توسعت الصحافة
الإسرائيلية فجر الاثنين في الحديث عن تطور ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة التي
يطلقها الفلسطينيون من قطاع
غزة باتجاه المزارع والحقول الإسرائيلية، وتزايد الغضب
على الحكومة وجيش الاحتلال، واتهامهما بالعجز عن مواجهتها.
فقد ذكرت صحيفة "
إسرائيل
اليوم" أن "مسؤولين كبارا في الجيش حذروا من أنهم لن يترددوا بتنفيذ سلسلة
اغتيالات ضد مطلقي هذه الطائرات، بعد يوم حافل بالحرائق شهدته مزارع وحقول غلاف
غزة، وأنهم سيرفعون درجة ردودهم على هذه الطائرات أكثر من السابق، وسط تحذيرات
مضادة من داخل الجيش تفيد بأن العودة لسياسة الاغتيالات كفيلة بتحويل فصل الصيف
إلى موسم للقذائف الصاروخية من غزة باتجاه إسرائيل".
وأضافت الصحيفة في
التقرير الذي ترجمته "
عربي21" أن "لسان حال الجيش في موقفه من
الطائرات الورقية من غزة يتلخص بعبارة "نريد الرد لكننا نخشى التصعيد"،
رغم أنه قد يذهب باتجاه تنفيذ اغتيالات من الجو لكل من يطلق هذه الطائرات، بعد أن
أطلق في الأيام الماضية قذائف تحذيرية وقعت على مسافة قصيرة من مطلقيها في رسائل
تخويفية لم تنجح في ردعهم بعد".
وأوضحت أن "هناك
سلسلة ردود في جعبة الجيش لم يستخدمها لكبح جماح هذه الظاهرة، لكن الخشية
والمسؤولية الملقاة على عاتق قيادته تجعله لا يتسرع نحو استعادة مشاهد صيف 2014،
وتدهور الوضع الأمني في غزة، لأن إسرائيل ليس لديها مصلحة في الوصول لهذا الوضع
الصعب".
وختمت بالقول إن
"المصلحة الإسرائيلية تتركز حاليا في استكمال بناء الجدار الواقي التحت أرضي
شرق قطاع غزة، لمواجهة تهديد الأنفاق، بحيث أن الانتهاء منه سيجعل الجيش في موقف
عملياتي أفضل تحسبا لاندلاع أي مواجهة عسكرية في القطاع، ليس هناك مشكلة في اغتيال
من يطلق الطائرات الورقية، لكن الخطورة تكمن في ردود الفعل الفلسطينية المتوقعة من
الجنوب".
وقال روني دانيئيل،
الخبير العسكري الإسرائيلي في القناة 12، إن "البديل عن ظاهرة الطائرات
الورقية المشتعلة هو اندلاع حرب مع حماس في غزة، ناقلا عن ضابط رفيع المستوى في
قيادة المنطقة الجنوبية خلال اجتماعه برؤساء التجمعات الاستيطانية في غلاف غزة أن
أي رد فعل إسرائيلي عنيف على الطائرات الورقية ستجلب ردود فعل تصعيدية فلسطينية،
في حين أنكم لا تريدون هذا التصعيد".
وأضاف في
تحليل عسكري
ترجمته "
عربي21" أنه "بعد أيام من سلسلة حرائق كبيرة طالت عشرات
الدونمات الزراعية، فقد أبلغ وزير الحرب أفيغدور ليبرمان أوساطا في غلاف غزة بأن
إسرائيل ستنتقل لمرحلة أكثر قسوة في التعامل مع هذه الظاهرة، بحيث أننا قد نصل
لتنفيذ جملة اغتيالات وتصفيات ضد من يطلقها".
وأوضح أن "الجيش
نظر لهذه المشكلة في بدايتها على أنها إشكال تكتيكي وليس استراتيجيا، ولذلك اقتصرت
ردوده عليها في إطلاق النار التحذيري ضد من يقوم بها، ثم وصل حد القصف الجوي
القريب منهم".
وختم بالقول إن
"الجيش يسير تحت محدد أساسي للمستوى السياسي مفاده عدم الوصول لمرحلة من
التدهور العسكري الواسع في غزة، لكن الأوضاع الميدانية لا تساعد على ذلك، فالأرض
تسخن وتشتعل مع الحرائق، ما يجعل الجيش يعتقد مع مرور الوقت بأن جولة تصعيدية أخرى
كبيرة باتت في الطريق".
أما المراسل العسكري
لصحيفة
معاريف، تال ليف-رام، فقال إن "الأضرار الناجمة عن حرائق الطائرات
الورقية في غلاف غزة خلال الأسابيع الماضية تزيد في خطورتها عن الحرائق التي
اندلعت خلال حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014، حيث بلغت مساحتها 25 ألف دونم من
الحقول الزراعية والمحميات الطبيعية والغابات، في حين أن مساحة الحرائق في تلك
الحرب بلغت 3500 دونم، نتيجة سقوط القذائف الصاروخية المنطلقة من غزة".
وأضاف في مقال ترجمته
"
عربي21" أننا "بتنا أمام عمليات تخريبية تشكل خطرا على المستوطنين،
والجيش ينوي التعامل معها بمستوى عال من القوة والحسم، بكل ما يتطلب الأمر، وحماس
هي المسؤولة عن كل ما يحصل في القطاع، وما يخرج منه، وهي من ستتحمل التبعات".
من جهة أخرى، قال القائد
السابق لفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، الجنرال تشيكو تامير، إنه "لا يستطيع
إرسال رسائل تفاؤلية في ما يتعلق بالوضع القائم في القطاع، لأن شيئا حقيقيا لم
يتغير هناك منذ الانسحاب منه قبل 13 عاما، فقط ما يتغير هو شكل التهديد الأمني،
وطبيعته".
وأضاف في حوار نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "
عربي21" أن "إسرائيل تملك القوة التي
تجعلنا نصل للهدوء الكامل، لكننا بحاجة لشرعية دولية تمنحنا الغطاء اللازم لهذه
العملية العسكرية، وإلا فإنها ستكون في غير صالحنا لأنها ستكبح جماحنا، والنقطة
الثانية أننا لا نريد المخاطرة بحياة جنودنا".
وأشار إلى أن "هذا ما
يحصل مع مطلقي الطائرات الورقية اليوم، ففي الوقت الذي نصل فيه لاغتيالهم سنصطدم
بحائط الشرعية الدولية، وفي حين أن حماس تشد خيط الطائرات أكثر يوما بعد يوم، فإن
الجيش الإسرائيلي يزيد من قوته وردة فعله ضدها، وهكذا سيستمر الوضع حتى يتم إيجاد
حل جذري لهذه الظاهرة".
وختم بالقول إن
"مصلحتنا تكمن في توفير هدوء لمستوطني غلاف غزة، وليس تغيير النظام الحاكم في
غزة، إسقاط حماس والإتيان بغيرها قرار استراتيجي ثقيل العيار، لا أظن أن لدى
إسرائيل مصلحة في التورط في غزة تحت هذا العنوان".