هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرا خاصا عن التحولات التي تحدث سريعا في المجتمع السعودي.
وقالت المجلة في التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، إن الفنانة أروى النعامي كانت كل عام تلتقط صور النساء في
مدينة ألعاب، حيث كانت تُظهر من خلالها هوس شرطة الأخلاق (هيئة الأمر بالمعروف).
وتضيف:
"فمثلا؛ على السفينة المتأرجحة كانت النساء يُجبرن على الجلوس في جانب منها
والرجال في الجانب المقابل، ولكن عندما بدأ الرجال والنساء برمي أرقام هواتفهم
لبعضهم البعض؛ قررت شرطة الأخلاق أن يركب الرجال في السفينة وحدهم والنساء وحدهن،
ثم تمت إضافة جوانب بلاستيكية غير شفافة وأضواء ساطعة لمنع الرجال من أكل النساء
بعيونهم".
وتتابع الفنانة السعودية: "لكن وفجأة العام
الماضي اختفى المطوعون، حيث فقدوا سلطتهم في فرض الأخلاق العامة. وأصبحت السعودية
هذه الأيام تروج للمرح؛ من احتفالات وموضة وفن ورياضة، فبدأت ضوابط القواعد
الاجتماعية تعمل بشكل عكسي، فبجانب صوت المؤذن يمكن سماع صوت الضحك غير المعهود".
في 24 حزيران/ يونيو؛ يتابع التقرير: "تغير كل
هذا وسمح للمرأة السعودية أن تجلس خلف مقود السيارة. وتقول الفنانة إنها وأخواتها
الأربع محتارات. فإحداهن تظن أن القيادة خطيرة جدا. وأخرى ستستغني عن السائق وتقوم
بأخذ أطفالها من المدرسة بنفسها. أما هي فقد قادت السيارة في الصحراء، ولكنها
ستنتظر حتى يخف الضغط على مدارس القيادة وتنخفض أسعارها".
ويتابع التقرير: "ولكن لا يزال أمام المرأة
السعودية مشوار طويل. فهي لا تزال خاضعة لولاية أمر الزوج أو القريب (الذكر)
للسماح لها بالسفر مثلا. ولكن السعودية أصبحت أقل اختلافا. والسعي نحو الطبيعي هو
جزء من محاولة لإعادة صياغة المجتمع السعودي بعيدا عن "التعاليم الإسلامية
المتعصبة"، مع تنويع الاقتصاد الذي اعتمد إلى حد الآن على النفط. وتعتبر
السعودية أكبر مصدر للنفط كما أن فيها أقدس مكانين في الإسلام، فالنجاح أو الفشل
سيؤثر على بقية العالم ابتداء من مجلس التعاون الخليجي".
اقرأ أيضا: صحيفة: تحالف جديد بين موسكو والرياض.. وهذه الدوافع
وينسب التقرير لمسؤول سعودي وصفه للأمر بالقول:
"أينما تذهب السعودية، سيتبعها مجلس التعاون الخليجي، وأينما يذهب مجلس التعاون
الخليجي سيتبعه العالم العربي، وأينما يذهب العالم العربي سيتبعه العالم الإسلامي".
ويتابع التقرير: "فتحت أول سينما عامة منذ 1979
في شهر نيسان/ إبريل الماضي في محطة مترو لم تفتح، وكانت قد صممتها المهندسة
المعمارية العراقية زها حديد. وكان أول فيلمين عُرضا هما "بلاك بانثر"
و"ذي أفينجرز: إنفنيتي وور"، وأكثر الجوانب إثارة تتمثل في أن الرجال
والنساء جلسوا معا في السينما".
ويضيف تقرير "الإيكونومست" قائلا:
"قد يظن السعوديون أنهم يعيشون فيلما خياليا، بطله محمد بن سلمان الذي تقول
عنه النعامي: "لقد فاجأ الناس بكسره لقواعد الإسلام المتطرف والدفع نحو الإسلام
المعتدل"، مضيفة أن الناس يخافون من غضب الله لكثرة الحرام وأن "بعض
النساء لا يستطعن التنفس عندما يتحدثن عن التغيرات. فأقول لهن: تذهبن إلى السينما
في دبي. فهل الله موجود في السعودية فقط وليس موجودا في دبي؟!".
