (ميناء عالمي في
سيناء- مطار دولي- طريق دولي جاهز إلى طابا مع الحدود)، وإعادة تصديرها إلى دول الخليج بتجاوز قناة السويس واختصار الوقت والتكلفة.
- من الممكن أن تكون طريقا لدخول المنتج الإسرائيلي إلى منطقة الخليج وتسريع عملية التطبيع الاقتصادي ودمج الكيان في محيطه.
- ومنها أيضا تتم مخاطبة أطماع السيسي بجزء من الكعكة، من خلال إقامة الجسر على خليج العقبة، ليكون المحور "ميناء الكيان الجديد- شرم الشيخ- الكوبري- الأراضي السعودية- بقية دول الخليج"، وتمر من خلاله التجارة المستهدفة.
- أيضا تمت مخاطبة الأردنيين من خلال عرض عمل نفق طابا العقبة بطول تسعة كيلومترات، لكي تمر هذه التجارة من خلال الأراضي الأردنية وما يترتب على ذلك من عوائد اقتصادية، كبديل عن كوبري شرم الشيخ. ولا تزال المفاضلة قائمة.
إذا أضفنا إلى إمكانية تحويل الكيان المزمع إلى مركز لتجارة الشرق الأوسط وأفريقيا. فأنت تتحدث عن كيان مزدهر اقتصاديا، جاذب للعمالة المستهدفة من داخل الخط الأخضر والضفة.