هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني، الثلاثاء، تقريرا سلط من خلاله الضوء على حادثة اندلاع النيران في عدد من صناديق الاقتراع في بغداد، وهو ما يعد نهاية مأساوية لانتخابات دارت في ظروف سيئة.
وقال في تقريره ترجمته "عربي21" إنه "على الرغم من أن إجراء انتخابات جديدة في ظل هذه الظروف أصبح أمرا حتميا، إلا أن ذلك قد يؤدي في الآن ذاته إلى تقسيم البلاد".
وأوضح الموقع أنه في الوقت الذي كان فيه الدخان يتصاعد بكثافة من إحدى مخازن صناديق الاقتراع، كان الأهالي المطلعون على الشأن السياسي على يقين بأن جزءا كبيرا من الأصوات لن يُعاد فرزها بعد أن التهمت النيران جزءا كبيرا من صناديق الاقتراع. تجدر الإشارة إلى الانتخابات البرلمانية العراقية عُقدت في منتصف شهر أيار/ مايو الماضي.
اقرأ أيضا: ما إمكانية إعادة انتخابات العراق بعد حرق صناديق الاقتراع؟
وبيّن أن الأطراف الخاسرة في الانتخابات قدمت منذ أسابيع طعنا في النتائج، مما دفع بها إلى الدعوة لإجراء انتخابات جديدة. كما تواترت الشائعات، في الآونة الأخيرة، بشأن تزوير الانتخابات. وردا على ذلك، صوت البرلمان العراقي خلال الأسبوع الماضي لصالح إعادة فرز الأصوات، وهو أمر بات مستبعدا بعد اندلاع الحريق.
وتساءل الموقع حول ما إذا كان الحريق صدفة مأساوية، لتأتي الإجابة على لسان بعض السياسيين العراقيين الذين أوضحوا أنهم لا يعتقدون أن هذه الحادثة وليدة الصدفة، وهو ما أكده رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري.
وقد أفاد الجبوري بأن "الحريق يعتبر جريمة متعمدة ومدبرة تهدف إلى التغطية على الاحتيال والتلاعب الذي شاب نتائج الانتخابات". كما دعا رئيس مجلس النواب العراقي إلى إجراء انتخابات جديدة في أعقاب اندلاع الحريق. من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي، عبد الهادي السعداوي، أن الحريق متعمد.
وأورد الموقع أن حريق مخزن صناديق الاقتراع يمثل إحدى نتائج عملية انتخابية دارت في ظروف سيئة.
وقد صرح رئيس مكتب مؤسسة كونراد أديناور في سوريا والعراق، نيلس فورمر، أن "الانتخابات البرلمانية العراقية كانت مخيبة للآمال بعد أن تبين أن نسبة الإقبال على مكاتب الاقتراع كانت ضعيفة".
وقال فورمر إنه "بعد نجاح العراق في القضاء على تنظيم الدولة، لم يقصد عدد كبير من العراقيين مكاتب الاقتراع نظرا لأنهم لم يدركوا أهمية الاستحقاق الانتخابي على خلفية فقدانهم الثقة في كافة الوجوه السياسية التي سيّرت دواليب الدولة. فمن وجهة نظر طيف واسع من الشعب العراقي، لا يمكن للأطراف التي فشلت في التصدي للفساد المتفشي في البلاد أن تتولى مناصب حساسة مجددا".
وأضاف الموقع أن اندلاع الحريق في مخزن صناديق الاقتراع جاء في الوقت الذي بلغ فيه انعدام الثقة بين مختلف الأحزاب السياسية المشتركة في الصراع الانتخابي ذروته. وتحيل الكثير من المؤشرات إلى أن نظام التصويت الإلكتروني، الذي بدا مُحصّنا ضد أي إمكانية للتزوير، كان محل تلاعب من قبل بعض الأطراف.
في المقابل، قد تزيد الانتخابات الجديدة المناخ السياسي توترا. فمنذ أيام، حذّر رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، رياض البدران، من قيام حرب أهلية في صورة إلغاء نتائج الانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال شهر أيار/ مايو الماضي، استبعد البدران إمكانية إلغاء هذه النتائج. أما رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، فأكد أن إعادة فرز الأصوات قد تجعل الفوضى تعم البلاد. ولاحقا، رجّح العبادي احتمال التلاعب بأصوات الناخبين.
وذكر الموقع وجهة نظر نيلس فورمر الذي يرى أنه "وبغض النظر عن الدعوة إلى عقد انتخابات جديدة، قد يؤدي الحريق الذي شبّ في مخزن صناديق الاقتراع إلى احتدام الخلاف بين أنصار مختلف الأحزاب العراقية. وقد تتحول الانتخابات البرلمانية العراقية برمتها إلى كارثة خاصة بعد أن أصبحت عملية إعادة فرز الأصوات يدويا أمرا مستحيلا.
وعلى ضوء هذه المعطيات، قد يصبح المجال مفتوحا أمام نظرية المؤامرة وتراشق الاتهامات بين مختلف الأطراف السياسية، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المستقبل السياسي للعراق على المحك.
ونوه الموقع إلى أنه قُبيل إجراء الانتخابات، أكدت الأحزاب السنية أنها غير جاهزة للاستحقاق الانتخابي نظرا لأنها تفتقر للشخصيات السياسية القادرة على الترشح. نتيجة لذلك، اضطر العراقيون، وخاصة الشباب منهم، للتصويت لفائدة الوجوه السياسية القديمة، التي سيرت دواليب الدولة في السابق ولم تنجح سوى في تقسيم البلاد على أسس دينية.
اقرأ أيضا: وزير داخلية العراق: هذا وضع صناديق الاقتراع بعد الحرق (شاهد)
علاوة على ذلك، يرى الشباب العراقي أن القضاء على الطائفية يمثل الطريق الوحيد نحو تحقيق الازدهار الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي يعد شرطا أساسيا لرسم مستقبل الشباب وبلوغ طموحاتهم على غرار الزواج وتكوين عائلة، فضلا عن تحقيق الاستقلال السياسي. مع ذلك، عجلت آمال الشباب بإجراء انتخابات فاشلة.
وقال الموقع نقلا عن نيلس فورمر إنه "في حال تقرر إجراء انتخابات جديدة، فيجب تنظيمها بشكل مختلف هذه المرة. كما من الضروري أن تشهد هذه الانتخابات إقبالا مكثفا من قبل العراقيين. وفي حال تحصل 50 بالمائة من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب على بطاقة ناخب وقصد نصفهم مكاتب الاقتراع، فستكون نتائج الانتخابات القادمة أفضل".
وفي الختام، أضاف فورمر أن "الانتخابات البرلمانية القادمة يجب أن تدور في مناخ أكثر شفافية وبعيدا عن شبهات التزوير. وفي حال أُجريت الانتخابات على الشاكلة ذاتها، فمن المحتمل أن تشهد توظيف نفس الآليات، التي قد تؤدي إلى تزوير النتائج مجددا".