وبحسب التقرير، فإن "معظم الشباب السعوديين
فرحون أيضا، فمثلا يبرز في أحد مولات التسوق مجموعة من الشباب الذين يرتدون
القمصان السود وقبعات "البيس بول"، وهذا أمر لم يكن بإمكانهم فعله قبل
سنة، إذ كان المطوعون سيمنعونهم من دخول المول بحسب فهد. وقال صديقه أحمد: "سابقا
كانت العقول مغلقة والآن أصبحت مفتوحة"، ولكن ليست مفتوحة بما يكفي لبعض
هؤلاء الشباب حد السماح لأخواتهم بالعمل في مكاتب مختلطة. وقال أحدهم إن سبب ذلك
هو أن عائلاتهم وقبائلهم ستقول لهم: "ألستم رجالا؟".
ويرى التقرير أن "رؤية 2030"، ركّزت على
إصلاح الاقتصاد، "ولكن يبدو أن التغيرات الاجتماعية تحصل أسرع من الإصلاحات
الاقتصادية".
اقرأ أيضا: ولي العهد السعودي يهنئ أردوغان بفوزه بالانتخابات
ويتحدث التقرير عن ولي العهد محمد بن سلمان بالقول
إنه "على خلاف الكثير من أترابه لم يتعلم في دولة غربية، ويرى نفسه مدافعا عن
الشباب (يشكل الشباب تحت سن الثلاثين غالبية المجتمع).
وتبدو تغييراته ثورة شبابية يقودها أمير من قصره بدلا من أن يقودها شباب غاضب يتظاهر في الشوارع.
وعموما نجت دول مجلس التعاون الخليجي من آثار الربيع العربي عام 2011، والفوضى التي عمت (حيث تم إخماد الاحتجاجات في البحرين). ولطالما علم حكام الخليج أنه ليس بإمكانهم الاعتماد على النفط إلى الأبد، ولكن كانوا يخشون من التغيير".
ومع أن محمد بن سلمان "يُنظر إليه كبطل"، بحسب التقرير، "إلا أن هناك جانبا إجراميا له، فهناك استبداد أكبر في البلد. وتم سجن الناقدين من كل التوجهات. وتم اعتقال عدة ناشطات حقوقيات في شهرا أيار/ مايو. وهناك ارتفاع حاد في عدد الإعدامات. كما أنه تم سجن مئات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق "الريتز". وتم الضغط عليهم لتسليم جزء من ثروتهم في ما سمي حملة مكافحة فساد، وهو ما يعلق عليه رجل أعمال سعودي بالقول: "لنا الحق في أن نرقص، ولكن ليس لنا حق التعبير".
وينسب التقرير لعبد الخالق عبدالله، الأكاديمي
الإماراتي المختص في العلوم السياسية قوله إن "العالم العربي يعيش "لحظة
الخليج" حيث أصبحت دول الخليج هي مركز الثقل في العالم العربي، بينما السيسي
ومستشاروه الذين سخروا من دول الخليج على أنها أنصاف دول تتعامل مع الأموال
كالأرز، أصبحوا يتسوّلون عند أقدام ملوك الخليج وسلاطينه"، ويتفاخر
عبدالله بأن "الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي يشكل 60% من الناتج
المحلي الإجمالي للعالم العربي، علما بأن تلك البلدان تحتوي فقط على 12% من عدد
سكان العالم العربي. وهي تنتج 24% من النفط الخام في العالم".
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: ابن سلمان رمى الفلسطينيين تحت الحافلة
وبحسب التقرير، "أصبحت الرياض مركز الدبلوماسية
العربية، وأصبحت دول الخليج من أكبر مستوردي الأسلحة الغربية، التي يتم استخدامها
في اليمن. كما أن هناك نهضة ثقافية، فقد اشترت دول الخليج عدة وسائل إعلام عربية،
وأطلقت عددا من القنوات الإخبارية الفضائية مثل "الجزيرة" التي مقرها
قطر. وهناك فرع لمتحف "اللوفر" في أبو ظبي، وتحتوي الدوحة على أفضل
متحف للفنون الإسلامية".
ويتساءل التقرير عن "سبب ارتفاع شأن دول الخليج
وما هي تداعيات ذلك؟"، ويجيب: "إنهم يقفون في هذا الموقف بسبب تداعي
قلاع القوة العربية القديمة. فالقاهرة تمر
بحالة ركود بعد الإطاحة بحسني مبارك عام 2011، وانقلاب السيسي عام 2013، ودمشق
تعاني من الحرب الأهلية وبغداد بدأت حديثا بالتعافي من صراعات متوالية".