هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبقت الحكومة المصرية ارتفاع
أسعار الوقود بإصدار بيان وصفته الحكومة بالإيجابي، فيما وصفه خبراء
اقتصاديون بالهزيل، عن انخفاض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين؛ لإفساح
المجال أمام الزيادة المقبلة في الأسعار.
وانخفض التضخم بالمدن
المصرية، إلى 11.4 بالمئة في أيار/ مايو من 13.1 بالمئة في نيسان/ أبريل، وفق
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما ارتفع معدل التضخم الشهري 0.3%
لشهر أيار/ مايو مقابل شهر نيسان/ أبريل من العام ذاته.
وانتقد محللون ماليون،
وخبراء اقتصاديون، تحدثوا لـ"عربي21"، تلاعب الحكومة المصرية بالألفاظ،
وتسويق تلك الأرقام للمواطنين على أنها انخفاض في الأسعار؛ لإرضاء صندوق النقد
الدولي، في حين أنها ما تزال مرتفعة، وترتفع بسبب سياسة الحكومة الاقتصادية في رفع
الدعم.
وتوقع صندوق النقد في
تقرير، في كانون الثاني/ يناير، أن ينخفض التضخم إلى 12 بالمئة بحلول حزيران/ يونيو، وإلى معدل في خانة الآحاد بحلول 2019.
"تلاعب"
وانتقد المحلل المالي،
وائل النحاس، في تصريحات لـ"عربي21"، تحايل الحكومة وتلاعبها بالألفاظ،
قائلا: "ما يتم الإعلان عنه ليس مؤشرا على انخفاض الأسعار، وما تم
الإعلان عنه هو التضخم السنوي مقارنة بأسعار العام الماضي".
مضيفا أن "ما يتم
الإعلان عنه هو تضخم مستعار، فلا القوة الشرائية للجنيه زادت، ولا دخل المواطن
زاد، ولا الأسعار انخفضت، بل على العكس، فمصر تواجه نوعين من ارتفاع الأسعار؛ المستورد والمحلي، وهو تضخم مزدوج".
وذهب إلى القول بأن
"تحويل نسبة التضخم من سنوي إلى شهري على أساس أنه انخفاض هو تلاعب
بالألفاظ؛ حتى ترضي الحكومة صندوق النقد الدولي، والمواطن يعلم حقيقة أن
المؤشر لا يعنيه في شيء، فهو طيلة الوقت يعيش في حالة تضخم".
وتوقع النحاس ألّا ترفع
الحكومة المصرية أسعار الوقود دفعة واحدة للرقم المستهدف، قائلا: "مصر سوف
تتراجع عن رفع الوقود إلى 50 بالمئة دفعة واحدة، كما كان مقررا، وستلجأ إلى رفعه
على دفعتين في يوليو وديسمبر إلى 25 بالمئة في كل مرة؛ حتى لا يحدث ارتفاع مفاجئ
في الأسعار، أو مغالاة غير مبررة".
حقيقة
انخفاض التضخم
وكشف أستاذ الاقتصاد
وإدارة البنوك، شريف حسن قاسم، لـ"عربي21"، أن "نزول التضخم لا يعني
هبوط الأسعار؛ فانخفاض التضخم يعني أنه ما زال هناك تضخم، وبالتالي زيادة في
الأسعار، ومعناه أن معدل ارتفاع الأسعار قلت وتيرته، فلو أن هناك تضخما من رقم 1
بالمئة فهذا يعني أن الأسعار ما تزال ترتفع، فما بالك أنها ما زالت في خانة
العشرات".
مضيفا: "ناهيك عن أنهم
يعتبرون أن لكل سلعة وزنا نسبيا وتأثيرا مختلفا في الحساب، فمثلا يتم احتساب الخبز
المدعم الذي تستخدمه شريحة واسعة من المصريين على أنه سلعة لم ترتفع كوزن
نسبي"، مشيرا إلى أن "الأرقام هي اقتصادية فنية بحتة لا تعني أبدا
انخفاض الأسعار، إنما كما أسلفنا أن معدل زيادة الأسعار انخفضت وتيرته".
واعتبر أن "انخفاض
معدل زيادة التضخم ليس مبررا للدولة في زيادة أسعار الوقود حتى تعيد وتشعله مرة
أخرى، وعلى الحكومة أن تضع نصب عينيها تحقيق المزيد من الانخفاض وليس استغلال
انخفاض معدل التضخم؛ فرفع أسعار الوقود والطاقة والكهرباء سيعيد معدلات التضخم
والأسعار إلى التضاعف"، مشيرا إلى أنه "في نهاية المطاف لن يوجد تحسن في
مستوى معيشة المواطن، وستظل البيانات الحكومية أرقاما فنية، ولكن معناها لدى
المواطنين أن الأسعار لا تزال مرتفعة".
"مدرسة
في الخداع"
من جهته، قال المستشار الاقتصادي الدولي، حسام
الشاذلي، لـ"عربي21": "لا شك أن المنظومة الاقتصادية المصرية باتت
محورا للتحليل والنقد في كل الدوائر الاقتصادية العالمية، حيث إنها باتت تمثل مدرسة
في الخداع الاقتصادي والمالي، الذي يوظف كل العوامل المتاحة من أجل بعث رسائل غير
واقعية على المستويين المحلي والدولي".
وأضاف: "عندما تخرج
علينا المنظومة الاقتصادية، التي يديرها النظام العسكري الحاكم في مصر،
مدعية أن معدلات التضخم انخفضت في شهر أيار/ مايو عن نظيرتها في نيسان/ أبريل، وذلك دون
أدنى ذكر لاتفاقيات تأجيل استحقاقات القروض الكويتية والإماراتية، التي تتعدي 8
مليارات دولار، يجب أن نعي أن عملية إعادة هيكلة الديون مع تأجيل استحقاقاتها تضخ
أرقاما كاذبة في المنظومة، وتعطي مؤشرات غير حقيقية تماما".
ورأى أن "عدم ربط أي
تعاف للمنظومة بمؤشرات البطالة والإنتاج، حيث لا يمكن اعتبار الحديث عن تراجع
معدلات التضخم إلا جزءا من آليات منظومة الاقتصاد المسموم في مصر، والتي تعتمد على
التلاعب بأرقام الاقتصاد الكلي المبنية على القروض والمديونية".
اقرأ أيضا: المصريون على موعد مع موجة جديدة من الغلاء.. ماذا ستشمل؟