نشرت صحيفة
"فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن فشل الدول الأوروبية في إيجاد حل
لأزمة اللاجئين، في ظل تباين المواقف بشأن هذا الملف الشائك، مما يزيد من صعوبة
مهمة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في وضع سياسة موحدة للاجئين.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن ميركل مصرة على إيجاد حل مناسب لقضية
اللاجئين، وترفض خطة هورست زيهوفر المناهضة للاجئين. ويبدو أن المصالح المتضاربة
لدول الاتحاد الأوروبي تحول دون التوافق مع ما تطمح إليه ميركل.
وذكرت الصحيفة أن
فرنسا
تلعب دورا مهما في هذه القضية لأنها تمثل نقطة عبور اللاجئين لبقية دول الاتحاد،
ولكنها تحولت منذ وقت قصير إلى طريق مسدود. وفي الوقت الحالي، يحاول المهاجرون
عبور الحدود الإيطالية الفرنسية على أمل انتقالهم إلى المملكة المتحدة. وما زاد
الطين بلة، إنشاء حزب شعبي ينبذ المهاجرين، ويتفق مع العبارة القائلة إن
"فرنسا لا تستطيع استيعاب كل بؤس العالم".
وأفادت الصحيفة بأن فرنسا تحتل المرتبة الثانية في
طلبات اللجوء بعد ألمانيا، ومن مجموع مائة ألف طلب لجوء لم يتم الموافقة سوى على
ربعها، مع العلم أنه لم يتم قبول سوى ستة آلاف منهم فقط للاستقرار في فرنسا. وقد
اتبع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سياسة
الهجرة الخاصة ببلاده شعار
"الإنسانية والصرامة"، ولكن بعد مرور سنة على فترة ولايته لم يبق من هذا
الشعار سوى نصفه الثاني. وحيال هذا الشأن، اقترح ماكرون توحيد قانون اللجوء وتعزير
الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وأوردت الصحيفة أن عدد
المهاجرين غير الشرعيين في إسبانيا كان قليلا نسبيا مقارنة ببقية الدول الأوروبية،
إذ تشدد البلاد حماية حدودها. ومع ذلك، استقبلت إسبانيا سنة 2017 المهاجرين الذين
رفضتهم
إيطاليا. وتعتمد إسبانيا على قانون صارم فيما يخص الهجرة غير الشرعية، حيث
ترسل المخالفين إلى معسكرات الاعتقال لمدة 75 يوما حتى تتخذ الحكومة قرارها
بشأنهم. وعلى الرغم من صرامة القوانين في إسبانيا، إلا أن ذلك لم يمنعها من
استقبال اللاجئين. ولا يوجد في إسبانيا حزب معاد للأجانب، ولا يزال موقفها بشأن
هذه القضية غير واضح.
أما في إيطاليا، فقد بلغت
نسبة طالبي اللجوء 2.5 بالمائة. ومؤخرا، تقلص عدد المهاجرين الوافدين إلى هذه
الدولة بشكل ملحوظ. فإلى
حدود سنة 2016 وصل إلى السواحل الإيطالية قرابة 20 ألف شخص، مقابل نحو 14.500
شخص خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2018. وخلال نفس الفترة من السنة
الماضية، بلغ عدد المهاجرين الوافدين إلى إيطاليا قرابة 65 ألف شخص.
وأوضحت الصحيفة أنه خلال
قمة الاتحاد الأوروبي ببروكسل، ستطالب روما بوضع قوانين توزيع جديدة للاجئين. وفي
الحقيقة، يرفض وزير الداخلية الإيطالي استقبال اللاجئين المرفوضين في ألمانيا. ومنذ
تولي حزب رابطة الشمال السلطة، تنتهج إيطاليا سياسة متشددة تجاه اللاجئين،حيث يتم
ترحيل كل من لا يملك ترخيص إقامة إلى بلده الأصلي.
وبينت الصحيفة أن
اليونان أصبحت من البلدان الرئيسية التي يلجأ إليها المهاجرون،
خاصة خلال سنة 2018. وتدعو اليونان إلى إنشاء نظام لتوزيع المهاجرين في كامل
أوروبا من أجل التخفيف من هذا العبء. كما ترغب الحكومة
اليونانية في أن يساهم الاتحاد الأوروبي في رعاية المهاجرينمن
خلال تقديم الدعم المالي، بالإضافة إلى حسن تأمين الحدود.
وأبرزت الصحيفة أن طلبات
اللجوء في النمسا انخفضت بشكل كبير من 88 ألف طلب سنة 2015 إلى ما يقارب
25 ألف سنة 2017. وبحلول
نهاية شهر نيسان/ أبريل، تم دراسة 5011 طلب لجوء فقط، ومازالت نسبة قبول
اللاجئين في النمسا قليلة جدا.
ونقلت الصحيفة
عن المستشار النمساوي، سيباستيان كورتس، أنه "على الاتحاد الأوروبي
منع دخول المزيد من اللاجئين قبل أن يبدأ في توزيع بقية اللاجئين على
كل البلدان الأوروبية". كما اقترح المستشار أن يتم استقبال اللاجئين مؤقتا في
أوروبا، ثم ترحيلهم إلى دول أخرى مثل تونس والنيجر.
وبينت الصحيفة أن بلدان
"رباعية فيشيغراد" (بولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا)
متفقة على السياسة التي تريد اعتمادها بشأن هذا الملف، حيث ترفض القبول
الإجباري لتوزيع اللاجئين. في المقابل، تدعو هذه الكتلة إلى قبول اللاجئين على
أساس طوعي وتدعو إلى تكوين شرطة حدودية واستخدامها إذا لزم الأمر ضد إرادة
بقية البلدان الأوروبية، إذا لم تلتزم بالاتفاقات المبرمة.
وأكدت الصحيفة أن المجر
تصر على حسن حماية الحدود الأوروبية والانفاق على تسييجها، وهو ما
اعتبرته مساهمة ملموسة في أزمة الهجرة. وتصر المجر على تكليف وكالة
"فرونتاكس" بمسألة ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم.
أما هولندا التي استقبلت
31 ألف لاجئ سنة 2017، فترغب في تنظيم الهجرة بطريقة
"أوروبية"داعية إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة. كما تطالب
هولندا بضرورة تعقيد إجراءات السفر بين دول الاتحاد الأوروبي على
اللاجئين، لأن عددا كبيرا منهم عبر ألمانيا أو بلجيكا ليستقر في
هولندا. وتدعو هولندا إلى التفاوض مع بلدان أخرى لاستقبال اللاجئين مثل
تركيا.
وذكرت الصحيفة
أن السويد كانت من بين البلدان التي تدعو إلى استقبال اللاجئين
وتطالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير قسرية ضد الدول التي ترفض ذلك. وقد استقبلت
السويد حوالي 163 ألف طلب لجوء. وفي الآونة الأخيرة، بدأت السويد في اتخاذ
إجراءات أكثر تشددا لحماية حدودها. أماالدنمارك، فتقف إلى
جانب النمسا وتدعو إلى رفض طلبات اللجوء واتخاذ قرارات صارمة.